الشيخ محمد بن راشد وتعزيز الثقة في القيادة

02:44 صباحا
قراءة 3 دقائق

قُلت للشيخ محمد بن راشد، حفظه الله - في مجلسٍ عام - إن ميزةً من ميزاتك العديدة الحسنة، التي تتمتع بها منفرداً، أنك تُقدس التعددية والمجتمع المدني، ولا تقول لموظفٍ يلتحق بعملك ولا لشخص تُكرمه وتُعطي له الجوائز، من أين أنت، وإلى أي إمارةٍ تنتمي، ومن هم الناس الذين جئت منهم، إلى آخر هذه التساؤلات التي يجابه بها المواطن أحياناً، والتي يَشْتمّ منها الإنسان رائحة غير مستحبة من التفريق الممجوج في مجتمعٍ منفتحٍ حضارياً وتسوده المدنية . . والشيء الوحيد الذي يهم الشيخ محمد بن راشد، أن يكون طالب العمل والمتقدم للحصول على التكريم، صاحب كفاءة ويكن الحب والوفاء للوطن وللخير الذي يصله من وراء عمله، الذي هو في النهاية منفعة الوطن . . وليس في قاموس الشيخ محمد بن راشد مفردات (من وين هو؟) في ما يتعلق بالمواطنين الإماراتيين خاصة .

وكان المجمع منعقداً بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، ولي العهد، في حفل توزيع الجوائز على الفائزين بجائزة محمد بن راشد لدعم مشروعات الشباب في دورتها السادسة، هذا المشروع المُبدع الذي يَخلق في نفوسِ الشباب الطموح وتحدي الصعاب، والبحث عن عمل تجاري وصناعي ينفع به نفسه . . وهنا يتجسد أمامنا عامل مهم وهو، أن القائد الذي يتبنى في مجتمعه هذا الأسلوب المتقدم في قيمته، سوف يكون النجاح دائماً حليفه مهما اعترضت الصعاب الطريق الذي يمشي فيه .

و في الإمارات، وعلى صعيد الإدارات المحلية، يعاني الناس أحياناً من التمييز الانتمائي، بالرغم من الاعتراف بأن هذه الظاهرة قد قل أثرها كثيراً في خلال العقد الماضي أو نحو ذلك من الوقت، ولكن لا بد من التأكيد أن السياسة السليمة والحكيمة التي يمشي عليها الشيخ محمد بن راشد، ويطبقها على الصعيد الاتحادي، هي أن التفاضل بين المواطنين يأتي عن طريق من هو الأكفأ لا غير، من دون النظر إلى الانتماء الجغرافي أو الأُسري، وهذه السياسة هي التي تخلق التوازن وتخلق لدى الجميع الإحساس بأن الأكفأ هو الذي يتقدم، وهنا تبرز التنافسية ويتولد الطموح لدى الشباب للتأهل والتطلع إلى الأعلى في نيل العُلى، والمطلوب من كل مؤسسات الدولة أن تمشي على هذا المنوال، وعلى هذه الطريقة المُثلى، ولا تسأل الفرد المتقدم إليها لنيل عمل أو منفعة عن من أبوه ومن جده، ومن الجهة التي أوصت به، ومن أية جهة من جهات الإمارات هو، وإنما تسأله عن شهادة الكفاءة، وتبحث عن حسن السيرة والسلوك لديه . . كما أن المطلوب من المؤسسات المحلية في كل إمارة، أن تُفسح المجال للمواطن الإماراتي أن ينتقل إلى أي إمارة طالباً العمل فيها، وبهذا يشعر المواطن بوحدة الأمة، وبأن حقوقه المدنية مصانة باعتباره مواطناً إماراتياً، وليس باعتباره ابن هذه الإمارة أو تلك . .

وكنت أتصفح كتاب الشيخ محمد بن راشد، رؤيتي، وقد قرأته أكثر من مرة وعملت له قراءة نقدية، وأعتبره أحسن ما كتبه زعيم عربي في العقدين الأخيرين . .، حيث يطرح الشيخ محمد، رؤى ونظريات تاريخية وحاضرية ومستقبلية . . وقد يختلف الناس في تحليلهم لهذه الرؤى، كما يختلف الناس في أي منهاج يتعلق بالعلوم الإنسانية غير العملية التطبيقية، ولكن الاختلاف يضيق ويصل إلى درجة من الاتفاق، أن الحوار المطروح في الكتاب حوار تثقيفي، يريد المتحاور من خلال حديثه أن يقدم للأمة خدمة، اجتهد في استنباط الركائز التي بموجبها تصل الأمة إلى تأمين هذه الخدمة بشكل عملي وواقعي، وبلغة بعيدة التركيز على الذات، ومعتبراً نفسه جزءاً من الكل، وعاملاً في فرقة عمل متكاملة، ما يثير لدى القارئ شعوراً بالاستحسان واحترام المتحدث، حتى لو اختلف معه في واقعية هذا الجانب من الحوار أو ذاك .

وفي ما يتعلق بالموضوع الذي نحن بصدده في هذا المقال، أود أن أشير إلى فقرات وردت في عنوان في الصفحتين 38 و39 من كتاب رؤيتي، وهذا العنوان هو . . مواصفات الرؤية القيادية الصحيحة . .:

أن تثير العزائم وتشحذ الهمم وتضرم الإبداع والمبادرة في الناس، وتحيي في نفوسهم الرغبة في المنافسة .

أن تكون إيجابية، وأن تعزز تفاؤل الناس بالقائد وبالمستقبل وببعضهم بعضاً، وتقوي ثقتهم بوطنهم وقيادتهم وتعمق انتماءهم الوطني والقومي .

هاتان الفقرتان من ضمن فقرات أخرى كثيرة، تجسد رؤية صاحب كتاب رؤيتي، الشيخ محمد بن راشد، وتجعل منه قائداً لا تلين له عزيمة في الصعب والسهل على السواء .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"