عادي

انسحاب فرنسا من النيجر انتكاسة أخيرة لها في منطقة الساحل

13:09 مساء
قراءة 3 دقائق

باريس - أ.ف.ب

تستعد فرنسا لمغادرة النيجر، آخر حليف لها في منطقة الساحل، في أحدث انتكاسة لباريس التي سبق طردها من مالي وبوركينا فاسو، ما أسدل الستار على عقد من التدخل العسكري لمكافحة المتمردين في المنطقة.

في نهاية مواجهة يتعذر مواصلتها مع النظام العسكري على مدى شهرين، رضخ الرئيس إيمانويل ماكرون أخيراً بإعلانه، الأحد، عودة السفير إلى باريس وسحب 1500 جندي «بحلول نهاية العام». ويأتي هذا الانسحاب القسري بعد مغادرة مالي في آب/ أغسطس 2022 وبوركينا فاسو في شباط/ فبراير 2023. في الدول الثلاث، طلبت المجالس العسكرية التي تسلمت السلطة بعد الانقلابات، من فرنسا الانسحاب.

وحتى انقلاب 26 تموز/ يوليو الذي أطاح الرئيس محمد بازوم، كانت النيجر واحدة من آخر حلفاء باريس في منطقة الساحل، وركيزة لقواتها المنتشرة لمحاربة المتمردين في المنطقة.

واعتبر الباحث ايفان غيشاوا، المتخصص في شؤون منطقة الساحل، على موقع «إكس» (تويتر سابقاً) أن الانسحاب من هذا البلد «يكرّس الفشل الذريع لسياسة فرنسا في منطقة الساحل». وبحسب العديد من المراقبين، فإن باريس لم تلحظ أو لم ترغب في رؤية التطورات الجارية في المنطقة.

وقال دبلوماسي فرنسي: إن ما حدث في «مالي امتد ببطء، كنا نعلم أننا أمام مثل هذا التوجه الواضح. لقد شهدنا هذه الموجة تتنامى منذ سنوات. شعرت فرنسا بأنها تفقد مكانتها، لكنها ظلت في حالة إنكار واستغراب».

وأضاف: «نجد أنفسنا الآن أمام عواقب العسكرة المفرطة في علاقتنا مع إفريقيا، في حين تعصف أزمات أمنية وبيئية ومجتمعية أيضاً بمنطقة الساحل»، وهي من أفقر مناطق العالم.

ومنذ انتخابه لأول مرة، حاول إيمانويل ماكرون تغيير المسار في إفريقيا، وهذا ما تجسد في خطاب واغادوغو في عام 2017، ثم جدد تأكيده في شباط/ فبراير 2023، عندما حدد الخطوط العريضة لنهج أقل عسكرة يعتمد على العلاقات مع المجتمع المدني و«القوة الناعمة». وشدد، الأحد، على أن «النفوذ الفرنسي في فرنسا ولى». لكن تناقض مواقف باريس عرضها للانتقادات. وإذ دانت الانقلاب في النيجر، إلا أنها أيدت الانقلاب الأول في مالي عام 2020، وفي العام التالي دعمت تسلم محمد إدريس ديبي إتنو السلطة في تشاد.

الأمر الواقع

وفي نهاية المطاف، تم القبول بالأمر الواقع. ففي النيجر، بقي السفير الذي رفضت باريس استدعاءه معزولاً في السفارة الفرنسية، من دون حصانة دبلوماسية، مع اقتراب مخزون الطعام والماء من النفاد.

وفي قاعدة نيامي وفي المواقع المتقدمة في الشمال الغربي النائي في ولام وأيولو، يجري إمداد القوات في «ظروف شبه معقدة»، وفقاً لهيئة الأركان العامة الفرنسية. وكان من الممكن أن يجد الجنود والطيارون ال 1500 الموجودون في النيجر أنفسهم من دون مهمة، بعد أن ظلت مسيراتهم ومروحياتهم ومقاتلاتهم على الأرض. كما سرعان ما بدت فرنسا، والتي لا تزال تحتفظ بعدة قواعد في إفريقيا، كما في تشاد وساحل العاج والسنغال والغابون وجيبوتي معزولة.

وقد نأى حلفاؤها الغربيون بأنفسهم عن سياسة الحزم التي تنتهجها إزاء النيجر.

وذكرت صحيفة «وولف كوتيديان» السنغالية «مع هذه الانتكاسة الأخيرة، ترى فرنسا أن نفوذها وسلطتها يتضاءلان بشكل كبير في غرب إفريقيا خاصة وفي إفريقيا عموماً».

وأشار فهيرامان رودريغ كوني، كبير الباحثين في معهد الدراسات الأمنية والمتخصص في شؤون الساحل، إلى أن «فرنسا لم تعرف كيف تنسحب في الوقت المناسب وأرادت الاستمرار في لعب دور القائد في سياق تشهد فيه البيئة الاجتماعية تغيراً كبيراً».

وسيمثل الانسحاب من النيجر تحدياً لوجستياً للجيوش الفرنسية إذا تم تنفيذه خلال ثلاثة أشهر، على خلفية تدهور الوضع الأمني في جميع أنحاء منطقة الساحل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4422ze3m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"