مزيج الطاقة في تركيا

21:15 مساء
قراءة 3 دقائق

غافين ماغواير *
تفوقت تركيا على ألمانيا وبولندا، لتصبح أكبر منتج للكهرباء التي تعمل بالفحم في أوروبا في يونيو/حزيران الفائت. وبحسب بيانات «إمبر»، كانت كمية الكهرباء المولدة من الفحم في تركيا للأشهر الستة الماضية الأعلى منذ عام 2018 على الأقل، وهو ما يتناقض مع الانخفاض المستمر في الطاقة التي تعمل بالفحم في جميع أنحاء القارة العجوز في السنوات الأخيرة. وخلال النصف الأول من العام الجاري، ولّدت البلاد طاقة أكثر من بولندا لأول مرة، لتبرز كثاني أكبر مستخدم للفحم في أوروبا بعد ألمانيا.

في المقابل، بلغت الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكهرباء من الفحم في تركيا أعلى مستوى جديد لها في نصف عام خلال الفترة الماضية، حيث تجاوزت 44 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون والغازات المكافئة. فيما تجاوزت حصيلة الانبعاثات تلك 39 مليون طن في بولندا لنفس الفترة.

يتماشى الارتفاع المطرد لتركيا في إنتاج الكهرباء المولدة من الفحم مع قدرتها على توليد الطاقة من المصدر ذاته، والتي زادت في 9 من السنوات العشر الماضية إلى 20.49 غيغاواط اعتباراً من نهاية عام 2022.

ومنذ عام 2018، ارتفعت قدرة محطات التوليد العاملة بالفحم في تركيا بأكثر من 9%، مقارنة بانخفاضات تجاوزت 15% في ألمانيا، و20% في إيطاليا، و44% في رومانيا، و14% في جمهورية التشيك خلال نفس الفترة. وحتى بولندا، أحد أكثر الاقتصادات الأوروبية اعتماداً على الفحم، شهدت انخفاضاً طفيفاً في صافي السعة المركبة منذ عام 2018.

وتشكل تركيا أيضاً مساراً نادراً من خلال زيادة حصة الفحم في مزيج توليد الكهرباء إلى ما يقرب من 36% في النصف الأول من عام 2023، مقارنة بالتخفيضات العالمية في استخدام الفحم في أماكن أخرى من أوروبا.

وبينما يظن البعض أن تركيا تتجه نحو مسار وحيد من حيث زيادة الاعتماد على الفحم، أحرزت الدولة تقدماً مهماً في تطوير قدرات الطاقة النظيفة لديها في السنوات الأخيرة، بما في ذلك زيادة بنسبة 80% في التوليد من مصادر الرياح والطاقة الشمسية.

في الواقع، ارتفع توليد الكهرباء في تركيا من جميع المصادر النظيفة بنسبة 40% منذ عام 2018، في حين انخفض التوليد من الوقود الأحفوري بأكثر من 8% خلال الفترة ذاتها.

ومع ذلك، فإن توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي يمثل غالبية الانخفاض في الناتج الأحفوري، الذي انخفض بنسبة 18% من عام 2018 حتى 2022، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى الارتفاع الحاد في أسعار الغاز الطبيعي العالمية خلال تلك الفترة والاضطراب الأخير في تدفقات الغاز بعد الحرب في أوكرانيا العام الماضي. الأمر الذي اضطر المرافق في تركيا إلى تغيير مزيج التوليد، وخفض حصة الغاز الطبيعي من المزيج من 37% في عام 2017 إلى 23% العام الماضي.

وللتعويض عن الخسارة في طاقة الحمل الأساسي القابلة للتوزيع المنتجة من الغاز، اضطرت المرافق في تركيا إلى زيادة استخدام الفحم، الذي شهد ارتفاع نصيبها من مزيج التوليد من حوالي 32% في عام 2017 إلى أكثر من 34% في عام 2022.

وعليه، ارتفعت حصة الفحم إلى ما يقرب من 37% في يونيو من هذا العام، حيث عملت تركيا على توليد الطاقة من الفحم لتعويض انخفاض إنتاج الغاز إلى أدنى مستوى له منذ منتصف عام 2020، عندما توقف الاقتصاد العالمي بسبب عمليات الإغلاق المصاحبة لفيروس كورونا آنذاك.

في غضون ذلك، قد تستمر حصة الفحم في الارتفاع مع زيادة الطلب الإجمالي على الطاقة وسط موجة الحر المستمرة التي أدت إلى ارتفاع كبير في الطلب على مكيفات الهواء المتعطشة للطاقة في جميع أنحاء جنوب وغرب تركيا.

وقد تؤدي الزيادات الإضافية في توليد الطاقة بالفحم بدورها إلى دفع تركيا أبعد من بولندا من حيث توليد الفحم على المدى القريب، وربما تضييق الفجوة أكثر على ألمانيا، أكبر مستخدم للفحم في القارة الأوروبية.

ومع ذلك، وعلى المدى البعيد، لدى تركيا طموحات لتعزيز قدرة الطاقة الشمسية المركبة لديها بمقدار خمسة أضعاف وصولاً إلى 52.9 غيغاواط، وقدرة إمداد الرياح بمقدار ثلاثة أضعاف إلى 29.6 غيغاواط بحلول عام 2035، في محاولة لإزالة الكربون من قطاع الطاقة ولتصبح أكثر استقلالية، وفقاً لبيانات «إنرداتا». أضف إلى ذلك خطة «صفر نفايات»، وإنشاء محطة طاقة نووية، وإنتاج سيارات كهربائية محلية الصنع.

وكانت تركيا قد جلبت في إبريل/نيسان الماضي أول وقود نووي لمحطة «آق قويو» النووية، وهي أول محطة من نوعها في البلاد، مما سيوفر نحو 6.5 مليار دولار ويغنيها عن استيراد 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.

* كاتب متخصص بأسواق السلع والطاقة الآسيوية (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y8xwcfwn

عن الكاتب

كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"