دول غرب الباسفيك تدفع الثمن الاقتصادي بأمراض يمكن الوقاية منها

أبرزها الجلطات والقلب والسكري
13:35 مساء
قراءة 8 دقائق

قال مسؤول في منظمة الصحة العالمية أن بلدان غرب المحيط الهادي تواجه خسائر اقتصادية متزايدة بسبب أمراض يمكن الوقاية منها مثل الجلطات وأمراض القلب وداء السكري .

وقال الدكتور شين يونج سو مدير منطقة غرب المحيط الهادي في منظمة الصحة العالمية أن 75 في المئة من الوفيات في المنطقة بسبب أمراض لا تنتقل عن طريق العدوى .

قال شين في مقابلة قبل مؤتمر لمنظمة الصحة العالمية عقد مؤخراً في بوتراجايا العاصمة الاقليمية لماليزيا تفقد البلدان النامية في المنطقة أعداداً متزايدة من الناس الذين لا يزالون في عمر الانتاج وعليه لم تصبح الأمراض غير المعدية مشكلة صحية وحسب بل أصبحت مشكلة اقتصادية كذلك .

وقال شين ان عدد الوفيات جراء الأمراض غير المعدية الناتجة أساساً من التدخين والغذاء غير الصحي وعدم ممارسة التمرينات الرياضية تزايدت باطراد في السنوات العشر الماضية وأفادت احصاءات منظمة الصحة العالمية بأن فقدان الانتاجية بين عامي 2005 و2015 سيكلف الصين أكثر من 550 مليار دولار .

وتضم منطقة غرب المحيط الهادي 37 دولة تمتد من الصين ومنغوليا شمالاً إلى نيوزيلندا جنوباً .

وتقل أعمار نصف 26500 شخص يتوفون يومياً في المنطقة بسبب أمراض غير معدية عن 70 عاماً ويصنفون على أنهم منتجون اقتصادياً .

وتتطلب مشكلة الأمراض غير المعدية المتزايدة من الدول أن تبحث كيف تنفق ميزانياتها الصحية بطريقة أكثر كفاءة .

وقال شين كثير من الأمراض غير المعدية يتطلب علاجاً على فترات طويلة وعليه فثمة حاجة لتطوير نظم الرعاية الصحية حتى يتسنى مثلاً تقديم قدر من الرعاية للمريض في بيته مما يحرر موارد المستشفيات .

وقد ركزت مناقشات المؤتمر على تقوية الانظمة الصحية والرعاية الطبية الأولية والاهتمام بصحة المرأة والطفل وضبط الاجراءات الصحية بالإضافة إلى بحث كيفية التحكم في انتشار مرض السل والأمراض الطارئة ووضع إطار قاونوني دولي لها .

وأوضح المتحدث الرسمي لمنظمة الصحة العالمية في غرب الباسيفيك بيتر كوردينغلي أن المؤتمر ناقش أيضاً خطة توزيع اللقاحات للحماية من الأمراض المعدية مبيناً أن الهدف هو توسيع اجراءات هذه الخطة لتحقيق الأهداف التطويرية للمنظمة في هذه الالفية . وذكر أن أهم تلك الأهداف هو إيجاد خطة شاملة للتحكم في مرض حمى الضنك والأمراض الناشئة عن التغيرات الجوية . يذكر أن منظمة الصحة العالمية في غرب الباسيفيك تتخذ من العاصمة الفلبينية مانيلا مقرا لها ويجتمع وزراء الدول الأعضاء سنوياً في إحدى دول المنظمة والبالغ عددها 28 دولة .

وتقول منظمة الصحة العالمية في تقرير إن استبدال الأطمعة التقليدية بالغذاء المعلب المستورد ساهم في ارتفاع معدل انتشار السمنة والمشاكل الصحية المتعلقة بها في جزر المحيط الهادئ (الباسيفيك) .

