عادي

«انتفاضة الصغار» تنتقل من «وول ستريت» إلى الأسواق العالمية

22:53 مساء
قراءة 7 دقائق
1

متابعة: زهير العربي

تحولت انتفاضة المستثمرين الصغار في وجه صناديق التحوط التي يمتلكها أباطرة «وول ستريت»، أمس الجمعة، إلى معركة واسعة امتدت نيرانها إلى كافة أسواق الأسهم والسلع والخدمات العالمية؛ إذ شكل متداولون في العديد من الأسواق مجموعات مختلفة تأخذ من المجموعة الأمريكية التي تكونت على تطبيق «ريديت»، أهدافها لإعادة تشكيل خريطة الاستثمار بحسب أولويات وضعوها لكل سوق، وفيما بلغت خسائر الكبار حتى الأربعاء فقط، في سوق الأسهم الأمريكية وحدها نحو 71 مليار دولار، اتسعت نيران المعركة لتشمل مواجهات جديدة بين المستثمرين الأفراد وصناديق التحوط في الأسواق الأوروبية والآسيوية، كما انتقلت من أسواق الأسهم إلى أسواق السلع والخدمات، لتشهد الأسواق خسائر جسيمة للكبار، وأرباحاً مهولة وغير متوقعة لأسهم وسلع لم تكن في حسابات أباطرة الأسواق، وفي ظل ذلك لم تهنأ أسواق الأسهم بتعافٍ صمد ليوم واحد فقط، تبعته موجة ثانية أعنف من الأولى امتدت إلى كافة الأسواق، وانخفضت «وول ستريت» وأسواق الأسهم الأوروبية 1%، أمس الجمعة، بينما حققت الأسهم الآسيوية أسوأ خسارة أسبوعية في أشهر؛ إذ أضيف تأثير جيم ستوب إلى الشكوك المتنامية بشأن مستقبل موجة ارتفاع مستمرة منذ عشر سنوات، فيما ازدهرت أسواق السلع بمشتريات إضافية لسلع لم يكن متوقعاً زيادة الطلب عليها، مثل الفضة والبلاتين، في حين نجا من المعركة، «النفط والدولار».

في بورصة نيويورك، هبط مؤشر «داو جونز» الصناعي 1%، كما انخفض مؤشر «إس آند بي» 0.7%، ونزل «ناسداك» 0.4%.ولم تكد شركة أورتكس للتحليلات تنتهي من تحليلها لخسائر «وول ستريت» جراء تحركات الصغار أول أمس الخميس، مؤكدة أن مستثمري سوق الأسهم الأمريكية يجثمون فوق خسائر تقدر بنحو 70.87 مليار دولار منذ بداية العام، في رهاناتهم ضد شركات أمريكية، عقب ارتفاعات هائلة في أسعار بعض الأسهم ذات المراكز المدينة الكثيفة، حتى فاجأها الصغار بتحركات جديدة امتدت لأسواق السلع، ولم ترحم مؤشرات الأسهم أمس الجمعة، لتخضع «وول ستريت» لضغوط غير مسبوقة، من نتائج ضعيفة لشركات كبرى، وبيانات نمو دون المتوقع، حتى مع خفض التوقعات بعد «كوفيد-19»، بالإضافة إلى «انتفاضة الصغار».وقفزت بعض الأسهم، مثل سهم شركة جيم ستوب لبيع ألعاب الفيديو أكثر من 1000% على مدى الأسبوع الأخير، مدفوعة في الأساس بمستثمرين أفراد يتداولون عبر تطبيقات الإنترنت، ويتبادلون النصائح على منتديات التواصل الاجتماعي.

تغطية الخسائر

واضطرت مثل تلك المكاسب الباعة على المكشوف لإعادة شراء الأسهم من أجل تغطية خسائر محتملة، وتضخمت تلك التحركات مع شراء مزيد من المستثمرين الأفراد في الأسهم، وتُظهر بيانات أورتكس أنه حتى الأربعاء، كانت توجد مراكز مدينة خاسرة في أكثر من خمسة آلاف شركة أمريكية.

وتفيد تقديرات الشركة أن تكوين مراكز مدينة في جيم ستوب ربما بلغت تكلفته 1.03 مليار دولار منذ بداية السنة، في حين بلغت خسائر أصحاب المراكز المدينة في شركة بد باث أند بيوند 600 مليون دولار.

وشهدت جلسات تداول أمس الجمعة عودة جيش من المستثمرين غير المحترفين للتداول في جيم ستوب وأسهم أخرى نشطة أدت ارتفاعاتها هذا الأسبوع وتعليق لاحق للتعامل عليها إلى دفع المتعاملين الأفراد لمواجهة ضد صناديق التحوط التي تعمل في البيع على المكشوف.

