من العالم العربي وإليه

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

أليس عجيباً أن العالم العربي لا يتابع بنظر ثاقب جادٍ، طموح الإمارات إلى أن تغدو في مقدّمة الدول في مجال الذكاء الاصطناعي؟ قال القلم: الذنب ذنب القرارات والتوصيات التي ظلّت تراكمها تلك المنظمة المرموقة منذ تأسيسها، فأيقن الناس أنها مصنع لصناعة الأقراص المنوّمة. ما أنجزته الإمارات في العقود الماضية، يشبه ما يحدث أحياناً في سباق الخيل، حين يفاجئ جواد المشهد باختراق برقيّ من موقع متأخر لا يلفت عين متابع، وإذا به في حركة خاطفة قوسيّة انحنائية انعطافية التفافية، ينبتّ بها عن الخيول الراكضة، يجعلها كأنها رابضة، يتركها في المآخير، في وجوم أمام هجوم نجم النجوم.

الدولة العربية الفتيّة استطاعت في نصف قرن تحقيق القفزات المخططة المحسوبة العملاقة الماردة، التي أوصلتها إلى مصاف متقدّمة في حلبات الذكاء الاصطناعي. «شبّيك لبّيك» الذكاء غير البيولوجي: «جيس» الإماراتي، هو معادل «شات جي.بي.تي» (شجبت) الناطق باللغة العربية، هو أوّل الغيث، الذي لا يقال له: هاتوا برهانكم. هذا هو البرهان الساطع على أن ما أنجزته الإمارات منذ قيام الاتحاد، لم يكن تنمية عمرانية باهرة، لا غير؟ التنمية العمرانية ضرورية ليقوم عليها تشييد المدنية العصريّ ة المتطوّرة، ولتكون بنية تحتيّة للصروح الحضارية. إذا كان يقال: «الحضارة هي الطبيعة يضاف إليها الإنسان»، فإن الإمارات جعلت الحضارة المستقبلية هي: الطبيعة والإنسان يضاف إليهما الذكاء الاصطناعي. ما لم تلتقطه بسرعة الضوء أفهام دول كثيرة، هو أن الذكاء الاصطناعي ليس تقدّماً تكنولوجيّاً فحسب، فوق ذلك تغيير جذري لآليّات العصر، أي تحوّل بعيد المدى في النموذج الفكري، أي في إطار التفكير. سيكون الانتقال أكبر بكثير من المسافة بين الثورة الزراعية والثورة الصناعية، ومن النموذج الفكري الذي أوجدته الوريثة المعلوماتية والرقمي.

إذا كان مستقبل الذكاء الاصطناعي غيباً، فإن الاستعداد له يجب أن يكون بمنظومة من المؤهلات العلمية والتقانية. أليس استشرافاً ثاقب النظر بعيد الإدراك، أن شادت الإمارات حاسوباً كوانتومياً بالتوازي مع السعي إلى الريادة في الذكاء الاصطناعي؟ فالحكمة هي الإيمان بأن هاتين القوتين المستقبليتين ستتضافر جهودهما، سيلتقي الجمعان، ولا شك. لكن هذا الطائر في مقبل السنين، سيطير بثلاثة أجنحة: حاسوب الكمّ والذكاء الاصطناعي وريادة الفضاء. غداً أو بعد غدٍ، يعلم الذين لم يعرفوا كيف يكون اللحاق بقطار المستقبل، لماذا استثمرت الإمارات في زراعة بذور لم يرَ الناس بعدُ أشجارَها وهي تؤتي أُكلها. درس من العالم العربي وإليه.

لزوم ما يلزم: النتيجة الحسمية: يجب العودة إلى وثيقة الخمسين ومبادئها العشرة، لإدراك أن أهمّ مبدأ أرسته الإمارات هو عدم اللعب ببالونات الإنشاء في قضايا المصير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycyr8euk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"