د. سالم بن ارحمه
من أساسيات الذكاء الاجتماعي الابتسامة؛ فالابتسامة: إشراقة روح، ومنظر خلاب، والسحر الحلال.. تنبثق من القلب وترتسم على الشفاه فتنثر عبير المودة، وتنشر نسائم المحبة، وتستلّ عقد الضغينة والبغضاء، لتحلّ الألفة والإخاء، وكما قال الإمام ابن عيينة: «البشاشة مصيدة القلوب».
تبسم واملأ الدنيا جمالاً وكن للخير في الدنيا مثالاً
الابتسامة أقوى قوانين الجاذبية للقلوب والأرواح، فكم حُطمت على بريق الابتسامة من الحواجز الوهمية، قيل للشاعر العبّاسي كلثوم العتّابي: ما لك تحرِص على لقاء الناس بالبِشْر والترحيب؟ فقال: «رفْعُ ضغينةٍ بأيسر مؤونة، واكتسابُ مودّةٍ بأهون مبذول».
والابتسامة: لغة عالمية يفهمها الجميع حتى الطفل الصغير، وهي كلمة طيبة بغير حروف، وكم اختصرت الابتسامة كثيراً من العبارات!
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى متلاطم ولذا نحب الأنجما
المبتسمون أحسن الناس مزاجاً وأهنؤهم عيشاً وأطيبهم نفسا..
وما نظرت عيني إلى ذي بشاشةٍ من الناس إلّا وهي في العين أملحُ
فدَع ابتسامتك أولى مَلامحكَ؛ فهي لكَ صِحَة، وفي الدِين صَدقة، ولوجهك بَهاء، فالابتسامة تزيد من جمالك وحسناتك ومحبيك، فهي عربون الود، فإذا ابتسمت في وجه أحدهم، فاعلم بأنك طرقت باب قلبه، فإذا ابتسم، فاعلم بأنك قد دخلت فأحسن المقام!
إنَّ خيرَ الناس من قد جمَّله ثغره البسَّام والوجه المنير
الابتسامة مثل السلام إذا رأيتها ردها، وجهز الابتسامة قبل المصافحة
بشاشة وجه المرء خير من القِري فكيف من يعطي القِري وهو يضحك! فجمال الروح هو أن تبتسم، وجمال الأخلاق أن تجعل غيرك يبتسم.
تبسَّم إنما الصُّبحُ ابتسامٌ يبُثُّ الفألَ في وجهِ الأنامِ
ولقد أجريت العديد من البحوث والدراسات العلمية حول الابتسامة وفوائدها الصحية فتوصلوا إلى أن الابتسامة تحفظ للإنسان صحته النفسية والبدنية، وتساعد على تخفيف ضغط الدم، وتعمل على تنشيط الدورة الدموية، بل تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض والضغوط النفسية والحياتية كما تساعد المخ على الاحتفاظ بكمية كافية من الأكسجين، ولها آثار إيجابية على وظيفة القلب والبدن والمخ، وتزيد الوجه جمالاً وبهاء وتعمل على التخفيف من حموضة المعدة كما أنها تقهر الأرق والكآبة.
بل إن الابتسامة لها فوائد اقتصادية. يقول الصينيون في حكمة يرددونها: «إذا كنت لا تُجيد الابتسامة، فلا تفتح متجراً».
وإلى جانب هذه الفوائد الصحية والاقتصادية للابتسامة فإنها أيضاً باب من أبواب العبادة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك صدقة».
وهي مظهر من مظاهر حسن الخلق التي يدعو إليها الإسلام، وقال عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: «ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم».
قال ابن بطال، رحمه الله: «إن لقاء الناس بالتبسم وطلاقة الوجه؛ من أخلاق النبوة، وهو مُنافٍ للتكبر وجالب للمودة».
حَسّنِ الأخلاق دوماً وابتسم نحو الوجوه
إنّ حُسن الخُلقِ كَنزٌ فانتبه أن لا يتوه
الابتسامة تكسب بها ود القلوب، وأجراً من علام الغيوب، ولها مفعول قوي في العلاقات وهي من مؤشرات قوّة الشخصية.
واعلم أن الابتسامة مُعدية ولا تملك أمام من يَبتسم إلا أنْ تبتسمَ! فوجوه الناس مرايا، يعكسون تعامل الإنسان معهم، فالإنسان الباسم يجد الابتسام والترحيب والإكرام في كل مكان.
جمال الروح: أن تبتسم، وجمال الخُلق: أن تجعل غيرك يبتسم، والمبتسمون هم الأقرب للقلوب دائماً، فلنبتسم عبادة واتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوصى ابن عمر، رضي الله عنه ابنه، فقال: «بنيّ إن البر شيء هيّن، وجه طليق وكلام ليّن». وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن البر فقال: «وجه طلق ولسان لين».
وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم».
