عادي
يقود مبادرة متحفية رائدة

ناصر سليمان يروي حكايات «العقال» في متحف تراثي مصغر

00:28 صباحا
قراءة 4 دقائق
نماذج للعقال موجودة في المتحف (تصوير: صلاح عمر)
ناصر سليمان - المتحف يضم مشغولات من تراث الأولين

دبي: أحمد النجار

يقود الإماراتي ناصر سليمان مبادرة متحفية رائدة تروي حكايات تراثية، تغوص في مئات السنين عن «تاريخ العقال»، كونه أحد أبرز مظاهر الثقافة المحلية، بصفة خاصة، والخليجية عموماً، ويحتفي ضمن مبادراته التي كشف عنها مؤخراً، والتي تتمثل في إطلاق 50 متحفاً ضمن مجمع «ميوزيم هاب» الذي يحتضن مقتنيات وتحفاً تراثية من مقتنياته الخاصة التي يتجاوز عمر أقدمها 500 عام، تتضمن بيوتاً مصغرة للتوثيق والاقتناء والاستكشاف وإثراء فضول السياح في استكشاف عناصر ملهمة ومفردات غنية من أزياء وحلي ومصوغات ومشغولات يدوية تصف حياة الأولين من زمن الأبيض والأسود.

كشف سليمان في حديثه ل«الخليج» عن مراحل تطور صناعة العقال، تسلسله التاريخي نماذج من أشكاله وألوانه ضمن متحف خاص للعقال، وقال إن الدافع لاحتواء العقال في متحف هو حاجة ثقافية ملحة، وفكرة شغوفة ظلت تراوده منذ 15عاماً، مشيراً إلى أنه زار 160 بلداً حول العالم، وعندما يجيبهم إنه قادم من الإمارات يباشرونه بسؤال: «أنتم أبناء حضارة اللؤلؤ؟، تلبسون شيئاً مميزاً على رؤوسكم نراه نحن بأنه مثل تيجان الملوك، تسمونه «العقال» نريد أن نعرف عن هذا الشيء الذي يضفي على مظهركم الكثير من هيبة وفخامة في الحضور».

وفي كل رحلاته، يعود سليمان محملاً بأسئلة بلا إجابة ولا إفادات مقنعة، وباستفسارات حائرة ملؤها اهتمام وشغف وفضول تدور بأذهان شعوب مختلفة متعددة الأعراق والأجناس، عن خصوصية هذا المنسوج التراثي الأصيل «العقال»، وقيمته ودلالة ارتدائه ونماذجه ومراتبه بين فئات المجتمع.

وأضاف سليمان: «قررت إنشاء متحف تراثي مصغر يروي حكايات «الخزام الإماراتي» من الجذور الأولى للنشأة، مروراً بمراحل تطوره على مرّ السنين، وخصصت زوايا خاصة لعرض أشكال وألوان وأنواع مختلفة من «العقال» بهدف التوثيق والاحتفاء بهذه الرموز التراثية من ثقافاتنا، وكذلك التعريف بها لجمهور الزوار والسياح الموجودين داخل مجمع «ميزيوم هاب» الكائن في سوق المرفأ في منطقة ديرة بدبي، يستعرض تاريخ صناعته ومراحل تطوره وما يرافقها من قيم ومعان وأصالة.

وأوضح سليمان أن إنشاء المتحف مر بمرحلة بحث واستقصاء وجمع وتدقيق، فقد تعمق في سيرة 3 قبائل إماراتية قديمة هي «الدروع» و«الأحبابي» وقبائل من رأس الخيمة، ليتتبع مراحل ارتداء العقال، ويقال بحسبه إن المرأة قديماً كانت ترتديه بينما لم تؤكد باحثات تراثيات هذا الأمر، لكونه لا يزال موضع دراسة وبحث».

ويملك سليمان 4 عقالات قديمة اثنين منها بألوان قابلة للارتداء، فيما اللونان الآخران مائلان للحمرة، حيث يستهويان الكثير من السياح، وهو ما يرجح بأن تلك العقالات الملونة كانت تضعها النساء على رؤوسهن في الماضي.

وأوضح سليمان أن متحف العقال هو الأول من نوعه في منطقة الخليج، وهو مبادرة مهمة وملهمة لتعريف الأجيال بأشكاله المختلفة، مشيراً إلى أن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان السياح القادمين للإمارات هو «لماذا نلبس العقال وما النبذة التاريخية عنه؟»، والإجابة وفق سليمان يمكن استكشافها في متحف العقال داخل مجمع المتاحف بدبي.

أشار سليمان إلى إنه يملك عقالاً مطعماً بالفضة، مصنوعاً من الجلد، عمره أكثر من 600 عام، توصل من خلاله إلى نتيجة أن صانعي العقالات الفخمة يحرصون عند نسجه أن يكون خفيف الوزن، ولا يتسبب بصداع للشخص، وهو ما يدحض أقوال متداولة بين بعض صانعي العقال في البصرة بالعراق، قولهم إنهم صنعوا عقالات تزن بين 4 و5 كيلوجرامات.

وأوضح أن المتحف يضم 7 عقالات قديمة ليست للبيع بألوان نسائية هي الزعفران والتركوازي واللؤلؤي المائل للزهري، والبنفسجي وغيرها، فيما تتوفر عقالات أخرى بتصاميم مشابهة متاحة للاقتناء والاحتفاظ به كذكرى أو تقديمها كهدايا خاصة في ظل إقبال السياح عليها، فضلاً عن أنها لا تزال تستخدم في بعض المناسبات والأعراس. وأضاف: «عندما تأتي السائحات لتجربة العقال بمجرد أن يضعنه على رؤوسهن، ينظرن لأنفسهن بالمرآة، فيبتسمن قائلات: لقد تغيرت ملامح وجوهنا صارت متوردة ومتوهجة بارتدائه، خصوصاً العقالات ذات الألوان الزهرية أو الحمراء».

تطور «الخزام»

يقدم المتحف فكرة وافية عن تسلسل ومراحل تطور «الخزام الإماراتي»، والخزام هو الذي كان يربط به الإبل، ويقال إن لونه يأتي مطابقاً للون «الحلال»، كما يعرض نماذج أصلية من «الشطفة» منها نماذج شبيهة لما كان يرتديه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي في الستينات، و«شطفة» أخرى شبيهة لما ارتداه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،طيب الله ثراه.

ويعرض المتحف «الشطفة» وهي عقال الملك فيصل، التي كانت تشتهر بها السعودية، وبعض مناطق الخليج، حيث تختلف «الشطفة الإماراتية» من حيث عدد العُقد المنسوجة بها، إضافة إلى جوهر شكلها وتصميمها، وقد كان التجار والشيوخ في أبوظبي ورأس الخيمة يلبسونها قديماً، إلا أن المتحف يوفر «شطفة» يمكن للعامة ارتداؤها، ذلك أن معظم اللبس السائد قديماً كان عبارة عن كندورة أو «فنيلة مع وزار» أي الرداء الملّون، وهو قطعة قماشة مستطيلة الشكل، كما يعرض المتحف «العقال الفيصلي» متوفر باللون الذهبي والفضي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"