عادي

هل يشعل الهجوم على غزة حرباً إقليمية؟

01:42 صباحا
قراءة 4 دقائق
يثثث
ب

الخليج - متابعات

تتزايد المخاوف الدولية من اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والتهديد بعملية اجتياح بري، ما يرفع من حصيلة الضحايا في القطاع الذي عد الآن أكثر من سبعة آلاف قتيل، بينهم آلاف الأطفال والنساء، فيما لا يلوح في الأفق أي بوادر إلى وقف إطلاق النار من تل أبيب.

ولا تكف الحكومة اليمينية الإسرائيلية بقيادة بينامين نتنياهو من التعهد أمام الرأي العام الإسرائيلي باجتثاث حركة حماس من الأرض وتدميرها، رداً على هجومها الأخير في السابع من أكتوبر / تشرين الأول على مستوطنات جنوبي إسرائيل، فحشدت أكثر من 300 ألف جندي لتنفيذ المهمة التي تكاد تكون مستحيلة في القطاع المكتظ بـ 2.5 مليون من البشر ، بينما يستعد مقاتلو  حماس لشن حرب عصابات طويلة من داخل شبكة عنكبوتية من الأنفاق بطول 400 كم ما يمثل أكبر تحدي يواجهة الجيش الإسرائيلي الذي لم يدخل غزة منذ العام 2014.

وأمام الحصار المحكم على القطاع منذ سنوات، والقصف الإسرائيلي المتواصل للأسبوع الرابع على التوالي والذي سقط فيه أكثر من 7600 قتيل فلسطيني، توالت التحذيرات في الأيام الأخيرة، من دول عربية وحول العالم، رافضة لسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، بعدما تداولت تقارير وتصريحات إسرائيلية عن رغبة تل أبيب في تصفية القضية الفلسطينية بتدمير القطاع تماماً، خلال عمليتها العسكرية للقضاء على حركة «حماس»، وإجبار المدنيين على النزوح جنوباً نحو سيناء المصرية، وهو ما رفضته مصر على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أكد أن هذا السيناريو يهدد باندلاع حرب جديدة في المنطقة، مشدداً على أن القاهرة ترفض تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية.
مصر حذرت أيضاً خلال كلمة لمندوبها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، السبت، من جر المنطقة بأكملها إلى حرب إقليمية مدمرة في حالة عدم وقف الحرب الدائرة، مشيرة إلى أن سياسات الحصار والتجويع والحرمان من الاحتياجات الأساسية، التي تفرضها إسرائيل على القطاع لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين.
السعودية أيضاً نددت في بيان لها بالتصعيد العسكري الأخير، بعد إعلان إسرائيل توسيع عملياتها البرية في القطاع، مؤكدة شجب المملكة أي عمليات برية تقوم بها إسرائيل لما في ذلك من تهديد لحياة المدنيين الفلسطينيين وتعريضهم لمزيد من الأخطار والأوضاع غير الإنسانية، محذرة من «خطورة الاستمرار في الإقدام على هذه الانتهاكات الصارخة وغير المبررة والمخالفة للقانون الدولي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، وما سيترتب على ذلك من تداعيات خطرة على استقرار المنطقة والسلم والأمن الإقليمي والدولي».
وجاءت أبرز التحذيرات أيضاً من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الذي أبدى مخاوفه مؤخراً من أن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين قد يتخطى حدود المنطقة.
وقال بوتين في اجتماع بالكرملين مع زعماء دينيين: «إن من الخطأ معاقبة نساء وأطفال وشيوخ أبرياء في غزة بسبب جرائم اقترفها أشخاص آخرون». وأكد ضرورة الوقف الفوري لإراقة الدماء في المنطقة، مضيفاً أنه «أبلغ زعماء العالم في مكالمات هاتفية بأنه إذا لم يحدث ذلك، فقد يندلع صراع أوسع نطاقاً بكثير».
وتابع بوتين: «مهمتنا اليوم؛ مهمتنا الرئيسية، هي وقف إراقة الدماء والعنف، وإلا سيكون مزيد من تصعيد الأزمة محفوفاً بعواقب وخيمة وشديدة الخطورة والدمار، ليس فقط لمنطقة الشرق الأوسط. بل قد يمتد الأمر ليتخطى حدود تلك المنطقة».
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أرسلت بعد أيام من الحرب حاملات طائرات وذخائر ومستشارين عسكريين لدعم إسرائيل في مواجهة حركة «حماس»، فإنها حذرت في الوقت نفسه من تورط أي جهات أو جماعات في دخول حرب ضد إسرائيل، مؤكدة التزامها المطلق بالدفاع عن تل أبيب، وحماية مصالحها في المنطقة.
التدخل الأمريكي المباشر أكده «البنتاغون»، بعدما كشف عن وجود قوات أمريكية خاصة من فرقة«دلتا»المعنية بتحرير الرهائن، وصلت إلى إسرائيل، وذلك للمشاركة في تحرير الأسرى لدى حركة حماس في القطاع.
وتباينت آراء المحللين من الحرب الجارية في تفسير الموقف الروسي والأمريكي، بين فريق يرى فرصة في الحرب لتورط قوى إقليمية وعالمية كبرى، وآخرون يرون أن الصراع لا يزال محصوراً في نطاق عملياتي جغرافي ضيق، وأن فرص اتساعه تبدو ضئيلة للغاية.
وصرح الخبير الروسي في العلاقات الدولية، تيمور دويدار، في حديث لموقع «سكاي نيوز عربية»، بأن موسكو لا تنظر لصراع الحرب الجارية على أنه صراع ثنائي بين إسرائيل و«حماس» فقط، بل هو صراع معقد وخطر ومرشح للاتساع والانفجار والتحول لحرب إقليمية كبرى، قد تشمل لبنان وسوريا وإيران.
وأوضح دويدار، أن روسيا اتخذت إجراءات عسكرية واستخباراتية تحسباً، وتعكف على دراسة الوضع ومراقبته عن كثب، والتحوط لكافة الاحتمالات المفتوحة والتي تنذر بصراع قابل للتمدد شرقاً وغرباً.
وأشار الخبير الروسي إلى أن الصين بدورها معنية بالصراع بسبب استثماراتها الطائلة في المنطقة، فلن تقف أيضاً مكتوفة الأيدي حيال حريق مدمر على تخومها.
ومن جهة أخرى، يرى المحلل السياسي، جمال آريز، أن التحذير الروسي ينطوي على بعض المبالغة، حيث صحيح أن الشرق الأوسط هي منطقة استراتيجية بالغة الأهمية في المعادلات الدولية، لكن الصراع الدائر حالياً هو في نطاقه الإقليمي حصراً، رغم الدعم الغربي لإسرائيل، والمواقف الأقرب للفلسطينيين كما هي حال موقفي الصين وروسيا مثلاً.
وفسر آريز الخلاف الروسي الصيني حول حرب غزة مع عواصم الغرب، بأنه جزء من التنافس والتزاحم المعهود بين الطرفين على وقع الخلافات التقليدية بينهما، في سياق الصراع على النفوذ والسيطرة حول العالم، والذي احتدم أكثر بعد حرب أوكرانيا والدعم الغربي لكييف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ver4bjz6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"