الاقتناع الذاتي

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يعمل الكون الشّاسع من حولنا بنظام محدد ودقيق، فكل شيءٍ بما فيه ذواتنا يعمل بنظام خاص به لدعم الاستمرارية والبقاء والتقدم للوصول للنجاح، وتحقيق الذات لا يخفى علينا، فالأنظمة التي نسير عليها ونطبقها بحياتنا تؤهلنا لنواكب المسير إلى الأمام دائماً، ولكن علينا أن نعلم أن الاقتناع له أسراره المهمة وخباياه الغامضة.
فهو الاكتفاء والرضى بما أنجزناه وحققناه، ولكنه يكمن في تحديد ذاتيته، فهو سيكون ضاراً للفرد عندما يخاف من التقدم الذي يؤثر في شخصيته ويعمل على صقلها، وبهذا سنرتكب خطأ جسيماً في حق أنفسنا، فالاقتناع الذاتي يأتي أولاً من معرفتنا لأشخاصنا وإمكانياتنا وقدراتنا وعدم مقارنتها بتقدم الآخرين لأن النظر في إنجازات الآخرين يُبطئ من وتيرة تقدم خطواتنا الواثقة، الاقتناع بما لدينا والعمل على تطوير مهاراتنا ومعارفنا ومعلوماتنا وقدراتنا التي تضمن لنا التقدم حتى لو كانت حركتنا لا تسير بالسرعة التي نطمح لها أو لا تلفت انتباه الآخرين.
فهو يعد من أهم المسائل التي تختصر الزمن وتقلل الجهد وتسهل الطرق الوعرة لتحقيق أي هدف من الأهداف أو الوصول للنتائج المرجوة لأي عمل أو مهمة مُستعصية، فهو الفيصل لحسم الكثير من القضايا التي تصول وتجول في خواطر النفس البشرية بعيداً عن تأثير الآخرين في فرض الأراء والتعبيرات الذاتية والالتزام بها.
فإذا تأصل الاقتناع الذاتي بالرغم من كل التأثيرات التي يمارسها علينا الآخرون يُصبح الامتثال والالتزام بمتطلبات الحياة ثابتاً لا يتزعزع ولا يتحرك من مكانه، لأنه يولد الرغبة ويقوي الإرادة ويرفد العزيمة للوصول لنتيجة مرضية وغاية تنتهي إلى هدف منشود، فأهمية الاقتناع الذّاتي تتمثل في تحقيق الأهداف الدنيوية ومطالبها سواء كان ذلك معنوياً كقواعد الأخلاق والمجاملات أو التقاليد والأعراف التي بدورها تكون سبباً في تحقيق وجود مجتمع متحضر يُحقق آماله وطموحاته بنفسه، أو حتى لو كانت تلك المطالب مادية أو محسوسة كقواعد الالتزام بالأنظمة والتعليمات التي تفرض لمصلحة الشعوب والارتقاء بها وتطويرها نحو الأفضل والأحسن.
فعلينا إذا أردنا تقوية الاقتناع الذّاتي أن نحرص على تعزيز كافة مكامن قوة شخصيتنا، فالتحدث ومُخاطبة ذاتنا بكل ما هو إيجابي، يصل بنا إلى نتيجة فاعلة ومرضية، فصاحب القناعة الثابتة والراسخة يبقى واثقاً بنفسه ماضياً قُدماً نحو الأهداف والطّموحات التي يسمو لها مما يرفدها بالقوة والمنْعَة، فالتركيز على إنجازات الآخرين وطموحاتهم يشتت أذهاننا ويعمل على هدر طاقاتها ويستنزف ما لدينا من إمكانيات وقدرات ويجعلها تذهب أدراج الرياح بغير رجعةٍ.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx493s5

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"