عادي

من هو الناشط السياسي المقتول لقمان سليم.. وماذا قدّم للبنان؟

19:36 مساء
قراءة 3 دقائق
لالالالا

بيروت - أ ف ب
يعدُّ الناشط السياسي والاجتماعي لقمان سليم الذي عثر عليه مقتولاً الخميس داخل سيارته في جنوب لبنان، باحثاً ومفكراً عمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، والتوعية بأهمية المواطنة والمساواة في بلد يعاني من انقسامات وصراعات سياسية وطائفية عميقة.
وكان لقمان سليم (58 عاماً) من أشد المنتقدين للقوة السياسية والعسكرية الأكبر في لبنان، حزب الله المدعوم من إيران، ولم يمنعه ذلك من تركيز كل عمله ونشاطه في منزله الكائن في حيّ «حريك» في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، حيث أقام مركز «أمم» للأبحاث والتوثيق.
وتناول سليم الكثير من مداخلاته التلفزيونية في الآونة الأخيرة، حزب الله، الذي كان سليم يعتبر أنه يأخذ لبنان رهينة لإيران، وفي الوقت ذاته لم يتردد في انتقاد كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والعجز في لبنان.
واستعانت مراكز أبحاث عدة ومنظمات غير حكومية ودولية بخبرته ومنشوراته بسبب استقلاليته وجرأته في تناول أكثر المواضيع حساسية.
ووصفه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش الخميس بأنه «ناشط محترم» و«صوت مستقل وصادق»، معبراً عن حزنه «لخسارته المأساوية».
ومعروف عن سليم أنه كان نشيطاً وغزير الإنتاج في النشر والمشاريع التوعوية والثقافية، جريئاً في التعبير، ومتمرداً على السياسات التقليدية ورافضاً للطائفية.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ندد كثيرون بقتل «الرأي الحر» من خلال قتله بالرصاص في قرية بجنوب لبنان.

الذاكرة والمصالحة والمواطنة
ولد لقمان سليم في حيّ حريك عام 1962 من أب كان محامياً لامعاً ومعروفاً، ودرس الفلسفة في جامعة السوربون الفرنسية بباريس.
وفي «دار الجديد» للنشر التي أسسها في التسعينات، تُرجمت كتب الرئيس الإيراني الإصلاحي آنذاك محمد خاتمي، للمرة الأولى إلى العربية، وعبرها، أنتج سليم مع زوجته الألمانية مونيكا بورغمان فيلمين وثائقيين، أحدهما حول مجزرة صبرا وشاتيلا خلال الحرب الأهلية في لبنان، والثاني حول سجن تدمر في سوريا حيث تعرض سجناء لبنانيون للتعذيب.
وفي منزل العائلة في حيّ حريك الذي تتوسطه حديقة واسعة، وحيث مركز «أمم»، كان سليم يحتفظ بنسخ عن الصحف الصادرة في لبنان منذ عقود، وكان من أبرز نشاطات المركز مشروعه الهادف إلى شفاء جراح الحرب الأهلية، فجمع أرشيفاً هائلاً عن تاريخ لبنان الاجتماعي والسياسي وضعه في تصرف الباحثين والإعلاميين، ونظم أنشطة ولقاءات للدفع في اتجاه مواجهة جراح الذاكرة والمصالحة بين اللبنانيين.
وحوّل، اعتباراً من العام 2007، صالةً قرب منزل عائلته، إلى مساحة ثقافية فريدة من نوعها كانت تقام فيها معارض صور وعروض أفلام وحوارات مع فنانين ومخرجين محورها الحرب الأهلية (1975-1990).
ولقيت مؤسسته دعماً من دول أوروبية عدةً خصوصاً سويسرا وألمانيا.
وكان يعمل في الفترة الأخيرة على مشروع لتوثيق يوميات الحرب السورية.
وفي 2008، أسس جمعية «هيا بنا من أجل مواطنية جامعة»، معدداً بين أهدافها «الدفاع عن قيم المواطنة والتسامح والتعدد والديمقراطي وحقوق الإنسان».

تهم مقولبة
اتهمه مناصرون لحزب الله مراراً بأنه من الناشطين الذين ينسقون مع السفارة الأمريكية في بيروت، وبالتالي، هوجم مراراً على أنه «خائن وعميل».
وفي كانون الأول/ديسمبر 2019، تجمع عدد من الأشخاص أمام منزله في حيّ حريك، مرددين عبارات تخوين، وألصقوا شعارات على جدران المنزل كتب عليها «لقمان سليم الخائن والعميل»، و«حزب الله شرف الأمة»، و«المجد لكاتم الصوت»، وغيرها من العبارات الجاهزة.
وعلى الأثر، نشر سليم بياناً اتهم فيه من أسماهم بـ«خفافيش الظلمة» بالقيام بذلك، وحمّل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية ما جرى و«ما قد يجري» له ولعائلته ومنزله.
يصفه عارفوه وزملاؤه بأنه «هادئ الطباع»، و«قارئ نهم»، و«خفيف الظل»، وكان كذلك «متواضعاً جداً» و«كتوماً» بحسب أصدقائه، ويتحلى بـ«فصاحة كبيرة» باللغة العربية، وهو يكتب تغريداته على «تويتر» واضعاً كل الحركات والهمزات على كل الأحرف.
وعلى حسابه بموقع «تويتر»، كتب الصحفي نديم جرجورة أن سليم انتهج «سلوكاً أخلاقيّاً وثقافياً وفكريّاً» في «مقارعة تنانين السلطة، النظام الحاكم في لبنان، بأطيافه المختلفة، وإنْ يكن حزب الله أكثر من يُواجهه سليم ويُقارعه».
وأضاف أن «اغتياله منبثقٌ من سيرته كناشطٍ يُنظّر ويُحلِّل، ويعمل ميدانياً على توثيق وتسجيل ذاكرةٍ، يريدها حيّة دائماً».
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"