وتتناثر آلاف الجزر عبر المحيط الهادئ لتشكل ثلاثة أقاليم هي ميلانيزيا وميكرونيزيا وبولينيزيا، ورغم صورة الشوطئ الرملية البيضاء وأنماط الحياة الهنية، تواجه هذه الجزر مشاكل صحية خطيرة، والمتهم الرئيسي هو الأطعمة المستوردة .

ويعاني أكثر من 50% من السكان في ما لا يقل عن 10 بلدان من جزر المحيط الهادئ (وربما 90% من سكان بعضها) من فرط الوزن بحسب مسوح منظمة الصحة العالمية، والأكثر خطورة هو أن معدل انتشار السمنة يتراوح بين ما يزيد على 30% في فيجي إلى نسبة 80% المستغربة بين النساء في ساموا الأمريكية من أراضي الولايات المتحدة الأمريكية .

وتعرّف منظمة الصحة العالمية فرط الوزن بقيمة منسب كتلة الجسم المساوية ل25 وما فوق، أما السمنة فتكون مع منسب كتلة الجسم المساوية للقيمة 30 وما فوق .

ومعدل انتشار السكري بين البالغين في إقليم المحيط الهادئ هو من بين أعلى المعدلات في العالم حيث يصل إلى 47% في ساموا الأمريكية مقارنة مع 13% في بر الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يتراوح بين 14% و44% في أماكن أخرى من الأقليم .

وعوز المغذيات زهيدة المقدار شائع أيضاً في هذا الاقليم حيث وجد فقر الدم لدى أكثر من خمس النساء الحوامل والأطفال في 15 من 16 بلداً أجرى المسح فيها، ورغم إحراز فيجي وبابوا غينيا الجديدة تقدم ملوحظ مؤخراً في بودنة الملح إلا أن عوز اليود والدراق المرتبط به لا يزالا متوطنين في فيجي وبابوا غينيا الجديدة وفانواتو . ولا يزال الوضع في كثير من البلدان والمقاطعات الأخرى في المحيط الهادئ بحاجة للتقييم، كما ويشكل عوز الفيتامين (أ) خطراً صحياً جوهرياً في كيريباتي وجزر مارشال وولايات ميكرونيزيا وبابوا غينيا الجديدة .

وقد شخصت أمراض غير سارية، وخصوصاً الأمراض القلبية الوعائية والسكري وفرط ضغط الدم، عند ما يقارب 40% من سكان إقليم جزر المحيط الهادئ التي يقطنها 7 .9 مليون نسمة .

ووفقاً لاجتماع عُقد في ساموا في أيلول/ سبتمبر 2000 حول الوقاية من السمنة واستراتيجيات المكافحة في اقليم المحيط الهادئ، فإن هذه الأمراض مسؤولة عن ثلاثة أرباع الوفيات الإجمالية في أنحاء الجزر و40 - 60% من إجمالي الانفاق على الرعاية الصحية .

ويلقي الدكتور تيمو ك واكانيفالو، موظف تقني للتغذية والنشاط الفيزيائي في مكتب ممثل منظمة الصحة العالمية لإقليم جنوب المحيط الهادئ في سوفا وفيجي، اللوم جزئياً في المشاكل الصحية في المنطقة على الغذاء السيئ إذ يقول فشل ترويج الأغذية التقليدية لأنها غير قادرة على منافسة فتنة الأغذية المستوردة وبهرجتها .

وقد يعرف الناس في جزر المحيط الهادئ مكونات الطعام الصحي، إنما تناضل الحكومات هناك، كما هو الحال في أجزاء كثيرة من العالم، لتبديل سلوك الناس، لقد أفاد أقل من 20% فقط من الأشخاص الذين شملهم المسح في ثمانية بلدان عن تناولهم لخمس فأكثر من حصص الفاكهة والخضار الموصى بها يومياً، فإغراء الأطعمة المستوردة أكبر، رغم أنها غالباً ما تكون غنية بالسعرات الحرارية وفقيرة بالمغذيات .

