تأملات في الأيديولوجيا التنموية

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في هذا الطرح السابق لأوان بلوغه نصاب البراهين على موضوعية التحليل؟ خطر على بال القلم أن الأيديولوجيات السياسية الحزبية التقليدية، أخفقت إخفاقاً ذريعاً، غير أن في إعلان الإفلاس مرارات دونها العلقم والزقّوم. أمّا عن النظرية الوريثة، فأغلب الظنّ أنها الأيديولوجيا التنمويّة التي تجمع حولها من ضاقوا ذرعاً بالنهب والاستغلال، ولم يذوقوا ضرعاً من ضروع ثروات أوطانهم.
في الفكر الخلدوني، الذي توسّع أرنولد توينبي في تحليله، ووسّع جنباته، يتّخذ هذا الطرح أبعاداً مهمّة. فيلسوف التاريخ البريطاني كشف جانباً بالغ الأهمية، وهو أن الحضارات تقوم عادة على فكرة روحيّة. تليها مرحلة بلوغ النضج، وهي مرحلة العقل التي تتمثل في بناء الدولة التي تتوسّع إلى أن. «إلى أن» أي إلى الحدّ الذي ينقلب فيه التوسّع إلى الضدّ. القارئ فطن لبيب، فبين دفتي ذاكرته كل صفحات التاريخ الإسلامي. حسبنا من كل ذلك القرون التي تبدأ بفجر الدعوة الإسلامية، إلى سقوط بغداد على يد هولاكو سنة 1258 للميلاد. تلك هي المرحلة التي يفقد فيها التوسّع مقاليد التحكم، فيكون الوهن والترهل فالقابلية للسقوط.
معاذ الله أن يكون الأمر ولو ما دون مثقال الذرّة من المقارنة. كل ما هنالك رسم طيف للفكرة المجرّدة الخلدونية التوينبيّة. شيء يشبه الحلقات البيولوجيّة. المقصود هو أن الأيديولوجيا التنموية تحمل في طيّاتها فكرة آمال واعدة، تبشّر بنظام عالمي يفتح آفاقاً جديدةً، خصوصاً للدول المنكوبة بالتخلّف، المحبَطة الراغبة في الانضمام إليه، وأخرى لدوافع مشروعة متفاوتة في الأسباب. ثمّة بلدان مقهورة منهوبة مستعبدة، الكثير منها في إفريقيا، ثروات بلا حدود، وفقر وبؤس بلا رحمة. غيرها حقق مستويات لا مثيل لها في التنمية الشاملة وازدهار البلد ورخاء الشعب، لكن كرامة سيادته الوطنية ترفض العلاقات الدولية القائمة على الفارق في أعداد القاذفات العملاقة والدبابات والغوّاصات والرؤوس النووية. استعلاء غير إنساني.
قد تبزغ شمس سنة 2025 بتجاوز عدد الأعضاء منتخبي كرة قدم، ولا أحد يدري ما هي المكانة التي ستبلغها العملة الموعودة في الاقتصاد العالمي. لا يُستبعد أيضاً أن يتغيّر اسم «بريكس» إلى آخر أفضل، فليس مستحبّاً أن تنضوي عشرات الدول تحت الحروف الأولية لخمس دول. لقد ولدت المجموعة من فكرة تنمويّة مفعمة بالآمال، ولكنها تحمل أيضاً مشروعاً أيديولوجيّاً سياسيّاً طامحاً بإرادة قوية حاسمة إلى تحقيق نظام عالمي متوازن متحرر من الهيمنة القطبية.
لزوم ما يلزم: النتيجة البوصليّة: إذا أراد العرب أن يأمنوا المفاجآت، فعليهم التفكير سريعاً في عمل تنمويّ مشترك يضمن لهم رسوخ الأقدام في مقبل الأيام.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yckzfjnu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"