عادي

محافظ «المركزي»: مؤشرات التعافي بدأت ونتائج البنوك مشجعة

16:40 مساء
قراءة 5 دقائق
عبد الحميد سعيد
أبوظبي: «الخليج»

أكد مصرف الإمارات المركزي تفاؤله بالتعافي القوي لاقتصاد الإمارات مع العديد من المؤشرات التي تبشر بالعودة للنمو في 2021، وقال إن بيانات البنوك والمؤسسات المالية لعام 2020 مشجعة مع نمو طفيف في إجمالي الأصول والحفاظ على مؤشرات سيولة وملاءة مالية مرتفعة. وأضاف مؤكدا أن انخفاض مستوى الاستفادة من خطة الدعم التي طرحها المركزي إلى 50% من مستوياتها خلال فترة الذروة يعد مؤشراً قوياً على أن البنوك تعود الآن تدريجياً وبسلاسة إلى إمكانياتها وقدرتها لإدارة محافظها الائتمانية وتحديد أهدافها المستقبلية. ودعا البنوك ومجتمعات الأعمال إلى إعادة صياغة مفهوم الأعمال وصياغة خارطة طريق جديدة ومختلفة عما سبق بما يخدم أهداف النمو المستدام لدولة الإمارات.

علامات مبكرة للنمو 

وقال محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي عبد الحميد محمد سعيد الأحمدي في كلمة شملت موجز أحداث العام الماضي مع نظرة مستقبلية لتوقعات المرحلة القادمة، أن العلامات المبكرة لهذا النمو شوهدت في أواخر النصف الثاني من العام الماضي مع عودة وتيرة انتعاش التجارة العالمية وتلاشي عوائق الحماية في التنقلات. وقال إن الأداء الإيجابي للصين والجهود المنسقة من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم يعني أن الأمور تسير في الطريق الصحيح نحو عودة الحياة إلى طبيعتها. وقال أن تقديرات نمو الناتج المحلي للإمارات تشير إلى انخفاض بنسبة ما بين 3.5% إلى 6% في العام الماضي.
وقال الأحمدي أن الوتيرة السريعة لعملية التطعيم بالدولة تعطي انطباعاً جيداً حول قرب عودة الحياة إلى طبيعتها، حيث تسير هذه العملية على الطريق الصحيح للوصول إلى تطعيم أكثر من 50 % من السكان بحلول مارس 2021.
ولفت إلى أن البيانات المالية للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2020 مشجعة للغاية وتظهر المرونة التي بناها النظام المصرفي بمرور الوقت، فقد زاد إجمالي الأصول والودائع والإقراض للنظام المصرفي وإن كان ذلك بشكل طفيف. كما أن معدلات كفاية رأس المال أعلى من المستويات المطلوبة (18.2% ومعدل كفاية الشق الأول من رأس المال 17.1%)، وتبلغ السيولة 18.4%، مع وجود مستويات ملائمة وكافية من المخصصات تعني أن البنوك والمؤسسات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة قد أظهرت صلابة وثبات في مواجهة الأزمة. وقد شهدت أرباح بعض البنوك انخفاضاً، إلا أن ذلك نتيجة طبيعية لعام استثنائي، وانخفاض الأرباح أفضل من الرغبة في القيام بأعمال غير مدروسة تؤثر بشكل أساسي على الملاءة المالية للبنوك.

تحديات واستثناءات

وقال عبد الحميد سعيد: حينما بدأت في كتابة وجهة نظري الشخصية كمراجعة لأحداث عام 2020 وما تم فيه، تواردت العديد من الأفكار إلى ذهني، حيث مثل عام 2020 فترة مليئة بتحديات واستثناءات أقل ما يقال عنها أنها غير مسبوقة تمثلت بشكل أساسي في جائحة كوفيد-19 وتداعياتها التي أثرت على الشركات والقطاع الحكومي والخاص والجميع بشكل عام. وفي حين نظر البعض إلى الوضع على انه نهاية العالم، كنا نحن في دولة الإمارات العربية المتحدة، نقوم بمباشرة الأعمال ونتطلع إلى المستقبل بالمزيد من التفاؤل لوجود العديد من الفرص المتاحة ضمن النظام العالمي المتطور. إن موضوع الوباء وحجمه وتأثيره قد نوقش باستفاضة وهو ليس موضوعي هنا؛ إنما أهدف إلى التركيز على تقييم التغيير الذي حدث وما هي الخطوات التالية، وهو ما سأحاول تغطيته في هذا الموجز. ولن أتطرق إلى إحصائيات تفصيلية وإنما سأذكر أبرزها من خلال استعراض الحالة الاقتصادية ونظرتنا المستقبلية وعرض بعض الإحصائيات الأساسية.

