عادي

«على شواطئ النار».. أشعار الشعوب المضطهدة

22:04 مساء
قراءة دقيقتين

صدر كتاب «على شواطئ النار» قصائد لشعراء من الأمم الأصلية للولايات المتحدة الأمريكية، اختارها وترجمها من الإنجليزية وقدم لها أسامة أسبر الذي يوضح أن المرء حين يضع مختارات شعرية بين دفتي كتاب، يفعل هذا انطلاقاً من ذائقته وثقافته الشعرية، وما يراه متميزاً في النتاج الشعري، لكن الأمر يختلف، حين يتم وضع مختارات شعرية من أدب آخر مكتوب بلغة أخرى.

يريد أسامة أسبر من هذه المختارات تقديم معرفة تتجاوز فكرة الضحية إلى فكرة الإنسان المبدع القادر دوماً على التعبير عن نفسه، وإذا كانت لغات السكان الأصليين لأمريكا قد انقرضت، أو لم تعد وسيلة تعبيرية وفرضت الإنجليزية عليهم في النظام التعليمي، فإن الشعراء المنحدرين من السكان الأصليين، استخدموا اللغة الإنجليزية على أنها لغة لهم ولونوها بألوانهم الخاصة، وشحنوها برؤاهم.

واختلف شعرهم عن شعر التيارات المرتبطة بالنظريات والحركات الشعرية المتلاحقة في الغرب بعامة، وأمريكا بخاصة، بكونه ظل لصيقاً بقضيتهم وأساطيرهم ونظرتهم إلى الوجود، وحسبان الأرض فردوس حياتنا المهدد، والذي من الواجب تقديسه وحمايته.

يقول إن: «هدفي من وراء هذه المختارات شعري وتضامني: شعري لأن شعر الشعراء المنحدرين من السكان الأصليين متنوع وعميق وغني، ويضم أسماء تتوزع على رقع جغرافية كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتضامني لأن الشعوب التي تمتلك ثقافتها الخاصة وأساطيرها ونظرتها إلى الكون أبيدت وهمشت، واستهدفت وحوربت واستولى على أرضها وحجزت في المحميات، لكنها وجدت في الشعر طريقة للتعبير عن هذا الظلم التاريخي، الذي تعرضت له».

من هنا ترجم أسامة أسبر هذه الأنطولوجيا التي تضم أهم الأصوات الشعرية من السكان الأصليين في الولايات المتحدة الأمريكية، في خطوة للتضامن مع قضاياهم كشعوب مضطهدة، وللاحتفاء بشعرهم كمنجز إبداعي غني ومتنوع، ولرؤية الآخر بعيداً عن الصور المسبقة والمعممة، أي رؤيته ضمن تعدديته واختلافاته خارج الرؤى التي يروج لها أكاديمياً وإعلامياً، أو تصنف الآخر في خانة معينة وتحول أدبه إلى وثيقة.

* فرادة

تتسم هذه المختارات بالتنوع الجغرافي والتباين الزمني، وتشمل الشعر السياسي والشعر التجريبي، وذلك الذي يستلهم التراث والميثولوجيا الهندية، والمتأثر بالحداثة، وهذا التنوع يؤكد فرادة وخصوصية التجربة الشعرية لكل شاعر، كما أن حجم المختارات لا يكفي لإصدار حكم نقدي، إلا أنه يقدم صورة أو لمحة تغري بمزيد من البحث، فشعراء هذه الأنطولوجيا يتنوعون بتنوع أممهم ومدنهم وأزمنتهم، ونظرتهم إلى الشعر وطريقتهم في كتابته، من هذا التنوع والاختلاف ينبثق شعر الهوامش في غرب الحداثة، لكن شعريته تتوهج في جميع الجهات.

هذه القصائد كما يقول أسامة أسبر هي الوحيدة القادرة على أن تقود القارئ على طرقات الشعر، والذي يخلص للشعرية بالمعنى الفني والجمالي، ويدعو إلى التأكيد على ضرورة أن يكون لدى الشاعر ما يقوله، عبر رؤيته الخاصة للوجود ولطرق التعبير عنه فنياً.

يؤكد أسامة أسبر أن هذه الأنطولوجيا تلبي طموحاً معرفياً تضامنياً مع الأصوات المهمشة، وخاصة أنها تقدم شعراء من أقوام تعرضت للإبادة والظلم في التاريخ الحديث، وتم القضاء على عالمها، وهي تحاول أن تستعيده بالشعر، ولو كان ذلك بالتلميح والإشارة والإيحاء، والغوص في عوالم الطبيعة وما وراءها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2vwcmz9p

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"