وثمة تحدّ رئيسي أمام بلدان جزر المحيط الهادئ يتمثل في إعادة تقوية التثقيف الغذائي في المدارس من خلال تعزيز ممارسات الطعام الصحي، وتقول آتيسا كاما، اخصائية التغذية الأولى في المركز الوطني للتغذية والطعام في فيجي: نحن نعلم، وحتى أطفالنا ما الذي يفترض بنا تناوله وعدم تناوله، فهناك مستوى جيد جداً من التثقيف الغذائي في فيجي، وتضيف: يتمثل التحدي أمامنا في ترجمة المعارف إلى سلوك، فالمدارس على سبيل المثال تقوم بتعليم التغذية الجيدة كجزء من المنهج الدراسي، ومع ذلك تقوم ببيع الوجبات السريعة في المقاصف المدرسية بسبب الحاجة لتحقيق الربح .

وقد اتفق المندوبون إلى قمة المحيط الهادئ للغذاء التي عقدت في فانواتو على حاجة حكومات الإقليم إلى قوانين جديدة لتنظيم صناعة الأغذية على نحو أفضل . ويقول الدكتور كولن بيل، الموظف التقني في الأمراض غير السارية في مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لغرب المحيط الهادئ في مانيلا: ليس هناك الكثير من الوضوح في تنظيم الصناعة الغذائية، وهذا يقول بأنها تحتاج لتكون في المستوى ذاته، فعلى سبيل المثال، تختلف لصاقات الأغذية باختلاف البلدان التي تأتي منها .

وتاريخياً، استورد الغذاء من أستراليا ونيوزيلندا ولكنه الآن يأتي من أماكن أبعد من ذلك بكثير كماليزيا والصين والفلبين .

ولا تشكو لصاقات الأغذية من غياب الاتساق فحسب، وإنما هي في كثير من الأحيان ليست باللغة الانجليزية، اللغة المحكية الأكثر شيوعاً في معظم بلدان جزر المحيط الهادئ .

ويشير بيل إلى أهمية وضوح اللصاقات واتساقها بقوله: الأبسط هو الأفضل، ويمكن أن تكون المعالم التغذوية البسيطة مفيدة ويجب تشجيعها، وتسمية المكونات مهمة جداً في مراقبة سلامة الأغذية وجودتها.

ويؤكد واكانيفالو أيضاً على ضرورة زيادة نسبة الأغذية المزروعة محلياً والمغذية والتقليدية منخفضة الطاقة في النظم الغذائية لسكان جزر المحيط الهادئ ويقول نحن نقوم أيضاً بإيقاف الزراعة وقطاعات صيد الأسماك الخاصة بنا لتحقيق التوازن بين العرض المحلي والتسويق، لقد قامت حملات محلية شعارها التوجه للمنتجات المحلية في ولايات ميكرونيزيا الاتحادية وغيرها من البلدان لتعزيز الأطعمة المحلية .

وأكدت قمة فانواتو على احتياجات الرضع وأهمية الإرضاع من الثدي في تحسين تغذيتهم .

وبحسب الدكتور توماسو كافالي سفورزا، المستشار الإقليمي في مكتب إقليم منظمة الصحة العالمية لغرب المحيط الهادئ للتغذية، يزيد انتشار الإرضاع من الثدي في جزر المحيط الهادئ، على ما هو عليه في العديد من بلدان إقليم منظمة الصحة العالمية لغرب المحيط الهادئ الأخرى، وأحد العوامل هو أن معامل الحليب الصناعي آثرت ألا تندفع نحو جزر المحيط الهادئ . ويقول سفورزا هناك اهتمام أقل بترويج الحليب الصناعي للرضع لأن عدد السكان أقل بكثير مما هو عليه في البلدان الآسيوية، وبالتالي تنفق الصناعة أقل بكثير على الإعلان عنها مقارنة بالفلبين مثلاً . ومع ذلك يمكن في بعض البلدان، مثل فيجي، العثور على الحليب الصناعي بكميات كبيرة في المتاجر المحلية .

