عادي
نظمته رابطة أديبات الإمارات

قراءة في عرض “النمرود” على مسرح المجلس الأعلى لشؤون الأسرة

01:02 صباحا
قراءة 4 دقائق

قدمت رابطة أديبات الإمارات مساء أمس الأول على مسرح المجلس الأعلى لشؤون الأسرة عرض فيديو لمسرحية النمرود لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

حضرت العرض القاصة شيخة الناخي رئيسة رابطة الأديبات التي قدمت عقب العرض مداخلة حول المسرحية بعنوان: مسرحية النمرود من التاريخ الى الرمز تلتها ورقة ريم العيساوي بعنوان مسرحية النمرود بين المضمون الانساني العميق وجمالية الاخراج والسينوغرافيا. وكان من العضوات الحاضرات الشاعرات عاصمة عبدالرزاق، بشرى عبدالله، فيحاء قيمة، جويرية الخاجة ومهرة محمد ومن القاصات نجيبة محمد الرفاعي وفاطمة عبدالله وعائشة الزيودي وزينب عيسى وعضوتا العلاقات العامة عفراء بوسمنو واحلام عبدالله. كما حضرت الأمسية خمس عضوات صديقات للرابطة من المبدعات المسلمات العالميات.

تقول شيخة الناخي في مداخلتها: ويبقى المسرح ما بقيت الحياة عبارة ذات دلالة عميقة ومعان ثرة صرح بها صاحب السمو الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في كلمته بمناسبة اليوم العالمي للمسرح سنة ،2007 كلمة تبرز نبل رسالة هذا الفن وقدرته على التعبير عن قضايا الانسان واشكالية وجوده.

ومما يؤكد أهمية هذه الرسالة تعبيره قائلا: إن العالم الآن هو احوج ما يكون الى حركة مسرحية جديدة، بل الى ثورة مسرحية جديدة، في زمن بدأت فيه موجة الدعوة الى التعاون والتآخي بين الشعوب.

ان اهتمام صاحب السمو بالمسرح سياسة ثقافية وتأليفاً لا يعكس الوعي القوي والدور الفعال والايجابي الذي يضطلع به المسرح فحسب بل يندرج ضمن منظومة فكرية واضحة وراسخة تنبع من الايمان بأهمية البعد الثقافي ودور الثقافة في التنمية الشاملة.

لقد عبر صاحب السمو الشيخ سلطان في مسرحياته التاريخية: القضية عودة هولاكو نسخة طبق الأصل النمرود، عن قضايا الانسان العربي المأزوم وفي هذه المسرحيات يضيء دربه ويشحذ وعيه ويحثه على مواجهة التحديات التي تهدد وجوده. ومسرحية النمرود لبنة جديدة وإضافة نوعية في صرح المسرح الاماراتي النهضوي وفي منظومة صاحب السمو التي تنهل من التاريخ اخطر لحظاته من أجل الإصلاح والتنوير، وهذه المسرحية عودة مضيئة الى الرمزيات الأولى وهي العرض الذي افتتحت به أيام الشارقة المسرحية الدورة الثامنة عشرة، عرض فرقة مسرح الشارقة الوطني واخراج الفنان التونسي المنصف السويسي. والمسرحية تحيلنا على مرحلة تاريخية بعيدة في القدم لظاهرة البطش والاستبداد وقهر ارادة الشعوب الضعيفة، وهي قراءة جديدة لظاهرة العنف المعشش في النفوس والمستمر عبر التاريخ.

النمرود صرخة عالية في وجه كل حاكم متسلط ودعوة ملحة للتخلص من التجبر والغرور والانانية لأن الله هو الأقوى ومعجزته فوق كل متجبر. كما تحملنا المسرحية الى اعمال العقل ورصد واقعين، واقع تارخي في الماضي وواقع معيش كائن مستمر، والنفاذ برؤية متيقظة لحالة الضلال المسيطرة على المجتمعات تحت نير قيادة جائرة مصابة بجنون العظمة. ويمثل برج بابل رمزاً اسطورياً في الخيال الجمعي، إضافة الى كونه حقيقة تاريخية وهو شاهد على الكهوف المظلمة في وعي الإنسان القديم، وعدّ برج بابل أشهر معلم في العالم القديم كله، ورد خبر بنائه في أقدم نص توراتي في سفر التكوين حوالي القرن السابق ق.م.

وفي القرآن الكريم وردت إشارة الى غضب الله على قوم ضالين فأتى بنيانهم من أسسه: قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون (النحل: 26) وتتفق أغلب التفاسير على أن المقصود هو النمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل فأهب الله ريحاً فخرّ عليه وعلى قومه فهلكوا.

قصة النمرود ذات بعد تاريخي موغل في القدم ورمز مكثف لقضية الظلم وهو ظلم يعيده التاريخ في وجوه مختلفة، تجسّد المسرحية مرض التعلق بالسلطة الى حد ادعاء الربوبية كما تجسد صورة قوية الدلالة لمذلة الشعوب وقهرها وتنفذ الى أعماق الشعور بالقهر والاستلاب الكلي والانغلاق في دائرة الخوف والاقتناع بدعاوى النمرود بالربوبية.

وكون المسرحية من النوع الاسطوري كان إخراجها ضرباً من المغامرة والتحدي لما يتحمله النص الاسطوري من تعدد زوايا التخيّل والقراءات، كما تفتح المسرحية فسحة للتفاؤل بعالم يخلو من الصراعات والدماء.. عالم يسوده الحلم والتسامح والمحبة والأمن وتبشر بأن نهاية الظالم دائماً ذليلة ومخزية.

إن مشروع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي في مجال المسرح مشروع لافت وبارز وهو ظاهرة ثقافية نادرة تعزز الإيمان برسالة الثقافة ودورها في النهوض بالأمم وتحقيق التواصل البناء بين الشعوب.

أما ريم العيساوي فذهبت في مداخلتها الى أن مسرحية النمرود منجز فني جديد ولبنة راسخة في صرح المسرح السياسي الإماراتي، ومرحلة نيّرة من مراحل المسرح العربي وإضافة نوعية في تاريخ هذا الفن الجميل، وهي مرحلة مضيئة تضاف الى المشروع الفكري الذي سلكه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في ثلاثيته الاسكندر الأكبر ونسخة طبق الأصل وتأتي مسرحية النمرود إضافة لمنجز فني مشرق في تاريخ مسرحنا العربي الجاد والملتزم بقضايا الأمة العربية الإسلامية وبقضايا الإنسان عامة.

ووقفت العيساوي في مداخلتها على الجانب الإخراجي للمسرحية فقالت إن هذا العمل من إخراج المنصف السويسي برهن فيه بوضوح أن أساس مهارة التعبير الفني ونجاحه يكمن في جسد الممثل فكان الممثل في وضع حركة دائمة ومعبرة حركة غير منفصلة عن جسد المجموعة. وعقب المداخلتين دار نقاش شاركت فيه الحاضرات وتركز على مقدمة المسرحية وطولها ووظيفتها في التعبير عن معاني الحياة والأمن والسلم، رغم طولها فهي مفعمة بالدلالات والإيحاءات وذات شحنة رمزية عميقة، وشخصية النمرود ودوره في تصعيد الحركة والدرامية، والموسقا وايقاعها الذي لا يتماشى مع عمق المضمون، حيث علقت إحدى العضوات ببديل يتماشى يرقى بالمضمون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"