وهوت أسهم جيم ستوب وإيه.إم.سي إنترتينمنت وبلاك بيري ما يزيد على 40% أول أمس الخميس، بعد أن فرضت عدة منصات إلكترونية وقفاً لعمليات الشراء، لكنها انتعشت في أواخر التعاملات بعد أن قالت شركتا روبن هود للوساطة عبر الإنترنت وانترآكتيف بروكرز إنهما تعتزمان تخفيف القيود الجمعة.

وأدت المواجهة بين المستثمرين الأفراد ومحترفي البيع على المكشوف إلى اضطراب أسواق الأسهم العالمية؛ إذ أجبرت الصناديق على بيع بعض الأسهم الأفضل أداء، ومن بينها أبل، لتغطية خسائر بمليارات الدولارات.

وقفزت أسهم جيم ستوب بما يصل إلى 100% أمس الجمعة، وقال أندريا سيسيوني رئيس الاستراتيجية لدى تي.إس لومبارد في لندن: «أتوقع أن ينفجر هذا ثم سيبحث حشد روبن هود عن هدف مختلف، لكن عادة ما تأتي تلك الأمور في موجات».

وانتقد مستثمرون ومشاهير وصانعو سياسات القيود التي فُرضت الخميس، فيما يقاضي عميلان روبن هود بسبب حظر التداول، وأشارت لجان في الكونجرس الأمريكي إلى أنها ستعقد جلسات استماع بشأن المسألة.

وعلى منتدى «رهانات وول ستريت» بموقع ريديت، الذي يضم قرابة ستة ملايين عضو، ويُنظر إليه على أنه غذى موجات الارتفاع، ما زالت أسهم جيم ستوب وإيه.إم.سي تحظى بالتفضيل على نحو ساحق.

وحدد جيه.بي مورجان 45 سهماً قد تكون عرضة «لإحداث هشاشة» في الأيام المقبلة، من بينها شركة العقارات ماسريتش، وشركة سلسلة المطاعم تشيزكيك فاكتوري، وستيتش فيكس لخدمة توصيل الملابس.

وعلى غرار جيم ستوب، فإن إيه.إم.سي ومجموعة أمريكان إيرلاينز، جميعها ترتفع نسب المراكز «المدينة» للأسهم فيها، مما يجعلها عرضة لضغوط على الصناديق التي راهنت على انخفاض الأسهم.

وقال راندي فريدريك، نائب الرئيس للتداول والمشتقات لدى مركز شواب للأبحاث المالية: «لسوء الحظ، هذا بالتأكيد ليس أمراً يحدث لمرة واحدة، هذا النوع من النشاط الذي يقود ذلك (التحرك) للأعلى، أعتقد تسبب في أن يسعى الناس لمضاعفة ذلك بأسماء مختلفة».

خارج «وول ستريت»

وخارج الولايات المتحدة، ارتفعت أسهم شركتي «وبجت» ومجموعة «تاسال» الأستراليتين - وهما من الأسهم ذات المراكز المدينة الكثيفة - أكثر من 5% أمس الجمعة، رغم تراجع المؤشر العام للسوق؛ حيث استهدف المستثمرون الأفراد كذلك بعض الأسماء الأوروبية ذات المراكز المدينة الأكبر في السوق، مثل بيرسون وسينوُرلد، لكن بخسائر أقل كثيراً مما في الولايات المتحدة، وتفيد بيانات أورتكس أن خسائر أصحاب المراكز المدينة في بيرسون بلغت حوالي 208 ملايين دولار، تليها نوكيا بنحو 205 ملايين دولار.

مؤشرات أوروبا

وتراجعت الأسهم الأوروبية أكثر من 1% أمس الجمعة، في ظل أجواء من الحذر حيال حمى تداولات للأفراد سيطرت على وول ستريت هذا الأسبوع.

ونزل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1.6% وهو في طريقه لإنهاء الأسبوع على أسوأ انخفاض منذ أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، وهبط المؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني للأسهم القيادية 1.7%، وداكس الألماني 1.6%، ونزل «كاك» الفرنسي 1.53%، وخسر «ميب» الإيطالي 1.3%.

وقفز سهم إريكسون السويدية في يوم مزدحم بإعلانات الأرباح 7%، بعد أن أعلنت الشركة أن الأرباح الأساسية للربع الرابع تخطت تقديرات السوق، بفضل مبيعات قوية لمعدات تكنولوجيا الجيل الخامس.

وانخفض سهم شركة إتش آند إم السويدية للأزياء 1.3% بعد أن تراجعت أرباحها لعام كامل حتى نوفمبر/ تشرين الثاني، وحذرت من أن الجائحة ستلحق ضرراً شديداً بها في الربع الحالي.

الأسهم الآسيوية

وفي آسيا، سيطر اللون الأحمر على مؤشرات القارة، فخسر «نيكاي» الياباني 1.89%، وهبط «شنجهاي» الصيني 0.63%، ونزل «هونج كونج» 0.94%، وكانت الخسائر الفادحة ل «كوسبي» في كوريا الجنوبية الذي انخفض 3.03%.

