دحر التنمر

05:19 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

نعم.. جهود كبيرة تلك التي تقدمها الإمارات لدحر ظاهرة التنمر بين الأبناء في المدارس، حملات ودورات توعوية وبرامج علاجية عاجلة، وأنشطة داخلية وخارجية، أملاً في ضبط السلوكيات السلبية لدى بعض الأبناء، التي قد تقودنا إلى نتائج وخيمة، وإصابات وجروح وتشوهات وغيرها.
استوقفتني ثلاث واقعات للتنمر في بعض مدارسنا الأيام القليلة الماضية، وللأسف جميعها كانت من نصيب المدارس الخاصة، فهذا طالب يعتدي على زميله ضرباً بالمقاعد، ويصيبه بقطع في الغضروف وجرح بالأذن، والثاني ينهال ضرباً على زميله ويصيب وجهه ورقبته بإصابات بليغة، والغريب أن الحالة الثالثة كانت لطالبة تنمرت عليها بعض زميلاتها لتصاب في الوجه وأماكن متفرقة في جسدها.
حقاً لم تكن تلك المشاهد لتليق بقداسة المدرسة، ومنابر العلم التي تنهض من خلالها الشعوب والمجتمعات، وهنا نسأل إدارات تلك المدارس عن دورها في التصدي لتلك السلوكيات بين الطلبة والطالبات؟ وأين المشرفون القائمون على ضبط النظام فيها، وأين الأخصائيون المعنيون بعلاج تصرفات الطلبة غير اللائقة؟
في الواقع إن تكرار مثل هذه الحوادث في فترة وجيزة، يعني أن لدينا خللاً في مكونات تلك المدارس، وهناك نقص حاد في المشرفين القادرين على تطويع سلوكيات الطلبة نحو عملية التعليم والتعلم، وما زلنا نبحث عن الأخصائي المتمرس الذي يستطيع علاج السلوكيات وتحويل السلبيات إلى إيجابيات، أما عن التوعية والتقويم فمازالت الوسائل فيهما شكلية وسطحية.
لو كان هناك تساؤل آخر، فسيكون من نصيب الوالدين، بصفتهما الركيزة الأساسية لتقويم الأبناء وتربيتهم وتعديل سلوكياتهم، فهل كثير عليهما تقليص درجة الدلال، لضبط إيقاع السلوكيات السلبية لدى أبنائهما؟ وإن كان أبناؤنا أغلى ما نملك، لماذا نتركهم للسقوط بين براثن سوء الخُلق؟ فعلى الوالدين إدراك أن التربية تسبق التعليم، فبدون التربية والأخلاق، لا نستطيع أن نعلم أبناءنا.
حقاً لدى وزارة التربية والتعليم جهود كبيرة في هذا الاتجاه، بدءاً بحملة الأسبوع الوطني للوقاية من التنمّر الذي تشارك فيه أكثر من 25 جهة محلية واتحادية، والقنوات التي توفر المشورة حول الوقاية من التنمر في البيئة المدرسية، والبرامج التوعوية والخطط العلاجية، ولائحة سلوك المتعلمين، لدحر التنمر وتقليص أفعال الطلبة التي تؤثر سلباً في العملية التعليمية.
ولكن على الرغم من كل هذه الجهود، إلا أننا في حاجة إلى وسائل جادة متنوعة جديدة، تجمع إدارات المدارس وأولياء الأمور والطلبة والجهات القائمة على الشأن التعليمي في الدولة، ليكونوا مزيجاً مجتمعياً واحداً، يتصدى لتلك السلوكيات المزعجة، وعلينا إعادة النظر في معايير اختيار المشرفين المسؤولين عن ضبط النظام في مدارسنا، والأخصائيين المخولين تقويم سلوكيات الطلبة، لاسيما أن التنمر ظاهرة عالمية تعاني منها المجتمعات كافة، وهنا تكمن خطورتها على الأجيال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"