عادي
بيوت سعيدة

الزوج المثالي.. قوامة وتقوى

23:15 مساء
قراءة 4 دقائق

لا بد للمؤسسة الزوجية من رئيس ينظم أمورها ويدير شؤونها، ونظراً لأن الرجل بعيد عن حالات الضعف الأنثوي كالحمل والحيض والنفاس، ونظراً لتغلب الجانب العقلي عنده على الجانب العاطفي، ونظراً لكونه المسؤول عن الإنفاق على أسرته، لذا كان المرشح الأجدر للقيام بهذه المهمة الإدارية التربوية، مهمة القوامة، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) سورة النساء الآية 34.

يقول الشيخ أسامة نعيم مصطفى في كتابه «السعادة الزوجية وقصص الصابرين والصابرات»: للزوج المثالي علامات مميزة يجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله «أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح، ولا يهجر إلا في البيت» أخرجه أحمد.

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع: «اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف».

فالزوج المثالي في الحديث الأول هو: أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى من الملابس التي تتزين بها المرأة لزوجها لا لغيره. ولا يضرب الوجه، ولأن ضرب الوجه حرام، ولا يقبح، بألا يسمعها المكروه، ولا يشتمها، بأن يقول قبحك الله أو قبح الله وجهك، وما شابهه من الكلام، ولا يهجر إلا في البيت، أي في المضجع، ولا يتحول عنها أو يهجرها إلى دار أخرى. وعلى المتقدم للزواج أن يكون قادراً على مؤونة الزواج من جماع ونفقة حتى تكون السعادة والسكينة والرحمة والاطمئنان النفسي في الحياة الزوجية.

أما الحديث الثاني، ففيه بيان بعض العلامات والصفات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أن الرجل السعيد هو الذي يتقى الله عز وجل في زوجته، بأن يحافظ عليها وهي في بيتها، وفي خارج بيتها، وغير ذلك، وحيث شبه النبي صلى الله عليه وسلم أن النساء عند الرجال عوان، أي أسيرات، فالإنسان المسلم هو الذي يحافظ على أسيره بإكرامه، ورعايته، وبالقيام على شؤونه، فكيف بزوجته.

حسن المعاشرة والسعادة

وجاء الحديث أن النساء أمانة عند الرجال، والله عز وجل سيسأل كل إنسان عن هذه الأمانة، حفظها أم ضيعها، وجاء أيضاً أن الرجل هو الذي ينفق على زوجته بما رزقه الله، وهو الذي يكسو زوجته، وكل ذلك بالمعروف، ومن أجل أن تدوم بينهما حسن المعاشرة والسعادة أيضاً.

فاحرص أيها الزوج أن تكون كما علمك الرسول صلى الله عليه وسلم لتكون سعيداً إذا أطعمتها، وإذا كسوتها، وإذا اتقيت الله فيها، وحتى تكون منفذاً لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم.

ويوضح الشيخ أسامة كيفية اختيار المرأة زوجاً يعينها على السعادة الزوجية، وذلك بأن تحسن اختيار الرجل الذي يكون منشغلاً في الأمور التي تجلب السعادة لزوجته، والنبي صلى الله عليه وسلم بين هذا الرجل الذي يجلب السعادة للمرأة بقوله «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» أخرجه الترمذي.

ففي الحديث بيان أن الرجل صاحب الدين والخلق، هو الذي يزوج، لأن الدين أهم عامل للرجل الذي يعمل بأوامر الإسلام، ويجتنب نواهيه، ويكون براً بزوجته أميناً عليها، فإذا لم يعمل ولي أمر هذه الزوجة على تزويج صاحب الدين، ستنتشر الرذائل، والمفاسد، ولا عاصم لكثير من الناس من هذا البلاء ما لم يتزوجوا.

زواج الأكفاء

إضافة إلى الكفاءة، وهي المساواة والتقارب بين الزوج والزوجة في المستوى الديني والأخلاقي والاجتماعي والمادي، ولا ريب أن تكافؤ الزوجين من الأسباب الأساسية في نجاح الزواج، وعدم التكافؤ يحدث نوعاً من النفرة، ويسبب الفسخ والشقاق، فإذا لم يتزوج الأكفاء بعضهم من بعض لم تستمر الرابطة الزوجية، بل تتفكك المودة بينهما، وتختل روابط المصاهرة أو تضعف، ولا تتحقق بذلك أهداف الزواج الاجتماعية. وقد أشارت النصوص النبوية إلى اعتبار معنى الكفاءة بين الزوجين، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم» سنن ابن ماجة.

إن الكفاءة في الدين هي الشرط الوحيد في النكاح، وأما غير ذلك من الكفاءات من حيث الحسب والصنعة والمال فلا يشترط فيه، لكن لكل من الزوجين وأولياء الزوجة حرية الاختيار بما يناسبهما، وتحسن معه العشرة، وتتحقق دواعي الاستقرار والتآلف في الأسرة وتجنب دواعي الشقاق.

ويذكر الشيخ السيد سابق في كتابه «فقه السنة» في اختيار الزوج على الولي أن يختار لكريمته، فلا يزوجها إلا لمن له دين وخلق وشرف وحسن سمت، فإن عاشرها عاشرها بمعروف، وإن سرحها سرحها بإحسان.

قال الإمام الغزالي في الإحياء: والاحتياط في حقها أهم، لأنها رقيقة بالنكاح لا مخلص لها، والزوج قادر على الطلاق بكل حال. ومهما يزوج ابنته ظالماً أو فاسقاً أو مبتعداً أو شارب خمر، فقد جنى على دينه وتعرض لسخط الله لما قطع من الرحم وسوء الاختيار. قال رجل للحسن بن علي: إن لي بنتاً، فمن ترى أن أزوجها له؟ قال: زوجها ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها. وقالت عائشة: النكاح رق، فلينظر أحدكم أين يضع كريمته. وقال صلى الله عليه وسلم: «من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها» رواه ابن حبان.

قال ابن تيمية: ومن كان مصراً على الفسوق لا ينبغي أن يزوَّج.

وأخيراً فليتق الله أناس هان عليهم دينهم، فلا يبالون بتزويج بناتهم الصالحات ممن هم عن الدين معرضون، وللصلاة مضيعون، وبالمنكر آمرون، وعن المعروف ناهون، إيثاراً لأغراض الدنيا ومتاعها الزائل، وليعلموا أنهم بين يدى ربهم موقوفون، وعن فتنتهم لبناتهم مسؤولون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} سورة الشعراء الآية 227. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه، حفظ ذلك أم ضيعه، حتى يُسأل عن أهل بيته» أخرجه ابن حبان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3txj8z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"