وتراجعت الأسهم الآسيوية بعد أن طغت مبيعات للمستثمرين لجني الأرباح وإعادة موازنة مراكز بنهاية الشهر على دفعة من شركات التكنولوجيا التي أعلنت عن أرباح إيجابية، وتنامى قلق المستثمرين بشأن وقوع المزيد من الاضطرابات في السوق؛ إذ تعزز حمى تداول الأفراد تقلب السوق وتكهنات بمزيد من تصفية المراكز من جانب أطراف السوق المتضررين.


أسواق المعادن على خط "جيم ستوب"

 سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً قوياً، أمس الجمعة، لكن الأسعار تمضي على مسار تسجيل انخفاض أسبوعي وشهري؛ إذ بدد الدولار المرتفع بريق المعدن الأصفر على مدار الشهر.

وصعد الذهب في المعاملات الفورية 1.7% إلى 1844.86 دولار للأوقية (الأونصة)، وارتفعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 1.77% إلى 1847.90 دولار.

وقال مايكل مكارثي، رئيس استراتيجيات السوق لدى سي.إم.سي ماركتس: «سيستمر الذهب لا يراوح مكانه إلى حد كبير؛ إذ إنه ينتظر محفزاً ملائماً»، وأضاف أن إقرار تحفيز أمريكي، وزيادة محتملة في التضخم والمجموعة القادمة من إجراءات البنوك المركزية العالمية ستكون عوامل أساسية للذهب.

ويُعتبر الذهب تحوطاً في مواجهة التضخم الناجم على الأرجح عن تحفيز واسع النطاق، وصعد الدولار 0.9% هذا الشهر بدعم من صعود عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وبفضل توقعات بأن حزمة الإنفاق المالي التي يقترحها الرئيس الأمريكي جو بايدن لن تكون كبيرة بالقدر المقترح البالغ 1.9 تريليون دولار.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة 7% إلى 27.69 دولار للأوقية، بعد أن ربحت 4.5% الخميس على إثر تحرك بعض المتعاملين لتغطية مراكز مدينة بفعل شائعات بضغط شرائي يمارسه المستثمرون الأفراد على الفضة، على غرار ما حدث في أسهم جيم ستوب، والمعدن مرتفع 3.9% في الأسبوع، وارتفع البلاتين 4.3% إلى 1119 دولاراً، وصعد البلاديوم 0.3% إلى 2340.70 دولار.

أسواق النفط تترقب

 ارتفعت أسعار الخام أمس الجمعة، لكنها تقبع في نطاقات سجلتها على مدى الأسابيع الثلاثة الفائتة، في الوقت الذي يتطلع فيه المستثمرون لمؤشرات على تغير العوامل الأساسية للعرض والطلب.

ويُسهم خفض سعودي لإمدادات النفط وتراجع مخزونات الخام في الولايات المتحدة في تبديد أثر الضغوط السعرية الناجمة عن طلب الوقود، الذي يتباطأ بسبب تعثر توزيع اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا» وسلاسل جديدة أشد عدوى للفيروس.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم مارس/ آذار 1.2% إلى 56.57 دولار للبرميل، بعد أن نزلت 0.5% في الجلسة السابقة، وانتهي أجل عقد برنت لشهر مارس/ آذار أمس الجمعة، وصعد عقد إبريل/ نيسان الأكثر نشاطاً 1.3% إلى 57.23 دولار، وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.2% إلى 52.27 دولار للبرميل بعد أن هبطت 1% الخميس.

ومن المقرر أن تخفض السعودية الإنتاج مليون برميل يومياً في فبراير/ شباط، ومارس/ آذار، كما تحسن الامتثال لقيود الإنتاج من جانب منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء، فيما يعرف باسم مجموعة أوبك+، في يناير/ كانون الثاني.

وقال فيفيك دهار، المحلل لدى بنك الكومنولث، إن الخفض السعودي يعني فعلياً أن تقليص إمدادات أوبك سيزيد من 7.2 مليون برميل يومياً في يناير/ كانون الثاني إلى 8.125 مليون برميل يومياً في فبراير/ شباط.

وقال إدوارد مويا، المحلل لدى أواندا: «استراتيجية أوبك+ ما زالت ناجعة، والآمال مرتفعة في أن يتم إقرار لقاح جونسون آند جونسون في وقت ما من الأسبوع القادم».

كما تتلقى السوق الدعم من انخفاض 9.9 مليون برميل في مخزونات الخام الأمريكية، وتوقعات بتراجع محدود في إنتاج النفط الأمريكي في فبراير/ شباط، لكن مكاسب السوق تكبحها مخاوف بشأن تعطل توزيع اللقاحات وانتشار سلالات جديدة أشد عدوى من الفيروس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"