عادي

كرة القدم تنجح بما فشلت فيه السياسة.. «أسود الأطلس» يوحد المسلمين والعرب وإفريقيا خلفه

15:26 مساء
قراءة 3 دقائق

تجاوز وصول المنتخب المغربي لكرة القدم إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022 حدود ما هو كروي ورياضي، إذ أثار مشاعر الوحدة العربية والإفريقية والتضامن العربي الإسلامي لتنجح الكرة في لم شمل ما فرقته السياسة.

واستطاع المنتخب المغربي بقيادة مدربه وليد الركراكي أن يصل لأول مرة في تاريخه وتاريخ العرب والأفارقة إلى هذا الدور المتقدم في هذا المحفل الرياضي العالمي، بعد تعادله في أولى مبارياته مع كرواتيا قبل أن ينتفض محققا انتصارين متتاليين على بلجيكا وكندا في الدور الأول ليتصدر المجموعة السادسة بسبع نقاط.

وفي دور الستة عشر حقق منتخب (أسود الأطلس) مفاجأة كبرى بالفوز على المنتخب الإسباني، الفائز بكأس العالم عام 2010، بركلات الترجيح قبل أن يتغلب على البرتغال في دور الثمانية. ومن المنتظر أن يواجه المنتخب المغربي فرنسا الأربعاء.

وأثنى العديد من المحللين والمتابعين على الروح القتالية التي يلعب بها الفريق المغربي المكون من لاعبين محليين وآخرين يلعبون في دوريات أوروبية كبرى لكنهم فضلوا تمثيل بلادهم رغم تلقيهم عروضاً بتمثيل البلاد التي يلعبون فيها.

كما أشادوا بخطط الركراكي المحكمة للانتصار على أقوى الفرق الأوربية التي واجهها المنتخب، والتي كانت من ضمن المرشحين للفوز بكأس العالم في نسخته الحالية.

فرحة عربية شاملة

انتصارات الفريق المغربي التي لم تتحقق منذ مشاركته في المكسيك 1986، عندما فاز على البرتغال وتأهل إلى الدور الثاني، لم تُخرج المغاربة فحسب إلى الشوارع للاحتفال بنشوة النصر،وإنما أدخلت السرور على نفوس العرب جميعاً.

واحتفلت الدول العربية كافة بإنجاز«الأسود»مثلما ظهر جلياً في مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتلقى العاهل المغربي الملك محمد السادس التهاني من رؤساء دول عربية وإفريقية بفوز المنتخب المغربي.

وهنأ رجل الأعمال الأمريكي ومالك تويتر الجديد إيلون ماسك المنتخب المغربي لتأهله للدور قبل النهائي، كما هنأه السفير الأمريكي في الرباط وظهر وهو يرتدي قميص المنتخب المغربي خاتماً تهنئته بعبارة «سير سير» التي تشتعل بها مدرجات الدوحة لتحفيز المنتخب وتعني «امض قدماً لتسجيل الأهداف».

وحدة من نافذة الرياضة

واعتبر محسن بنزاكور أستاذ في علم النفس الاجتماعي في تصريح لرويترز «هذه الفرحة المغربية العربية لا يمكن حصرها في الجانب الرياضي فقط، لأن الجانب الرياضي يمكن أن يعبر عنه الإنسان فقط بالتهاني وانتهى الأمر، لكن أن تخرج الشعوب إلى الشوارع وأن تهدي الحلويات وترفع الأعلام.. وغيرها، سيكون من الغباء أن نتحدث عن فرحة كروية فقط، هناك أشياء لابد من الوقوف عندها».

وأضاف أن للأمر بعدين «بعد الوحدة العربية حيث تبين أنها لازالت في العقول وفي العواطف وتنتظر فقط من يحققها».

وأفاد بأن البعد الثاني «هو أن العالم العربي يعيش احباطات تأسست على المستوى الاقتصادي والسياسي، ولكن أيضا على مستوى كرة القدم، فالعالم العربي كان يُنظر إليه على أن له فرقاً صغرى وأنها لم تحقق أبدا حتى الصعود إلى الدور الأول».

وأضاف بنزاكور «هذا الإقصاء النفسي والإعلامي كان دائماً حاضراً وبالتالي جاء هذا الانتصار لرد الاعتبار بأننا لسنا أقل قدرة أو كفاءة من الآخرين، وتجاوز عقدة الدونية».

من جهته قال محمد مصباح الخبير في علم الاجتماع السياسي ورئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات لرويترز«نجاح المغرب في كأس العالم بقطر أعاد الشعور بالهوية الجهوية والاقليمية العربية، ولو بدا كأنها خبت فيما مضى، لكنها برزت بقوة في كأس العالم هذه».

وأضاف «هذه أول مرة تجمعنا كرة القدم وهذه قضية مفرحة وليست كالأزمات السياسية».

درس في الترابط الأسري

ويرى محللون أن المنتخب المغربي لم يعط درساً في اللعب الجيد وتحقيق النصر فقط وإنما أعطى دروساً للعالم، خاصة الغربي، في القيم والارتباط الأسري.

ودللوا على ذلك بما قاله مذيع ألماني من أن «هذه المشاهد الحميمية مع العائلة لم نعد نراها في مجتمعاتنا الغربية التي تسودها الأنانية والمثلية الجنسية واندثار مفهوم الأسرة»، في إشارة إلى مشاهد معانقة بعض اللاعبين كأشرف حكيمي وسفيان بوفال وحكيم زياش لأمهاتهم وتقبيلهن بعد انتهاء المباريات.

وقال بنزاكور «الذي لا نستطيع أن ننكره هو أنه رغم أن هؤلاء تربوا في الدول الغربية استطاعوا أن يحافظوا على لحمة الأسرة وهذا ما تحدث عنه الإعلام الألماني».

وأضاف أن الفضل في تشبث هؤلاء اللاعبين بهويتهم «يرجع إلى الأمهات بالأساس والآباء حتى لا نبخسهم حقهم.. هذا الذي فرح بحضن أمه وسط الجماهير العربية، لم يترب في بيئة مغربية بل في أوروبا، لكن الأم هي من تحافظ على هذه اللحمة».

وأنهى بما عبر عنه اعلامي ألماني «نحن نلقي بوالدينا في دور العجزة ونحتاج فقط إلى هذا العناق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/f8wmyekz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"