عادي
الأسر تستعيد السيطرة على الأبناء مع عودة الدراسة

نهاية «الانقلاب الصيفي»

23:05 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: زكية كردي
لكل بيت قوانين وعادات تضبط إيقاع الحياة، قد تكون هذه القوانين مرنة أو صارمة، وقد تستند إلى أولويات ومعطيات مختلفة تتعلق بظروف عمل الأهل أو قناعاتهم وعاداتهم الصحية، لكن بدون شك هناك خطوط عامة يعترف بها الجميع ويعرفون أنها المقياس الثابت الذي يعتمدون عليه في اتخاذ القرارات التربوية اليومية، ومن بينها مواعيد النوم التي يبدو أنها لم تعد تحت سيطرة الكثير من الأهل لأسباب كثيرة. وتمثل العودة إلى موسم الدراسة والصفوف العلاج الفعال لإعادة الانضباط بشكل عام والسيطرة على مواعيد نوم الأبناء ونهاية «الانقلاب الصيفي».

«عندما يسهر كل من في المنزل من الصعب أن نقنع الطفلة الصغيرة ذات الست سنوات أن عليها أن تكون في سريرها في وقت باكر، خاصة في الإجازة الصيفية حيث لا مواعيد تجبرها على الاستيقاظ باكراً».. هكذا ترى ميرفت حمدان، ربة منزل، وتقول: خرق قوانين النوم يبدأ مع الطفل الأكبر، فما أن يبلغ العاشرة ويبدأ باكتشاف أن بإمكانه السهر في الإجازة الصيفية ويمتلك القدرة على النقاش حول الأمر تبدأ سيطرة الأهل بالتراجع ليصمتوا أمام احتجاجه بشأن عدم وجود ما يقوم به في الصباح، وهكذا يمتد الأمر ليشمل باقي الأخوة وتخرج الأمور عن السيطرة، ولعل هذا أحد أهم أسباب سعادة الأهل بعودة الدوام المدرسي لأنه يفرض نظاماً محدداً في المنزل.

ولا يمكن تجاوز أمر الإزعاج الذي يسببه سهر الأطفال بالنسبة للأهل، خاصة عندما يكون لديهم عمل يلزمهم الاستيقاظ باكراً، كما هي حال محمد جمال، موظف، ويقول: أشعر بأن ساعة المنزل خرجت عن السيطرة، فلا أعلم من استيقظ ومن نام؟ خاصة عندما بدأ أبنائي الأكبر سناً يستمرون بالسهر حتى الصباح أمام الشاشات متذرعين بعدم وجود ما يفعلونه في النهار بعد انتهاء الدراسة، وبالطبع انعكست هذه الفوضى على الأطفال الأصغر سناً فلم تعد هناك مواعيد ولا إيقاع للحياة، بل يمكن القول إن إيقاع النوم انقلب من الليل إلى النهار، وهذا يسبب الكثير من التوتر والفوضى.

1

وكثيراً ما تكون هذه الحال معدية بين الأبناء حسب سليمى إبراهيم، ربة منزل، التي كانت حريصة على ضبط مواعيد نوم ولديها لسنوات، وهذا بسبب القناعات التي نشأت عليها، وتقول: أعتقد أني كنت متشددة بموضوع سهر الأطفال وما زلت أعتبره من التجاوزات التي لا أتقبلها عادة، وقد تمكنت من زرع هذه القناعة لدى ابني الذي كان يضبط نفسه بالساعة الحادية عشرة ليلاً على أنها الحد الأقصى له عندما يضطر للسهر، لكن الأمور خرجت عن السيطرة مع ظروف البقاء في المنزل وتعلقه باللعب والتواصل مع أصدقائه عبر مواقع التواصل، إذ اكتشف أن معظمهم يسهرون حتى وقت متأخر.

«عندما كان تيم ذو الثلاثة عشر عاماً يشكو من شعوره بالنعاس بسبب تأخر أهله بالسهر عند أصدقائهم، وبدا وكأنه سوف يغفو على طاولة المطبخ، رد عليه أرام متفاخراً بأنه لا ينام قبل السابعة صباحاً في الإجازة الصيفية»، هذا المشهد البسيط جعل تيم يتساءل عن سبب إصرار أمه سلامة المنصور، موظفة في شركة عقارات، على التحكم بمواعيد نومه، وتقول: على الرغم من أنه كان هو من يدافع عن هذه العادات الصحية أمام صديقه، وعن أنه يجب أن تكون هناك ضوابط حفاظاً على الجهاز العصبي والصحة عموماً، إلا أنه بداخله كان يرغب بتجربة الأمر، وبالطبع كان لا بد من الخوض بالكثير من النقاشات لتجاوز فكرة إلغاء حدود السهر أمام «البلايستيشن».

إصرار الأهل على الإمساك بزمام الأمور والحفاظ على قوانين المنزل واجب صعب في هذه الأيام أمام كل تلك المغريات والألعاب، وأمام حذاقة الأبناء في النقاش وشكواهم المتكررة من عدم وجود ما يفعلونه، وتقليدهم لأقرانهم، لكن هذا لا يعني الاستسلام والتخلي عن دورهم التربوي المهم، حسب شذا أبوصالح، موجهة تربوية، وتقول: عادة ما يضعف الأهل أمام رغبات أبنائهم ومطالبتهم بالسهر لساعات إضافية، خاصة في الصيف لأن الاستيقاظ باكراً يرغم الأطفال على النوم وينسيهم هذه الرغبة، لكن الفراغ والملل وحرية الاستيقاظ تجعل السهر يبدو كحق للطفل، بالنسبة لي أحاول أن أكون مرنة مع ابني في الصيف فلا بأس بأن يسهر لكن يجب أن تكون هناك ساعة محددة للاستيقاظ، وساعة محددة لا يفترض تجاوزها، وهذا لأحافظ على ملكة القدرة على الالتزام واحترام المواعيد لديه.

1

في العيادة يقابل د. طارق السلامة، طبيب أطفال في مستشفى عجمان التخصصي العام، الكثير من الأطفال الذين يعانون علامات الإرهاق العام كشحوب الوجه وتعب العينين، فقدان الشهية لدى البعض، أو التوجه إلى الطعام غير الصحي الذي يسبب السمنة لدى البعض الآخر، وهذا بعض من الكثير من الأضرار التي يسببها السهر للأطفال خاصة مع الألعاب الإلكترونية والأجهزة اللوحية، ويقول: جاءني طفل إلى العيادة قبل فترة يعاني رجفة في اليد والعنق بسبب الانفعال أثناء اللعب، وأخبرتني والدته أنه كثيراً ما ينسى نفسه ليلاً ويصرخ أمام شاشة اللعب ناسياً أن الجميع نيام، حيث يتركونه ساهراً مع ألعابه وينامون، وهذا يدع الطفل عرضة للكثير من المشاكل أولها غياب الرقابة من الأهل وعدم معرفتهم بالأشخاص الذين يلعب معهم، عدا عن إرهاق الجهاز العصبي وضعف التركيز والمستوى الصحي للطفل عموماً.

ويضيف: الطفل في مرحلة نمو، وعلى الأهل أن يحرصوا على جودة طعامه ونومه ودراسته في هذه المرحلة، لكن يبدو أن هذه المهمة باتت شاقة في مواجهة منتجات التكنولوجيا التي تتحكم بتوجهاتهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"