عادي

عذب الكلام

23:29 مساء
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

التّسهيم: أن يذكر قبلَ تمام الكلام، شعراً كان أو نثراً، ما يدلّ عَلَيْه إذا عُرِفَ الرويّ؛ قال ابنُ نُباتَةَ المِصرِيُّ:

خُذْها إذا أُنشِدتْ في القوْمِ مِنْ طَرَبٍ

صُدورُها عُرِفتْ منْها قَوافيها

«قَوافيها»، دلّت عليها «صُدورُها».

وقال البُحْتُريّ:

أحلَّتْ دَمي مِن غَيْرِ جُرْمٍ وحَرَّمَتْ

بلا سَببٍ يَوْمَ اللِّقاءِ كَلامي

فَلَيْسَ الَّذي حلَّلْتِهِ بِمُحلَّلٍ

وليسَ الَّذي حرَّمْتِهِ بحَرامِ

«بِحَرام» معلوم من السياق.

دُرَرُ النّظْم والنّثْر

غُرْبَةٌ وحَنين

أحمد شوقي

(بحر الخفيف)

اخْتِلافُ النَّهارِ واللَّيْلِ يُنْسي

اذْكُرا لِيَ الصِّبا وأَيّامَ أُنْسي

وصِفا لي مُلاوَةً مِنْ شَبابٍ

صُوِّرَت مِنْ تَصَوُّراتٍ ومَسِّ

عَصَفَت كالصَّبا اللَّعوبِ ومَرَّتْ

سِنَةً حُلْوَةً ولَذَّةُ خَلْسِ

وسَلا مِصْرَ هَلْ سَلا القَلبُ عَنها

أَو أَسا جُرْحَهُ الزَمانَ المُؤَسّي

كُلَّما مَرَّتِ اللَّيالي عَلَيْهِ

رَقَّ والعَهْدُ في اللَّيالي تُقَسّي

وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلْدِ عَنْهُ

نازَعَتْني إِلَيهِ في الخُلْدِ نَفْسي

وهَفا بِالفُؤادِ في سَلْسَبيلٍ

ظَمَأٌ لِلسَّوادِ مِنْ عَيْنِ شَمسِ

شَهِدَ اللَّهُ لَمْ يَغِبْ عَنْ جُفوني

شَخْصُهُ ساعَةً ولَمْ يَخْلُ حِسّي

يُصْبِحُ الفِكرُ والمَسَلَّةُ نادي

هِ وبِالسَّرْحَةِ الزَّكِيَّةِ يُمْسي

يا دِياراً نَزَلْتُ كَالخُلْدِ ظِلّاً

وجَنىً دانِياً وسَلْسالَ أُنْسِ

مُحْسِناتِ الفُصولِ لا ناجِرٌ في

ها بِقَيْظٍ ولا جُمادى بِقَرْسِ

لا تَحِشَّ العُيونُ فَوْقَ رُباها

غَيْرَ حورٍ حُوِّ المَراشِفِ لُعْسِ

من أسرار العربية

في تَفْصِيلِ ضرُوبٍ مِنَ الأكْلِ: التَّطَعُّمُ والتَّلَمُّظُ: التَّذَوُّق. الغَذْمُ: الأَكْلُ بِجَفاءٍ وشِدَّةِ نَهَمٍ. القَشْمُ والسَّحْتُ: شِدَّةُ الأكْل. الخَمْخَمَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الأكْلِ قَبِيحٌ. المَشْعُ: أَكلُ مالَهُ جَرْسٌ عِند الأكْل، كالقِثَّاءِ وغيْرِها. اللَّوْسُ: الأَكْلُ القَلِيلُ. الخَضْمُ: الأَكْلُ بِجَميعِ الأَسْنانِ. القَضْمُ: بأطْرافِ الأسنان، قالَ الشاعر:

تَبَلَّغْ بأخْلاقِ الثّيابِ جَديدَها

وبالقَضْمِ حتَّى تُدْرِكَ الخَضْمَ بالقَضْمِ

ويُقال: بَلَعَ الطَّعامَ. وسَرَطَ الفَالُوذَجَ. ولَعِقَ العَسَلَ. وجَرَعَ المَاءَ. وسَفَّ السَّوِيقَ. وأَخَذَ الدَّواءَ. وحَسا المَرَقَ. وفي الشُّرب، يقال: الجاشِرِيَّةُ: شُرْبُ السَّحَرِ. والصَّرُوحُ: شُرْبُ الغَداةِ. والقَيْلُ: شُرْبُ نِصْفِ النَّهارِ. والغَبُوقُ: شُرْبُ العَشِيِّ. وأوَّلُ مَرَاتِبِ الحَاجَةِ إِلى شُرْبِ المَاءِ: العَطَشُ. ثُمَّ الظَّمأُ. ثُمَّ الصَّدَى. ثُمَّ الغُلَّةُ. ثُمَّ اللُّهْبَةُ. ثُمَّ الهُيامُ. ثُمَّ الأُوامُ. ثُمَّ الجُوادُ، وهُوَ الْقاتِلُ؛ قال ذو الرُّمّة:

تُعاطِيهِ أَحْياناً إِذا جِيدَ جَوْدَةً

رُضاباً كطَعْمِ الزَّنْجِبيلِ المُعَسَّلِ

أَي عَطِشَ عَطشةً.

هفوة وتصويب

تردُ هذه العبارةُ، عند بعض الكتّاب «وقَدِ الْتَقى رفاقَة كُلّاً على حِدَى (أو حدا)». المقصود كلاً منهم وحدَه..، والصَّوابُ «على حِدَةٍ». فكُلُّ شَيْءٍ على حِدَةٍ، أَيْ: مُتَمَيِّزٌ عَن غَيْرِهِ.

ويقول آخرون «فُلانٌ حَسَنُ الخَصائِلِ»، أي الصفات؛ وهي خطأ، والصَّوابُ «حسَنُ الخِصالِ»، لأنّ «الخصائِلُ» جَمْعُ خَصيلةٍ، وهي القِطْعَةُ مِن اللَّحمِ، أو لَحْمُ الفَخِذَيْنِ والعَضُدَيْنِ والذِّراعَيْنِ، أو كلُّ عَصَبَةٍ فيها لَحْمٌ غَليظٌ. أمَّا الخَصْلَةُ: فبمعْنى الخَلَّةِ، والفَضيلَةِ، والرَّذيلَةِ، وقدْ غَلَبَ على الفَضيلَةِ، فجَمْعُها: خِصالٌ؛ قال الكميت يمدح رجلاً:

سَبَقْتُ إلى الخَيْراتِ كُلَّ مُناضِلٍ

وأَحْرَزَ بالعَشْرِ الوِلاءِ خِصالَها

من حكم العرب

عَزيزٌ على نَفْسِ الغَيورِ اتِّضاعُها

وعارٌ عَلَيْها أنْ تَميلَ لِذِلَّةِ

زِمامُ المَراقي في التَّساميِ إلى العُلى

وخَوْضِ المَنايا لاقْتناءِ المَعَزّة

البيتان لحِفْني ناصف، يقولُ: إنّ الكريمَ العزيزَ النّفسِ، لا يرضى بأيّ حالٍ من الأحوالِ، أن تقربَهُ المهانةُ، فالتّعفّفُ عن الدّنايا، وخوضُ غمارِ المَصاعب، طريقانِ قويمانِ، لنيلِ العِزّةِ والرِّفْعة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8kj69h

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"