عادي

هل تستحق «علي بابا» و«تينسنت» المجازفة.. أم للقيود الصينية رأي آخر؟

22:28 مساء
قراءة 4 دقائق

إعداد: «الخليج»

تسبب تأثير السياسة التنظيمية الأخيرة، التي فرضتها بكين على بعض القطاعات الخاصة في البلاد، بتسلل الخوف إلى أذهان المستثمرين ممن يمتلكون أسهماً في العديد من الشركات الصينية، أو يفكرون في امتلاكها.

وأدت هذه المخاوف إلى تدهور أسهم أقوى شركتي تكنولوجيا في البلاد «علي بابا» و«تينسنت» بنحو 40% لكل منهما منذ منتصف فبراير/شباط الماضي. وبعد أن كانت الفكرة السائدة بين المستثمرين تتمحور حول ازدياد فرص الشراء عند انخفاض قيمة السهم السعرية، يتعين عليهم اليوم إعادة صياغة هذه القاعدة بعد أن ضربتها الاستثناءات، وبأن يفكروا في الإيجابيات والسلبيات قبل اتخاذ قرار الاستثمار في هاتين الشركتين، أو سواهما من عمالقة التقنية في الصين.

تكتلات ضخمة غنية بالنقد

تكمن إحدى إيجابيات الاستثمار في أسهم شركتي «علي بابا» أو «تينسنت» في كونهما من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، ومقرهما في بلد يملك ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة الأمريكية. كما أنهما تشكلان تكتلات ضخمة ذات أساس متين في أهم جوانب حياة المستهلك في الصين.

«علي بابا» Alibaba، هي شركة تجارة إلكترونية توفر خدمات التجزئة والخدمات اللوجستية عبر الإنترنت لأكثر من 900 مليون مستهلك في الصين، وأكثر من 1.1 مليار حول العالم، وتدير العديد من قطاعات الأعمال الأخرى بما فيها الحوسبة السحابية. وتمتلك علي بابا 33% من عملاق التكنولوجيا المالية «آنت جروب»، التي تدير بدورها تطبيق «علي باي»، منصة المدفوعات الرقمية الأشهر في الصين.

أما «تينسنت» Tencent، فهي تكتل ضخم متخصص في مجال الإنترنت والألعاب، وتقدم مجموعة من خدمات الدفع، والتطبيقات، والإعلانات، والترفيه، والشبكات الاجتماعية للمستهلكين في الصين. ويستخدم منصتها للتواصل الاجتماعي أكثر من 1.25 مليار مستخدم.

وتستحوذ ذراع تينسنت للمدفوعات الرقمية «تين باي» Tenpay، جنباً إلى جنب مع «علي باي» على ما يقرب من 90% من مدفوعات الطرف الثالث في الصين.

تقدم هاتان الشركتان معاً للمستثمرين رؤية واسعة وواضحة لمختلف مجالات الاستثمار في جميع نواحي الاقتصاد الصيني ونتائجه على المدى البعيد. فقد بلغت إيرادات علي بابا 109 مليارات دولار في السنة المالية المنتهية في 2021، وحققت تينسنت بدورها 74 مليار دولار من الإيرادات في السنة المالية 2020.

وتحوّل علي بابا حوالي 10% من كل دولار من عائداتها إلى «تدفق نقدي حر» يصب في ميزانيتها العمومية، في حين أن تينسنت، الأكثر ربحية، تحوّل 20%. وقد ساعد هذا النقد المتاح الشركتين في سداد مستحقاتهما للدائنين، ودفع أرباح الأسهم والفوائد للمستثمرين، كما أدى إلى خلق صناديق نقدية كبيرة أسهمت في امتلاك علي بابا وتينسنت نحو 73 مليار دولار و39 مليار دولار في ميزانيتهما العمومية على التوالي.