بيد أن سيني كوروسغيا، اختصاصي التغذية في مكتب صندوق الأمم المتحدة للطفولة في المحيط الهادئ في سوفا في فيجي، يشير إلى نزعة انخفاض المعدلات البدئية العالية للإرضاع من الثدي لأكثر من النصف بعمر ستة أشهر لتواصل انخفاضها بعد ذلك . ويقول هناك حاجة لمزيد من الدعم للإرضاع من الثدي من أجل بناء اهتمام متجدد وجعل الإرضاع من الثدي أمراً عصرياً . ويضيف: من المحتمل جداً أن يتلقى دعم تغذية الأمهات والأطفال في الإقليم الاهتمام الذي يستحقه فيما لو أدرج على جدول أعماله .

وقال واكانيفالو إن ترسيخ أهمية التعاون كان إحدى القضايا الناجحة الرئيسية للقمة، موضحاً أن التصدي لهذه المشكلات الصحية ذات الانتشار الواسع في الإقليم يتطلب تغييرات في واردات الأغذية الزراعية التي يمكن تحقيقها على نحو أفضل من خلال التعاون بين مختلف القطاعات وفي جميع أنحاء الإقليم . وأضاف إن ما وصلت إليه القمة هو أسلوب متعدد القطاعات . حاولنا وضع الأمور في سياق الصحة والتنمية وفي الحاجة للعمل جنباً إلى جنب فيما لو أردنا تحقيق أثر ما .

ويقول بيل إنه لا بد أن تتصف أي جهود إقليمية تعاونية بالمرونة لتأخذ في اعتبارها، على سبيل المثال، سرعة تأثر جزر المحيط الهادي بآثار تبدلات المناخ على الإمدادات الغذائية، ويضيف هناك حاجة لمعطيات عن الأمن الغذائي لتشجيع صنع قرارات مستنيرة في مواجهة تبدل المناخ وغيره من التهديدات . ويحد ارتفاع تكلفة إجراء مسوحات وطنية حول الاستهلاك الغذائي من المدى الذي يمكن معه جمع معلومات عن أسباب عوز الفيتامينات والمعادن . وفي محاولة للتغلب على هذا الأمر تعمل البلدان مع منظمة الصحة العالمية والوكالات الشريكة لتجميع المعطيات والموارد من مختلف القطاعات ولتحسين جميع المعطيات وتحليلها واستخدامها لأغراض التخطيط . وفي هذا السياق، تقيم أمانة مجموعة المحيط الهادي بالتعاون مع البنك الدولي هذا الشهر حلقة عملية لموظفي الإحصاءات الوطنية من أجل تحسين جميع المعطيات واستخدامها .

ووفقاً لواكانيفالو، توضح معطيات مأمول الحياة الحاجة الملحة لاتخاذ إجراء ما، فوسطي العمر الذي يبدأ معه مرض السكري والأمراض القلبية الوعائية ينخفض تدريجياً، وفي فيجي، على سبيل المثال، لا يتجاوز عدد الذين تزيد أعمارهم على 55 سنة نسبة 16% من السكان بسبب الوفيات المبكرة الناجمة أساساً عن الأمراض غير السارية .

ويقول واكانيفالو تتلقى هذه الأمراض في نهاية المطاف ما تستحقه من اهتمام بحق على المستوى الإقليمي والعالمي خاصة مع عقد قمة المحيط الهادي للغذاء ومؤخراً في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية والمكافحة من الأمراض غير السارية .

وسوف تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وللمرة الأولى على الإطلاق، قمة في سبتمبر/ أيلول 2011 لمواجهة التهديدات الذي تمثله الأمراض غير السارية، وخصوصاً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"