عادي

المناخ والطب

20:58 مساء
قراءة 3 دقائق
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

(سيانتفيك أمريكان)

صحيحٌ أن تغيُّر المناخ يُمثِّل تهديداً مُلحّاً للصحة العامة، لكن تبايُن ردود الأفعال في أوساط مجتمع الرعاية الصحية ليس مستغرباً، فثمة مجموعةٌ صغيرةٌ عدداً ومتفانيةٌ في الوقت ذاته تعي أهمية الصحة البيئية، وتدرك أن الأطفال مُعرَّضون بشدة للمخاطر الصحية الناجمة عن تغير المناخ وتلوث الهواء، ويُعزى ذلك في جانبٍ منه إلى صغر أجسامهم، وعلى الجانب الآخر، ثمة مجموعةٌ أخرى من العاملين في مجال الصحة، يتملصون بسهولة من الآثار الصحية التي تنجم عن تغير المناخ، على الأقل في ممارساتهم المهنية.

وآن للأطباء أن يعترفوا بتأثيرات تغيُّر المناخ في الصحة العامة، كما آن لصانعي السياسات أن يخططوا للكيفية التي يمكن من خلالها التعامل مع تلك التأثيرات.

وفي أحدث إصدارٍ نشرته دورية «لانسيت» من تقريرها السنوي عن الصحة والمناخ، الذي يحمل اسم «العد التنازلي»، يقدم الباحثون توصيفاً للكيفية التي صارت بها الصحة ترزح تحت نِير الوقود الأحفوري، وقد شهدنا ذلك خلال فصل الصيف حين بلغت نسب غاز ثاني أكسيد الكربون – مستوىً قياسيّاً في وقتٍ تزامن مع إلغاء المدارس يومها الدراسي وإرسالها التلاميذ إلى منازلهم بسبب الارتفاعات الحادة في درجات الحرارة، وهي الكارثة المناخية الأكثر فتكاً على مدار العقود الأخيرة في الولايات المتحدة.

ويمثل تغيُّر المناخ قصة جيلٍ آخذٍ في النمو، فقد كانت السنوات السبع الماضية على كوكب الأرض هي السنوات السبع الموثقة بأنها الأشد احتراراً على الإطلاق، كما بات عددٌ كبير للغاية من الأطفال ينشأون في عالمٍ تتسبب فيه ظواهر الطقس المتطرفة وتلوث الهواء في إصابتهم بالمرض، لكننا كأطباء لا نسجل هذه الحقيقة في تقاريرنا الطبية مطلقاً.

إن تغيُّر المناخ ليس فيروساً مستجداً يفاجئ المجتمع العلمي، وإن كان احترار كوكب الأرض يعني أن الفيروس الذي ينقله البعوض ويُسبب حمى الضنك صار يعيش في أماكن لم يكن يقدر على العيش فيها من قبل، نحن الآن نملك المعرفة والقوة اللتين تجعلاننا قادرين على الانسلاخ عن اقتصادٍ يعتمد على احتراق الوقود الأحفوري، ومن خلال التغييرات التشريعية التي تهدف إلى الحد من الملوثات المسببة للاحتباس الحراري، سيصبح بمقدورنا تجنُّب الكثير من التأثيرات الضارة للاحترار العالمي في البيئة والصحة.

إن الجهود المبذولة في مواجهة تغير المناخ تُؤتي ثمارها، وبإمكان مقدمي الرعاية الصحية على جميع المستويات أن يدعموا تلك القضية، بل هم في حاجةٍ إلى ذلك.

ولحسن الحظ، أمامنا فرصةٌ كبيرة لاتخاذ إجراءات هادفة ومؤثرة، ويُعد قانون خفض التضخم هو التشريع المناخي الأضخم في تاريخ الولايات المتحدة حتى يومنا هذا، إذ يُعيدنا إلى المسار الصحيح للحد من الانبعاثات الضارة بنسبة 40% بحلول عام 2030، الأمر الذي يزيد الولايات المتحدة قرباً من تحقيق هدف خفض الانبعاثات التي قيست في عام 2005 إلى النصف بحلول عام 2030، ونحن بحاجةٍ الآن إلى استخدام هذا الإطار كأساسٍ للبناء عليه من خلال تشريعاتٍ عادلة تحقق هذا الهدف وتُلبي في الوقت ذاته احتياجات مجتمعات الخطوط الأمامية التي نالها النصيب الأكبر من الضرر البيئي الناجم عن إرثٍ من التلوث والعنصرية على المستويين المحلي والعالمي، من خلال إظهار الدعم والتأييد والدفع باتجاه إصدار تشريعاتٍ مناخية عادلة، يمكننا أن نضمن أن الأشخاص الفائزين في انتخابات التجديد النصفي سيضعون هذه القضية في مقدمة أولوياتهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/6hdfcfvu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"