دراهم ومراهم

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

(فلوسك لك، وموارد البلد للجميع)، هذا هو عنوان الحكاية التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عبر «الواتس أب» منذ فترة قريبة.. تقول الحكاية: (يقول أحد الطلاب: عندما وصلت إلى هامبورغ، رتّب أحد زملائي الموجودين في هامبورغ جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم، وعندما دخلنا المطعم لاحظنا أن كثيراً من الطاولات كانت فارغة وكانت هنالك طاولة صغيرة تواجد عليها زوجان شابان لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق وعلبتين من المشروبات.. كنت أتساءل: إذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن أن تكون رومانسية، فماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الزوج؟ 
وكان هنالك عدد قليل من السيدات كبيرات السن يجلسن جانباً.. طلب زميلنا الطعام وكنا جياعاً فطلب المزيد، وبما أن المطعم كان هادئاً، وصل الطعام سريعاً لم نقض الكثير من الوقت في تناوله، وعندما هممنا بمغادرة المكان، لم نكد نصل إلى باب المطعم إلا وصوت ينادينا!! لاحظنا السيدات المسنات يتحدثن عنّا إلى مالك المطعم، ففهمنا أنهن يشعرن بالاستياء لأن هنالك حوالي ثلث الطعام متبق في الأطباق، أجابهم زميلي: «لقد دفعنا ثمن الطعام الذي طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لا يعنيكن»؟؟ فما كان من إحدى السيدات إلا أن نظرت إلينا بغضب شديد واتجهت نحو الهاتف لتجري مكالمة ما، بعد فترة من الزمن وصل رجل في زي رسمي قدّم نفسه على أنه ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية وحرر لنا مخالفة بقيمة 50€، قائلاً بلهجة حازمة: «المال لكم لكن الموارد للجميع.. ليس لديكم سبب لهدر الموارد.. اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها، فهنالك العديد من الناس في العالم يواجهون نقص الموارد».
انتهت الحكاية التي حدثت في زمن ما وفي مكان ما من هذه الحياة، أو ربما هي من نسيج خيال بعض المتمرسين في وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف توعية الناس بأهمية المحافظة على الموارد العامة، الغذائية منها وغيرها من موارد الحياة، المتوافرة في بلد ما دون آخر، ولدى أسرة ما دون أخرى؛ فإن العبرة منها هو ضرورة وعينا بما يصدر عنّا من ممارسات حياتية في ما يتعلق بعموم العمليات الشرائية والعادات الغذائية التي هي عملة ذات وجهين: وجه يحمل ضرورات الحياة من مأكل وملبس ومسكن وما إلى ذلك من مستلزمات، ووجه يوضح المبالغات في الممارسات الشرائية والغذائية المتجاوزة للحد المنطقي دينياً واجتماعياً، لاسيما ونحن في ضيافة شهر رمضان المبارك وما يصاحبه من روحانيات وعادات رمضانية متعددة، منها ما هو محمود كالكرم، ومنها ما هو مذموم كالإسراف بكل صوره وأشكاله وألوانه وفصوله وتفاصيله فيما هنالك من هو في معاناة متعددة الأوجه في مختلف جهات العالم، قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ): الأعراف (31).

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"