عادي

عذب الكلام

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات حسن الاتّباع: أن يأتي الشاعر أو الأديب، إلى معنىً ابتدعه غيره، فيحسن اتّباعه فيه؛ كقول أبي عمرو بن العلاء يصف جَمَله: وعَوْدٌ، قليلُ الذَّنْبِ عاوَدْتُ ضرْبَهُ إذا هاجَ شَوْقي مِنْ مَعاهدِها ذِكْرُ وقلتُ له ذَلفاءُ، ويْحَكَ، سَبّبَتْ لكَ الضَّرْبَ فاصْبِرْ إنّ عادتَكَ الصَّبْرُ أخذ ابنُ المعتزّ هذا المعنى فقال يصف خَيْله: وخَيْلٍ طواها القَوْدُ حتّى كأنَّها أنابيبُ سُمْرٌ مِنْ قَنا الخَطِّ ذُبَّلُ صَبَبْنا عَلَيْها، ظالِمينَ، سِياطَنا فطارَتْ بها أيْدٍ سِراعٌ وأرْجُلُ وقال بشّار بن برد: يا أَطْيَبَ النّاسِ ريقاً غَيْرَ مُخْتَبَرٍ إلّا شهادةَ أطْرافِ المَساويكِ وأحسن اتّباعه التّهامي فقال: ولَمْ أَشْهَدْ لَهُنَّ جَنى ولكنْ شَهِدْنَ بذاكَ أعوادُ البشامِ دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر أمية بن عبدالله أبي الصلت: غذوَتُكَ مَوْلوداً وعُلْتُكَ يافِعاً تُعَلُّ بِما أُحني عَلَيْكَ وتَنْهَلُ إِذا لَيْلَةٌ نابَتْكَ بِالشَّكْو لَمْ أَبِت لِشَكْواكَ إِلّا ساهِراً أَتَمَلْمَلُ كأَنّي أَنا المَطْروقُ دونَكَ بِالَّذي طُرِقْتَ بِهِ دوني فَعَيْنايَ تَهمُلُ تَخافُ الرَّدى نَفْسي عَلَيكَ وإِنَّني لأَعْلَمُ أَنَّ المَوْتَ حَتْمٌ مُؤَجَّلُ فَلَمّا بَلَغْتَ السِّنَّ والغايَةَ الَّتي إِلَيْها مَدى ما كُنْتُ فيكَ أُؤَمِّلُ جَعَلْتَ جَزائي غِلْظَةً وفَظاظَةً كَأَنَّكَ أَنْتَ المُنْعِمُ المُتَفَضِّل فَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبوَتي فَعَلْتَ كَما الجارُ المُجاورُ يَفْعَلُ تُراقِبُ مِنّي عَثْرَةَ أَوْ تَنالُها هَبِلْتَ وهذا مِنْكَ رَأيٌ مُضَلَّلُ وإِنَّكَ إِذْ تُبْقي لِجامي موائِلاً بِرَأيِكَ شابّاً مَرَّةً لَمُغَفَّلُ وما صَوْلَةُ الحَقِّ الضَئيلُ وخَطْرُهُ إِذا خَطَرَتْ يَوْماً قَساورُ بُزَّلُ تَراهُ مُعِدّاً لِلخِلافِ كَأَنَهُ بِرَدٍّ عَلى أَهْلِ الصَوابِ مُوَكَّلُ ولَكِنَّ مَنْ لا يَلْقَ أَمراً يَنوبُهُ بِعُدَّتِهِ يَنْزِل بِهِ وهْو أَعْزَلُ من أسرار العربية القليلُ الرقيقُ مِن ماءٍ أو نَبْتٍ أو عِلْم: رَكِيكٌ. الذي لَهُ قَدْر وَخَطَر: نَفِيسٌ. الكَلِمَةُ القَبِيحَةُ: عَوْرَاءُ. الفَعْلَةُ القبيحةُ: سَوْآءُ. جواهِرُ الأرضِ كالذّهَبِ والفِضَّةِ والنُّحاسِ: فِلِزُّ. ما أحاطَ بالشَّيءِ: إطارٌ. ما لانَ مِنْ عُودٍ أو حَبْل أو قناةٍ: لَدْنٌ. كلُّ شيءٍ جَلَسْتَ عليهِ أو نِمتَ، فوجدتَهُ وطيئاً: وثِيرٌ.

الوَجيفِ: زيادةِ ضَرَباتِ القَلْبِ، بسببِ الفَرْحةِ، والرَّجيفَ بسببِ الخَوْفِ.

السِّبْطُ: ابنُ البنتِ، والحفيدُ: ابنُ الابن.

درجَ العربُ على تسميةِ بعض المتضاداتِ باسمٍ واحدٍ، كقولهم: الجَوْنُ: للأبيض والأسْوَد. والصَّريم: للَّيل والصُّبح. والخَيلولة: للشَّكِّ واليَقين. قال أبو ذؤيب: فَبَقيتُ بَعْدَهُمُ بِعَيْشٍ ناصِبٍ وإِخالُ أنِّي لاحِقٌ مُسْتَتْبَع أي وأتيَقَّن.

والنَّدُّ: المِثلُ والضِّدُّ. والزَّوج: الذَّكر والأنثى. والقانِعُ: السَّائل والذي لا يسأل. والنَّاهل: العَطْشانُ والرَّيانُ.

هفوة وتصويب يقول بعضُهم «وكانَ في المؤسّسةِ موظفون أكِفّاءٌ» بتشديدِ الكافِ. والصواب أَكْفاءٌ (بسكونها). والكُفْءُ هو المُماثلُ لغيرهِ. والكَفاءةُ تَعني المَقْدرةَ. أمّا «أكِفّاءُ»، فهي جَمْعُ كَفيف وهو الذي لا يبصر.

ويقولُ آخرون: «رأيتُ كافّةَ الأصدقاء»، وهو خطأ، إذ إنَّ «كافّة»، لا تُستعملُ إلّا منصوبةً على الحال، والصّوابُ: «جاءَ الناسُ كافّةً». ويقولون: «سلّم القومُ على بَعضِهمُ البَعْض»، أو «على بَعْضِهم بَعضاً» وفيه خطآن: الأول، أن«بَعض» ومثلُها «كُلّ» لا تُعَرّفان ب«أل»، والثّاني: التركيبُ نفسُهُ، فلمْ يَعْرِفْهُ العربُ، وهو ركيكٌ. والصَّوابُ: «سلّم القومُ بعضُهم على بَعْضٍ».

من حكم العرب وكأنَّ شَيْبي نَظْمُ دُرٍّ زاهِرٍ في تاجِ ذي مُلْكٍ أغَرَّ مُتَوَّجِ ضَيْفٌ ألَمَّ بمَفْرقي فَقَرَيْتُهُ رَفْضَ الغِوايَةِ واقتِصادَ المَنهَجِ البيتان لدعبل الخزاعي، يقول إن الشباب وإن ولّى، فإن الشيب أهلّ كالدرر يزيّن الرأس، كتاج الملوك، فالواجب الاهتمام به، لأنه ضيف عزيز.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2cu5nhua

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"