التدخل السريع 

وقال إن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي كان دور أساسي في استقرار النظام النقدي والمالي والمصرفي بالدولة خلال الأزمة عن طريق التدخل السريع في الوقت المناسب من خلال خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة والعديد من التسهيلات التنظيمية الأخرى التي وفرت الدعم اللازم وساعدت البنوك على أداء دورها بشكل أكثر فعالية ودون ضغوطات خلال أوقات صعبة للغاية ومليئة بالتحديات. كما قامت حكومة دولة الإمارات باتخاذ العديد من التدابير الناجحة لتسهيل ممارسة الأعمال التجارية والتخفيف من الرسوم والتكاليف لضمان استمرار زخم النشاط التجاري.
وتعد الاستفادة من خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة والتي انخفضت الآن إلى حوالي 50% من وقت الذروة، مؤشراً قوياً على أن البنوك تعود الآن تدريجياً وبسلاسة إلى إمكانياتها وقدرتها لإدارة محافظها الائتمانية وتحديد أهدافها المستقبلية. وبنهاية عام 2020 تسلم مصرف الإمارات المركزي طلبات من البنوك للموافقة على توزيعات أرباح بقيمة تزيد عن 15 مليار درهم، وبعد التأكد من التزام تلك البنوك بالمتطلبات الإشرافية، تمت الموافقة مباشرةً على توزيعات الأرباح مما سيوفر سيولة نقدية في السوق لأصحاب الأسهم سواء كانوا هيئات ومؤسسات حكومية وخاصة أو أفراداً، وبالتالي تحفيز المزيد من الاستثمارات وزيادة دورة الإنفاق في الدولة.

المؤشرات الإيجابية 

وبنهاية شهر ديسمبر 2020، كان هناك عدد من المؤشرات الإيجابية المشجعة للغاية تمثلت في عودة أسواق الأسهم تدريجياً إلى طبيعتها، كما كان هناك عدد من إصدارات السندات والصكوك مع عودة النشاط في أسواق رأس المال. وفي حين ظل التضخم في النطاق السلبي، إلا أنه كان هناك المزيد من ثقة المستهلك وبدأ الإنفاق يعود إلى مستوياته الطبيعية. كما تم التحقق من علامات الانتعاش في الربع الرابع من عام 2020 من خلال عدد من المؤشرات والتي توضح ارتفاع مؤشر المشتريات أعلى من 50 نقطة، كذلك ارتفاع معدلات التوظيف بالدولة في شهر ديسمبر بنسبة 1.7% على أساس شهري طبقاً لمؤشر نظام حماية الأجور الصادر عن المصرف المركزي. وأظهرت أسعار مبيعات العقارات، التي كانت متوقفة بالنسبة للبعض، زيادة على أساس شهري من حيث التقييمات وعوائد الإيجار.

عودة قوية للنمو 

وقال إن النشاط الاقتصادي لايزال ضعيفاً، لكنه يتعافى، استناداً على تقارير التنقل المجتمعي العالمية لشهر ديسمبر الصادر عن «Google COVID-19». وتوقع عودة قوية للنمو في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات في عام 2021 حيث تواصل الحكومة تنويع مصادر الاقتصاد وتوفير المزيد من الإنفاق على البنية التحتية وتشجيع الاستثمار الخاص كمقياس للنمو والتوظيف الخاص.

تحفيز النشاط 

واكد أن دولة الإمارات تتمتع بموارد طبيعية متعددة، وحكومة راغبة وقادرة على تحفيز النشاط الاقتصادي، وتركيبة سكانية متميزة تجمع بين المواطنين والمقيمين وكلاهما يتميز بالتحدي والإصرار على مواجهة أصعب التحديات. وفي عام 2020، شهدنا حل العديد من القضايا الجيوسياسية وظهور فرص تجارية واستثمارية جديدة، والتي لم تكن متاحة من قبل، وتوجه بالدعوة إلى مجتمع الأعمال والمصارف للمشاركة في هذا العصر الجديد لبدء دورة الاستثمار، والعمل على زيادة القدرة الائتمانية، ودعم العملاء المتضررين، وصياغة خارطة طريق مختلفة عما سبق، مؤكدا أن البنوك والمؤسسات المالية الأخرى تحتاج للنظر إلى الوضع الحالي بفكر مختلف وإعادة صياغة أهدافها واستراتيجياتها بما يتناسب مع العالم الجديد الذي تم إعادة تحديد معالمه الجيوسياسية، وفي ظل اقتصاد عالمي يتحول بسرعة إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية في كافة أعماله، ووجهات تجارية جديدة ومستهلكين يطالبون بأفضل الخدمات.

دعم كافة المجالات

وقال إن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة والمصرف المركزي متواجدون دائماً لتقديم الدعم في كافة المجالات التي تتطلب ذلك وفي الوقت المناسب، وستتواصل جهود مراقبة كافة أنشطة الأعمال لضمان استمرار نموها سواء للأعمال القائمة أو الجديدة على حد سواء.
ودعا إلى تواصل التعاون لإعادة صياغة مفهومنا لممارسة وإدارة الأعمال، ومواصلة الرحلة الناجحة لدولة الإمارات بنظرة مستقبلية ملؤها التفاؤل والإصرار على تحقيق الأهداف المنشودة ومواجهة التحديات بفكر جديد وإدارة متطورة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"