تقييمات جذابة

يبلغ إجمالي القيمة السوقية لأسهم علي بابا وتينسنت حوالي 1 تريليون دولار (448 مليار دولار، و524 مليار دولار على التوالي)، وذلك على الرغم من الانخفاض في سعر السهم خلال الأشهر الستة الماضية، واستناداً إلى إيرادات علي بابا المالية المتوقعة للسنة المالية الجارية والبالغة 142 مليار دولار، وإيرادات تينسنت المتوقعة عند 90 مليار دولار، فإن نسبة السعر إلى المبيعات (P/S) هي 3.1 و5.8 على التوالي.

الضغوط السياسية

وبالحديث عن سلبيات الاستثمار في فضاءات التكنولوجيا الصينية وعلى رأسها علي بابا وتينسنت، تجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من الثقل النقدي القوي والتقييمات الجذابة لأسهم هذه الشركات، بات واضحاً للمستثمرين أن الضغوط السياسية في الصين ستؤثر في أعمالهم التجارية، وخصوصاً بعد أن وقعت الشركتان فريسة هذه الفوضى السياسية مؤخراً.

فقد واجه جاك ما، مؤسس «علي بابا» و«آنت»، مشكلات كبيرة أدت في أهم جوانبها إلى عرقلة عملية الطرح الضخم لأسهم مجموعته للتكنولوجيا المالية «آنت» للاكتتاب العام، والذي كان متوقعاً أن تحصل الشركة من خلاله على تقييم ب 310 مليارات دولار، وكل ذلك لانتقاد الملياردير الصيني النظام المصرفي في البلاد. الأمر الذي أضر أيضاً بذراعه الثانية، عملاق التجارة الإلكترونية علي بابا، بصفتها مساهماً كبيراً.

وكشفت تينسنت، مؤخراً عن جانب خيري أتى كنتيجة طبيعية للتدقيق التنظيمي المتزايد من جانب بكين، ووسط القلق الحكومي بشأن الثروة المفرطة، والضغط السياسي لإعادة توزيعها في جميع أنحاء البلاد. وتبرعت الشركة بأموال وفيرة للمساهمة فيما سُمي ب«الرخاء المشترك»، وأعلنت عن مبلغ 100 مليار يوان (15.5 مليار دولار)، لهذا العام وحده. وبالنظر إلى دخل تينسنت لعام 2020 والبالغ 74 مليار دولار، فإن أرقام هذه التبرعات تشكل نسبة كبيرة من إجمالي الإيرادات.

عدم اليقين

يعتمد المستثمرون في أسهم «علي بابا» و«تينسنت» بشكل فعلي ورئيس على مستجدات الضغوط السياسية، على أمل أن تخف حدتها وتسمح لهذه الشركات بالعمل دون تدخل كبير من الحكومة في المستقبل.

وفي ظل استمرار نمو الشركتين، وعودة التقييمات إلى ما كانت عليه أواخر عام 2020 على أقل تقدير، فإن الاتجاه الصعودي المحتمل يجعل الاستثمار مثيراً للاهتمام. لكن المشكلة تبقى دوماً في أننا لا نستطيع أن نعرف بالتحديد ما الذي ستفعله الحكومة الصينية في المستقبل، ما يشكل غمامة سوداء من عدم اليقين تقض مضجع رواد الأعمال والمستثمرين أو من يفكر في الاستثمار في إحدى شركات التقنية في الصين.

فعدم اليقين هو في النهاية من أهم المشكلات التي تواجه شركتي «علي بابا» و«تينسنت» ومعظم قطاعات الأعمال في الصين، فلا يمكن لأحد معرفة الدرجة التي سيتم التدخل فيها بعملهم أو إلى متى. ماذا لو تم إجبار تينسنت على التبرع بمزيد من أرباحها كشرط أساسي للمضي قدماً؟ ماذا لو قرر المنظمون الصينيون تفكيك إمبراطورية جاك ما، وإجباره على بيع أسهم «علي بابا» المتغلغلة في مجموعة «آنت»؟

ولأن معرفة الإجابات عن هذه الأسئلة تتطلب المجازفة بالاحتفاظ بهذه الأسهم والرهان على السلبيات قبل الإيجابيات، فقد يكون من الأجدى للمستثمرين استكشاف فرص استثمارية بديلة قبل خوض تجربة، «قد تصيب وقد تخيب»، في علي بابا أو تينسنت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"