عادي
تقرير إخباري:

التعداد السوداني يعيد شيطان “مثلث حلايب” إلى السطح

03:40 صباحا
قراءة 3 دقائق

فجأة، عاد مثلث حلايب الحدودي بين السودان ومصر ليشكل نذر أزمة جديدة بين البلدين، وحلايب التي تشبه قنبلة موقوتة نائمة بين البلدين الشقيقين تطفو على السطح مع تواتر وتوتر الأحداث بين الطرفين، فهي أشبه بمؤشر لمستوى العلاقة بين الخرطوم والقاهرة، ينتظر حدثا ما ليتحرك انخفاضا وارتفاعا.

وقصة حلايب قديمة، مثل قدم العلاقات بين السودانيين والمصريين، وقدم النيل نفسه، الذي كان هو الآخر مؤشراً حقيقياً لمستوى العلاقات بين الطرفين، والذي بلغ مداه إبان تشييد السد العالي وما صاحبه آنذاك من خلافات وصفقات وتهجير، وخلف مرارات عند بعض القبائل السودانية تجاوزها الجميع، إما بفعل مرور السنوات والنسيان أو التعامل مع الأمر الواقع، وكذلك حصة الطرفين في مياه النيل ومحاولات الانقلاب على الاتفاقيات التاريخية في الخصوص، لكن حلايب لم تفعل، حيث تشير الأحداث التاريخية على مر الحقب السياسية في البلدين انه لم توجد صفقة ما أو تراض كامل حول موضوع حلايب، ولم تفلح كل المحاولات السياسية والعسكرية في دفع الطرفين إلى الوصول إلى اتفاق حاسم، بل ظلت المنطقة ك مثلث الشيطان في المحيط الهادي تجذب المشاكل بين الطرفين وتغرقها ليلفها النسيان مرة أخرى. فقد نسي الجميع ردود فعل محاولة اغتيال الرئيس المصري في اديس ابابا، كما نسيت الاتهامات المتبادلة باحتضان الجماعات الإسلامية والمعارضة السودانية، وخرج النظامان الحاكمان في مصر والسودان من علقم مرارات متبادلة إلى حلاوة علاقات جيدة تشهدها الفترة الأخيرة.

ولاحت أمس نذر أزمة بين الطرفين عندما دفع التعداد السكاني الخامس الممهد لقيام الانتخابات العامة إلى بروز اسم حلايب على ألسنة المسؤولين السودانيين، ويقول الخبر إن مصر رفضت ان يشمل التعداد السكاني السوداني حلايب، لأن القاطنين هناك لا سودانيين ولا مصريين- طبقا لمسؤول التعداد السوداني الدكتور عبد القادر الجيلاني، الذي أضاف انه تحدث مع مدير الإحصاء المصري حول الأمر وقال له الاخير إن المسألة سياسية لا أنا ولا أنت نستطيع فعل شيء.

ولا تحتاج التصريحات لكبير عناء لفهم أن حلايب فعلا ورقة سياسية يلعب بها الطرفان كلما ادلهمت خطوب بينهما وأصبحت في خلفية أية معركة عض أصابع بين القاهرة والخرطوم. وقبيل يومين من بروز قضية حلايب قال مساعد الرئيس السوداني الدكتور نافع علي نافع في ندوة ببورتسودان إن حلايب سودانية لكننا لن ندخل في حرب مع مصر من اجلها، بل ذهب إلى القول لطلاب أثاروا الموضوع في الندوة من يريدها فليذهب للقتال ويستردها بدلا من أكل البوظة في الجامعة.

وطبقا لمراقبين، فإن تصريح مساعد البشير لا يخرج من استخدامه دائما لتعبيرات ساخنة ومستفزة في بعض الأحيان خلال مخاطباته الجماهيرية، حيث تمتلئ حصيلته اللغوية بكلمات قوية يقصد بها توصيل مواقف حازمة حيال عدد من القضايا السياسية. غير أن مسرح وادي النيل مصر والسودان يكشف أن الأمور سمن على عسل بين البلدين هذه الأيام، فالأسبوع الماضي وحده شهد مؤتمرا اقتصاديا ضخما في الخرطوم يفتح الباب واسعا للمستثمرين المصريين كيفما شاءوا، كما شهد زيارة الدكتور مصطفى إسماعيل مساعد الرئيس السوداني إلى القاهرة ولقاءه الرئيس حسني مبارك حاملا اليه رسالة من البشير والإعلان عن قبول السودان باستخدام مصر لأراضيه الزراعية.

ويعبر أكثر من مراقب عن يقين بأن مسألة تعداد حلايب ستكون زوبعة في فنجان، وتعود حلايب مرة أخرى لتقبع في قاع بحر العلاقات بين البلدين، ما لم تحدث مزايدات هنا وهناك خاصة وسط القوى المعارضة في البلدين والمحاولة للصيد في مياه ساحل البحر الأحمر التي تطل عليها قاعدة مثلت حلايب بسلام، وهي مياه تكشف ما بداخلها دون حاجة إلى منظار سياسي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"