عادي

الجناية 2 - 4

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

سبق أن عرّفنا القتل العمد بأنه الضرب بمحدد أو غير محدد، لكنه ينفذ إلى داخل البدن فيقطع البدن، أو ينزل بثقله فيؤدي إلى زهوق الروح على رأي الجمهور.

والقتل شبه العمد عند الجمهور هو أن يقصد الفعل والشخص، لكن بما لا يقتل غالباً كالضرب بالسوط أو العصا الصغيرة فيؤدي إلى موته، انظر «حاشية ابن عابدين» ج5 - ص 341، و«القليوبي» ج4 - ص96، «وكشاف القناع» ج5 - ص512.

وذهب المالكية إلى أن شبه العمد هو أن يقصد الضرب ولا يقصد القتل، فالمشهور على أنه كالقتل العمد، لأن العمدية واضحة، انظر: «القوانين الفقهية» ص 933.

والقتل الخطأ باتفاق الفقهاء هو ألا يقصد الضرب ولا القتل مثل أن يرمي صيداً أو هدفاً فيصيب آدمياً، أو أن ينقلب النائم على شخص آخر فيقتله، انظر: «البدائع» ج7 - ص234، وكذلك «حاشية ابن عابدين» ج5 - ص341، و«الشرح الصغير» ج4 - ص340، و«القليوبي» ج4 - ص96، و«المغني» ج7 - ص652.

والقتل بالتسبب عند الأحناف هو كأن يحفر بئراً مثلاً في مكان عام أو على أرض غير أرضه، فيقع فيها إنسان ويموت.

يرى أبو حنيفة أن هذا النوع من القتل لا يلحق بالعمد ولا بشبه العمد ولا بالخطأ؛ بل يسمى القتل بالتسبب، ففيه الدية على العاقلة ولا إثم فيه، لأنه قتل غير مقصود، لكن وجبت فيه الدية من قبيل الضمان، انظر «حاشية ابن عابدين» ج5 - ص342.

إذاً، فالقسم الأول كان جناية على النفس عمداً كان أو شبه عمد أو خطأ، فالمهم أنه أدى إلى زهوق الروح.

والقسم الثاني هو الجناية على ما دون النفس كأن يقطع عضواً أو يحدث جرحاً مثلاً، فالمسألة فيها العمد والخطأ.

والجناية على ما دون النفس هي كل فعل محرم وقع على الأطراف أو الأعضاء، فقطع أو جرح أو أزال المنافع، فإذا كانت عن عمد وجب القصاص، قال تعالى: «وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص» الآية 45 من سورة المائدة.

وفي الحديث عن أنس: كسرت الربيّع وهي عمة أنس بن مالك ثنية جارية من الأنصار، فطلب القوم القصاص، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي بالقصاص، فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك: لا والله يا رسول الله لا تكسر سنها.

فقال عليه الصلاة والسلام: يا أنس، كتاب الله القصاص، فرضي القوم وقبلوا الأرش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه، رواه البخاري.

والإجماع انعقد على جريان القصاص على ما دون النفس، والقياس يؤيد هذا، لأن ما دون النفس وجب علينا المحافظة عليه، والجناية على ما دون النفس منها ما فيه القصاص، ومنها ما فيه الدية، وكل بشروطها وللحديث بقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ymxp6fmn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"