إيمان الهاشمي
من قال إن «الأفعال» بالكلام، وإن «الصمت» سيقشع الظلام، فالسلام ليس في غصن الزيتون، والشك ليس في كل الظنون، وليس كل عالـمٍ بمجنون، ولا كل الفنون بجنون، فالحزن كالشيطان، والأمل كالأوطان، والكذب كالسرطان، والسعادة في العبادة؛ والله لا يهمل عباده. أبشع ما في الحياة (الحرب)، وأجمل ما فيها إبادة حرف «الراء» بــ(الحب)؛ فهنالك قلب يرى بلا عيون، وعيون ترى بلا قلب، وهنالك احترام دون حب، بينما لا حب دون احترام، فليس الزرع في الحقل إنما في العقل، ومن (الحقد) ما قتل، والغاية لا تبرر الوسيلة، بأي وسيلة، ولذلك نؤمن أحياناً بأنه من الصواب فعل الخطأ، ومن الخطأ فعل الصواب، لأن بعض الغفران «خطيئة»، وبعض «الأعذار» بطيئة، وثمة من (يستحق) حذف حرف التاء، لأنه يحوّل حرف القاف إلى ياء، فتجده (يسحَق ولا يستحي) ليتسلّى بجرحك وجرحي!
تنفس هواء المصداقية في كذبة إبريل، وجاء إلى الدنيا ليحقق المستحيل، عانى خللاً وراثياً يُعرف بـ«متلازمة مارفان»، فطالت قامته وتضخمت يداه وتقلص الأمان. عاصر الحرب العالمية الأولى والثانية، واقترن بقريبته ولم يتزوج بعدها ثانية، فعاش حبهما حفلتين، أنجبا فيهما طفلتين، رغم إصابته العميقة بالحزن الشديد والاكتئاب، فقد مزَّق الناقدون أعماله بلا حساب، بل اعتبروا أول سيمفونيةٍ له نداً، حتى إنها لم تُعرض في حياته أبداً، فرسم قسوتهم بألحان الحنان، مع أعقاب السجائر والدخان، ونسي شكل ابتسامته في الصور الفوتوغرافية، فاكتسى العبوس وجهه بطريقةٍ خرافية.
سيرجي رخمانينوف الموسيقار الروسي، آخر ملحّني العصر الرومانسي، تأثَّر بأعمال باخ وموسيقاه البديعة، كما عشق السيارات والقوارب السريعة، في حين كره الكثيرون جُلَّ ألحانه، ولكنه لم يلجأ كغيره إلى الكأس في الحانة، وإنما تجاهل تلك الانتقادات المتعددة، واشترى منزلاً في الولايات المتحدة، ثم فجأةً احتله مرض السرطان، فمات بعد سبعين أوان، تقريباً بعد أن عزف مقطوعة شوبان، Funeral March وتعني «مسيرة التشييع»، ليرحل بعد عزفها بـ40 يوماً بالتمام، وكأنها لعنة أصابته قبل يوم ميلاده بأيام! ولا ننسى توافق كلمة March من اسم المقطوعة، مع شهر «مارس» الذي ارتاحت فيه أنفاسه الموجوعة.
من أشهر أقوال رخمانينوف المعروف فنياً بـ«اليد العملاقة»: «الموسيقى تكفي الحياة بأكملها، لكن الحياة لا تكفي الموسيقى بأكملها».
الاسـم: سيرجي رخمانينوف
التاريخ:
1873 – 1943 (70 سنة)
الجنسية:روسي
النشاط:موسيقي
