باول.. هل هو أنجح رئيس للفيدرالي؟

21:32 مساء
قراءة 4 دقائق

جيمي ماكغيفر *

إذا سار الاقتصاد الأمريكي هذا العام نحو «الهبوط الناعم»، أي لا يوجد ركود، ومعدلات التضخم بالقرب من هدفها أو متراجعة باعتدال العام المقبل، ونسب البطالة محافظة على انخفاضها التاريخي، فقد يدعي جيروم باول أنه أكثر رؤساء بنك الاحتياطي الفيدرالي نجاحاً على مر التاريخ. ناهيك عن حملة رفع أسعار الفائدة الأكثر عدوانية منذ أوائل الثمانينات، 500 نقطة أساس في 18 شهراً، ما يعده كثيرون إنجازاً بحد ذاته.

وبعد أربع سنوات من إدارة الهزات النقدية وعمليات الإنقاذ التي أحاطت بجائحة «كورونا»، ومواجهة صدمة الطاقة المرتبطة بالحرب الأوكرانية، جنباً إلى جنب مع تحييد انفجار مصرفي إقليمي محتمل هذا العام، يبدو أن «فيدرالي باول» ما يزال تحت السيطرة. وهو ما يمثل كذلك تحولاً كبيراً في الثروات الشخصية للجمهوري البالغ من العمر 70 عاماً، والذي رشحه لأول مرة الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2017.

ومع ذلك، تعرض باول في كثير من الأحيان للجلد العلني والتوبيخ من رئيس الإدارة الأمريكية السابق عام 2019، الذي وصفه في تغريداته ب«الجاهل»، و«قصير النظر»، و«المثير للشفقة». وفي ضوء دورة تشديد السياسة التاريخية التي تقترب الآن من نهايتها، يمكن للمرء أن يتكهن كيف سيكون رد فعل ترامب لو كان لا يزال رئيساً. من غير المحتمل أن يكون داعماً للسياسة، لأن الأسهم والسندات تراجعت حتى عام 2022. وعلى الرغم من هذا، فإن باول قد يتنافس قريباً على «تاج» يرى معظم الاقتصاديين أنه مِلك لبول فولكر أو ألان غرينسبان، رئيسي الفيدرالي الأسبقين.

وشغل فولكر منصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بين عامي 1979 و1987، والذي اشتهر «بقاصم ظهر التضخم»، الذي وصل إلى حد 14% في أوائل الثمانينات، من خلال رفع معدلات الفائدة إلى 19%. لقد انتصر رئيس الفيدرالي آنذاك على التضخم، ولكن الكُلفة كانت ارتفاع معدلات البطالة إلى 11%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1940 حتى جائحة «كورونا»، كما انفجرت مسائل عدم المساواة.

أما غرينسبان، الذي أطلق عليه المعجبون لقب «المايسترو»، فقد ترأس المؤسسة المصرفية العليا في الولايات المتحدة من عام 1987 إلى 2006. وبتوجيهاته في منتصف التسعينات، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، لتهدئة الاقتصاد المحموم من دون التسبب في ركود للمرة الوحيدة في تاريخه، وهو ما وصفه نائبه آلان بلايندر بالقول: «الهبوط الناعم المثالي».

لكن ازدراء غرينسبان للتنظيم المالي والموقف الافتراضي المتمثل في تغذية فقاعات السوق بأسعار فائدة منخفضة كان لهما الدور الفعّال في غرس بذور فقاعة سوق الإسكان والانهيار الذي بلغ ذروته في الأزمة المالية الكبرى في أعوام 2007 و2008 و2009.

تمثل هذه الأحداث لعبة اقتصادية لا يمكن لعبها من دون أخذ عوامل أخرى في عين الاعتبار، وعلى رأسها «السياسة المالية» و«الظروف العالمية» و«الحظ»، ومن المؤكد أن باول استفاد من هذه العوامل الثلاثة مجتمعة.

في غضون ذلك، خفّض كبير الاقتصاديين في بنك «غولدمان ساكس» يان هاتزيوس احتمالية الركود لمدة 12 شهراً إلى 20% من 25%، وهو أدنى مستوى في عام. لكنه لا يزال أعلى بقليل من المتوسط طويل الأجل البالغ 15%، وأقل بكثير من الإجماع الحالي. كما يشير هاتزيوس. وقال: «عززت البيانات الأخيرة ثقتنا بأن خفض التضخم إلى مستوى مقبول لن يحمل معه ركوداً».

وبحسب استطلاع للاقتصاديين أجرته «رويترز» في يونيو/ حزيران الماضي، توقع 60% من المستجيبين، حدوث ركود في الولايات المتحدة هذا العام، مقارنة بأكثر من 70% في استطلاع قبل أسابيع قليلة فقط. ونموذج بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك القائم على شكل منحنى العائد لمدة (3 أشهر إلى 10 سنوات) يضع فرصة اثنين من ثلاثة للركود خلال العام المقبل.

في السياق، يبلغ معدل البطالة الآن في الولايات المتحدة 3.6%، بالقرب من أدنى مستوى له منذ نصف قرن. وقد بلغ متوسط المعدلات 5.7% على مدى السنوات ال 75 الماضية، و6.2% على مدى السنوات الخمسين الماضية، و5.7% على مدى ال 25 سنة الماضية. فحتى لو ارتفع معدل البطالة إلى 5%، سيظل منخفضاً تاريخياً.

وبخصوص التضخم، يحوم المعدل السنوي عند 3% بالقرب من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وهنا تتوقع أسواق المال أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة أخرى قبل أن يتوقف مؤقتاً لبقية هذا العام، وأن يتراجع بقوة العام المقبل.

من خلال هذه المقاييس، يبدو أن باول يقوم بدوره بشكل فاعل، لكن من الأفضل أن ينقل شخص ما ذلك إلى إدارة بايدن علانية. فوفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» في مايو/ أيار الفائت، كانت ثقة الجمهور في باول هي الأدنى في فترة رئاسته للفيدرالي. ليس ذلك فحسب؛ بل كان تقييمه، البالغ 36%، الأقل منذ أن بدأت سلسلة الاستطلاعات عام 2001.

* كاتب صحفي في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5cvzwfnn

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"