د. عارف الشيخ
قلنا إن الجناية على النفس منها ما فيها قصاص، ومنها ما فيها الدية، فالجناية على ما دون النفس إما أن تؤدي إلى قطع الأطراف كاليد والرجل واللسان مثلاً، أو إلى تعطيل منافعها، أو أن تحدث جرحاً في الرأس والوجه (الشجاج) أو تحدث جرحاً في غير الرأس (الجراح).
والقاعدة الفقهية أنه كلما أمكن القصاص لجأنا إلى القصاص كالفعل العمد، وما لم يكن فيه القصاص ممكناً حكمنا بالدية والأرش.
إذاً، فإن عقوبة قطع الأطراف هي القصاص أو الدية والتعزيز، وعقوبة تعطيل منافع الأعضاء فيها الدية والأرش (الأرش المال المقدر شرعاً).
وعقوبة الجراح والشجاج القصاص أو الأرش أو حكومة العدل (حكومة العدل هي المال يقدره القاضي بمعرفة الخبراء العدول).
والفقهاء قالوا إن الجناية على ما دون النفس، عقوبتها القصاص وهو العقوبة الأصلية الأولى المقررة للجناية على ما دون النفس متى تحققت الشروط الموجبة للقصاص وهي: أن يكون الجاني عاقلاً بالغاً متعمداً مختاراً، غير أصل للمجني عليه، والمجني عليه معصوماً أي لا يكون جزءاً للجاني ولا ملكاً له، والجناية تكون مباشرة لا تسبباً، ويكون القصاص ممكناً بالمماثلة.
وبناء على هذا، لا يقاد الوالد بولده، ولا قصاص من الحر للعبد، ويقول السادة الأحناف: لا قصاص بين العبيد فيما بينهم، لأن قيمة كل عبد تختلف عن الآخر.
ويقول الجمهور في جناية ما دون النفس، لا قصاص من المسلم للذّمي لكافر، ولكن يقطع الذّمي بالمسلم على رأي الشافعية والأحناف، انظر «البدائع» ج7- ص 297، و«الشرح الكبير» للدرير ج4- ص250، و«مغني المحتاج»، ج4- ص25، و«كشاف القناع» ج5- ص628.
والعقوبة البدلية الثانية في قطع الأطراف هي الدية أو الأرش إذا لم يكن القصاص ممكناً لسبب من الأسباب، فكل عضو إذا قطع أو تعطلت منفعته ففيه الدية كاملة، وهذه الأعضاء هي أنواع:
- ما لا نظير له مثل الأنف والذكر وشعر اللحية إذا لم ينبت.
- ما في البدن اثنان كاليدين والحاجبين، ففي كل منهما نصف دية.
- ما في البدن منه أربعة كأشفار العينين والجفون، ففي كل جفن ربع دية.
- ما في البدن منه عشرة كأصابع اليدين والرجلين، ففي كل واحدة عُشر الدية.
أما الأسنان (32) ففيها الدية كاملة، وفي كل واحدة خمس من الإبل أو خمسمئة درهم، انظر: «البدائع» ج7- ص315، و«الشرح الكبير» للدرير ج4- ص278، و«مغني المحتاج»، ج4- ص62، و«المغني» ج8- ص37.
وللحديث بقية..
