«إسرائيل» وتدمير العقل العربي

02:37 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

ثمة أخبار تظهر بين حين وآخر، تبدو للبعض غير ذات أهمية؛ بسبب زحمة الأحداث السياسية الكبيرة، والنزاعات التي تشهدها منطقتنا العربية، ولا سيما في أعقاب ما يسمى ب «الربيع العربي»؛ حيث بات مشهد الموت والقتل والتدمير، الأبرز في ساحاتنا العربية. ومن هذه الأخبار ما كشف عنه الخبير الفلسطيني المهندس خليل تفكجي، خبير الخرائط والاستيطان في بيت الشرق بالقدس المحتلة، لإحدى قنوات التلفزة العربية مؤخراً، من أن الحكومة «الإسرائيلية» تشجع على انتشار المخدرات بين الشباب الفلسطيني في القدس، وأنها تدعم كل مدمن شهرياً بمبلغ ألف دولار، من خلال مؤسسة التأمين «الإسرائيلية»، بعد التأكد من إدمانه.
وفي تصريحاته، أشار تفكجي إلى أن «إسرائيل» تمنع معالجة المدمنين، وأنه لا توجد مراكز علاج للمدمنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما وجد منها يتم إغلاقه بقرار من سلطات الاحتلال «الإسرائيلي»، لافتاً إلى أنه كان هناك مركز علاج ضخم في النبي موسى يقوم بمعالجة المدمنين، تمّ إغلاقه بأمر عسكري «إسرائيلي»، بهدف توريط أكبر عدد من الشباب بالإدمان على المخدرات.
هذا الخبر يقودنا في الواقع إلى مسألة جد مهمة في التفكير الذي يتبناه الاحتلال «الإسرائيلي»، والذي يقوم على تدمير الإنسان الفلسطيني، باعتباره النقيض الأكبر للمشروع العنصري «الإسرائيلي» في فلسطين.
وباعتبار أن الشباب الفلسطينيين، يمثلون الطليعة في مواجهة الاحتلال، فإن أي وعي سياسي أو ثقافي، أو تطور علمي لدى هذه الشريحة من المجتمع الفلسطيني، يشكل في نظر الاحتلال خطراً داهماً، يجب الحذر منه، وإجهاضه قبل أن يتحول إلى قوة سياسية وطنية فاعلة. وبطبيعة الحال فإن الطريق الأقرب لمحاصرة دور الشباب الفلسطيني بنظر قادة الاحتلال، هو إغراق هؤلاء الشباب في أمراض نفسية واجتماعية وجسدية، تشل مقدرتهم على العطاء، ولا نعتقد أن هناك أنجع من وسيلة إغراق هؤلاء الشباب في مستنقع المخدرات، لاستمرار سيرورة المشروع «الإسرائيلي» الخطِر في المنطقة.
والحقيقة التي يجب الانتباه إليها هنا هي أنه منذ إقامة المشروع «الإسرائيلي»، على أنقاض الوطن الفلسطيني، حرصت «إسرائيل» على تدمير العقل العربي، واغتيال رجال الفكر والعلماء العرب، كما عمل الموساد «الإسرائيلي» على تتبع الأشخاص الذين يمتلكون مقدرات علمية، قد تسهم في الحد من التفوق العسكري والتكنولوجي والعلمي ل«إسرائيل» على العرب.
وفي سبيل ذلك الهدف أنشأت «إسرائيل» شبكة من الجواسيس والعملاء والمخبرين في جميع دول العالم، وجامعاته، هدفها تصفية أصحاب العقول العربية، وفي التاريخ الكثير من الشواهد التي تثبت تورط «إسرائيل» باغتيال العلماء العرب والفلسطينيين خاصة. ولذلك، فإن ما كشف عنه الخبير الفلسطيني خليل تفكجي، يجب أن يؤخذ بالاعتبار، وألّا يمر عليه الإعلام مرور الكرام، خاصة أن ما يقوم به الاحتلال، يمثل جريمة حقيقية، من شأنها أن تنشر آفة الإدمان على المخدرات بين جموع الشباب الفلسطينيين، الذخيرة الأقوى في مواجهة المشروع «الإسرائيلي» العنصري التوسعي في المنطقة.
وعليه فإن من واجب كل مخلص غيور على القضية الفلسطينية والشباب الفلسطينيين الذين يواجهون بصدورهم العارية قوات الاحتلال «الإسرائيلي»، أن يفضح تلك الممارسات «الإسرائيلية» الخطِرة، والتي لا تقل خطورة عن احتلال الأرض؛ لأنها تدمر الإنسان الذي يعتبر المعادلة الأهم في الصراع العربي-«الإسرائيلي» المصيري. ناهيك عن أن هذا السلوك «الإسرائيلي»، يبين مدى السقوط الأخلاقي الذي تعانيه الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل»، والتي تسعى إلى تدمير كل شيء، يمكن أن يعترض سبيل المخططات «الإسرائيلية» التوسعية في فلسطين خاصة، والأراضي العربية بشكل عام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"