الشعر يتأنق بحاضره

23:52 مساء
قراءة دقيقتين

محمد عبدالله البريكي

بعد أن أحكمت جائحة كورونا قبضتها على الأرواح، وأغلقت المنافذ والأجواء، وعطلت الحركة، وشعر المبدع بالاختناق بعد طول فترة الحجر القسري، قدمت الشارقة لقاحاً روحياً يقي الأرواح المتعبة، ويمنحها مساحة تنزع عنها أقنعة تخفي وراءها أنفاس الشعور ومواجد المبدعين، وأعلنت عن مفاجآت يحق لنا أن نطلق عليها مفاجآت فوق العادة، للشعراء الذين سلبت القصيدة لبهم، فأصبحوا يهيمون بها عشقاً وجنوناً، فالجنون هو رديف الإبداع، وهو رفيق الشعر والخلود، وقد فتحت الشارقة من خلال مسابقاتها الثقافية وفعالياتها التي أشرفت عليها دائرة الثقافة في الشارقة نوافذ الأمل، فكرمت مبدعي جائزة الشارقة للإبداع العربي، وكرمت مؤلفي الكتب، وعاد «بيت الشعر» في الشارقة للشعر والحياة، كما تواصلت الفعاليات في بيوت الشعر ضمن مبادرة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي بفضل رؤاه الثاقبة لم تتعطل الحياة، ولم تفقد بوصلة الثقافة وجهتها، ولم تغرق سفينة الحراك الأدبي في طوفان الجائحة، واستقرت على جوديّ العطاء.

 وها هي الشارقة تطير على أجنحة الأمل لتحضر أعراس القصيدة، وإنني أشعر بسعادة عارمة وأنا أتعكز على الريح، حاملاً حقيبة شوقي إلى تلك البيوت برفقة وفد الشارقة برئاسة عبدالله بن محمد العويس لألتقي بأصدقاء الكلمة الذين هم رصيدي الإبداعي والإنساني الأول، ففي الأقصر التي ستحتفي بسبعة من الفائزين في جائزة الشارقة للإبداع العربي في دورتها الأخيرة، وتقدم أسماء شعرية يعيدون للقصيدة العربية ألقها، سألتقي بهم عن قرب لأطلع على تجاربهم، وأفتح معهم جسراً للتواصل، وأتجاذب معهم أطراف البوح بالقرب من آثارها التي أراها قصائد مغروسة في الأرض تطاول السحاب شموخاً وحضارة، قصائد تحتفي بالمنبع الذي يروي مساحات شاسعة، ويصل بأنفة وشموخ إلى المصب محتفلاً بالبقاء، وبالشعراء الذين يبوحون للماء بأسرار القصيدة، فترقص طرباً مع عزفهم، وتجلس بهدوء تستمع إليهم وهم يتغنون بالشعر، فيغار ماء النيل من ماء الشعر، وتتجلى النجوم وهي تحضر تلك اللقاءات التي لا يود أحد أن تسدل الستار، وأن يواصل ديوان العرب مناجاة الكواكب، ويسافر مع الغيم حاملاً خيرات الحروف إلى الأشجار في الطرقات، والأطيار على الأغصان.

 أجلس مع أصدقاء عقدت الشارقة معهم أواصر القرب حين حلقوا في سماء تطل على «سقط اللوى» وتقف على جدران قيس، وترحل مع المتنبي، وتحدث عن شوقي وغيرهم من الشعراء الذين تركوا كنوزاً تغني عن النظر إلى ما عداها، لتشكل بعدها رؤية جديدة تقدر الأرض التي انطلقت منها خيول الدهشة.

إنها الشارقة التي آمنت بالماضي المشرق للثقافة العربية وأقامت عليه واحة ونخيلا، وسخرت له كل مقومات البقاء، ليحتفل الشعر بجذوره، ويتأنق بحاضره، بفضل الرؤى النيرة لصاحب السموّ حاكم الشارقة ، ولذلك نقول: الشعر في ظل هذه الرعاية الكريمة بخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"