حمى الدنج طريق الهلاك السريع

13:44 مساء
قراءة 4 دقائق

أصبحت الشرطية السابقة جايسي تشوي قعيدة تدفع على مقعد متحرك وظلت فاقدة القدرة على تناول الطعام لمدة أسبوع بعدما أصيبت بحمى الدنج عام 2005 وهو العام الذي شهدت فيه سنغافورة أسوأ وباء لتلك الحمى النزفية .

وقالت تشوي وعمرها الآن (38 عاماً) وتعمل محققة خاصة كان يجب نقلي إلى المستشفى لكن المستشفيات كانت ممتلئة عن آخرها بمرضى حمى الدنج ولم يجدوا سريراً شاغراً لي حتى غلبني الهزال ولم أستطع الوقوف . وتضيف لم أمرض بهذا الشكل مطلقاً وظننت أنني سأموت . وتحدث كثيرون ممن أصيبوا بحمى الدنج عن تجربتهم هذه على أنها أسوأ مرض أصيبوا به قط .

لكن الغريب ان هؤلاء لا يشكلون سوى قلة ضئيلة من بين من يصيبهم الفيروس الذي ينقله البعوض، فالغالبية العظمى لا تمرض أو انها تصاب بأعراض طفيفة لدرجة عدم ملاحظة الاصابة بالمرض أصلا .

وأظهرت الدراسات التي أجريت على بروتينات النظام المناعي التي تعرف باسم الاجسام المضادة ان عدداً كبيراً من الناس أصيبوا فعلاً بالمرض .

ويقول مارتن هيبرد مساعد مدير قسم الأمراض المعدية في معهد العوامل الوراثية بسنغافورة في سنغافورة 50 في المائة من السكان لديهم الأجسام المضادة (الخاصة بالدنج)، بينما تصل النسبة بين سكان فيتنام إلى ما يتراوح بين 90 و95 في المائة .

وأضاف هيبرد وهو خبير في علم الجينات من الواضح ان ليس كل من يصاب (بالفيروس) يمرض .

وبدأ هيبرد وزملاؤه في فيتنام وسنغافورة وماليزيا وتايلاند وكمبوديا دراسة واسعة النطاق للتعرف إلى سبب اصابة البعض بالمرض وعدم اصابة آخرين رغم أنهم حاملون للفيروس . ويأملون بأن تساعد نتيجة دراستهم على التوصل إلى دواء .

ويبحث الخبراء عما إذا كان من يصابون بحمى الدنج هم أصلاً عرضة للمرض بسبب بعض التحور في الحمض النووي (دي .ان .ايه) وما إذا كانت تحورات أخرى لنفس الجين هي التي تحمي آخرين من الاصابة بالمرض .

وحمى الدنج، أو الضنك أو أو الدنك (بالإنجليزية: dengue fever) وحمى الدنج النزفية هي أمراض حمّية حادة توجد في المناطق المدارية حيث تعتبر من الأمراض المدارية المهملة، ويسببها أربعة أنماط مصلية متقاربة من جنس الفيروس المصفر (flavivirus) من عائلة الفيروسات الخيطية، وتعرف أيضا بحمى العظم المكسور .

ويشمل انتشارها الجغرافي شمالي أستراليا، وشمالي الأرجنتين، وسنغافورة بأكملها، وماليزيا، وتايوان، وتايلاند، وفيتنام، وإندونيسيا، وهندوراس، وكوستاريكا، والفلبين، وباكستان، والهند، وسريلانكا، وبنغلاديش، والمكسيك، وسورينام، وجمهورية الدومنيكان، والبرازيل، وغويانا، وفنزويلا، وباربيدوس، وترنيداد وسامو .

وقد ظهرت حديثاً حالات من هذه الاصابة في دول عربية كالسعودية واليمن والسودان والصومال .

وغالبا ما يرتبط ظهور هذه الحالة في دول شرق آسيا بالأمطار الموسمية . وعلى خلاف الملاريا، فإن حمّى الدنج سائدة في المناطق الحضرية كما هي في المناطق الريفية . وتختلف الأنماط المصلية عن بعضها بما فيه الكفاية لمنع وجود حماية شاملة مشتركة أو حدوث وباء (فوق استيطاني) ينتج عن عدة أنماط مصلية .

وحمى الدنج تنتقل إلى البشر عبر بعوضة آييدس إجيبتاي (Aedes aegypti) أو نادرا عن طريق بعوضة آييدس ألبوبيكتس (Aedes albopictus)، اللتين تتغذيان خلال ساعات النهار .

وتقول منظمة الصحة العالمية إن حوالي اثنين ونصف مليون شخص ويشكلون خمسي سكان العالم، معرضون لخطر الإصابة بالدنج، وتقدر أنه قد يكون هناك خمسون مليون حالة من الدنج في العالم كل سنة، مشيرة إلى أن حمى الضنك الآن مرض متوطن في أكثر من مائة بلد .

وتؤكد المصادر الطبية العالمية أن عشرات الآلاف من حالات الإصابات تم رصدها في مناطق جنوب شرقي آسيا خلال هذا العام، وتحديداً نتيجة للارتفاع العام في حرارة الطقس وارتفاع منسوب تساقط الأمطار . وهو ما أدى إلى فيضانات تناقلت أنباءها وضحاياها وكالات الأنباء تباعاً في الشهور الأخيرة .

والإشكالية المثيرة لاستغراب الأوساط الطبية العالمية إزاء موجات هذه الأنباء المتشائمة حول الوضع الصحي في سنغافورة، بخصوص الحالة الوبائية لحمى الضنك، مردها أن الانطباع السائد لدى هذه الأوساط هو أن لدى السلطات السنغافورية ما يوصف بأنه واحد من أفضل برامج مكافحة حمى الضنك فاعلية، ليس على المستوى الآسيوي فقط، بل على مستوى العالم كله . وكان المأمول أن يؤدي هذا إلى قدرات أكبر في التغلب على تفشي وباء حمى الضنك في داخل أراضيها، إلا أن ما تتحدث التقارير الصحية عنه مخيب للآمال، ومنذر باحتمالات أن تكون الأمور أسوأ في مناطق أخرى في جنوب شرقي القارة .

والأكثر خطورة أن تكون مسببات العدوى بحمى الضنك تشهد طفرة في مقاومة الجهود الطبية للسيطرة عليها، إما في أنواع الفيروسات المتسببة بالمرض نفسه، أو في البعوض الناقل له .

وتقول السلطات الحكومية في سنغافورة، إن العاملين الصحيين لديها يقومون بجولات مكثفة للكشف عن أية بؤر محتملة لانتشار البعوض، سواء في المنازل أو خارجها . وقد وصلت الأمور إلى حد تغريم السكان أو المقاولين أو غيرهم مبالغ مالية تتراوح ما بين 100 إلى 20 ألف دولار سنغافوري في حال اكتشاف السلطات هناك أن ثمة بويضات للبعوض في المساكن أو غيرها . كما تمت بالفعل محاكمة أحد ملاك بحيرات صيد الأسماك بعد اكتشاف تفقيس البعوض في مياهها، وفق ما ذكرته الصحف المحلية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"