ملحمة معرفية

04:10 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

منذ سنوات قليلة، انطلق من قلب الإمارات سباق «تحدي القراءة العربي»، تلك المبادرة التي أهداها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، إلى أوطاننا العربية لتدحر الأمية والجهل، وتضيء ربوعها بالعلم والمعرفة.
والملاحظ لمسارات المبادرة، يجد أنها عززت مكانتها بين المجتمعات، ففي نسختها الأولى عام 2015، كنا نأمل في مشاركة مليون طالب فقط عربياً، ولكن جاءت المشاركات لتفوق التوقعات، لتقفز نحو 3.5 مليون طالب، وفي محطتها الثانية تجاوزت حاجز 7.4 مليون طالب مشارك، وقفزت في عامها الثالثة إلى 10 ملايين طالب، لتصل في الموسم الرابع إلى 13.5 مليون طالب وطالبة من 49 دولة.
هذه الملايين تؤكد أن التحدي ليس مجرد سباق تقليدي، بل منهجية عصرية ترسم المستقبل المعرفي للأجيال العربية، ولعل ما رصدته الإحصائيات خلال السنوات الأربع للتحدي، يجعلنا نطمئن أن أجيالنا بخير، تعي أهمية لغة القرآن الكريم، ومستقبل حضارتها، فمعظم المشاركين اكتسبوا مهارات تحليلية ونقدية وتعبيرية متفردة، وقد عزز فيهم التحدي قيماً أخلاقية متنوعة كالتسامح والانفتاح الفكري والثقافي.
في الواقع نجح التحدي في توحيد الميادين التعليمية والأسرية في العالم العربي، واستطاع في فترة وجيزة تغيير واقع القراءة العربي، وغرس حبها في الأجيال من الأطفال والشباب، فباتت عادة متأصلة في حياتهم، لا مجرد هواية تمارس وقت الفراغ، وحفزت ملكة الفضول ورغبة المعرفة لدى الجميع.
حفل ختام الدورة الرابعة للتحدي، يشكل ملحمة معرفية جديدة، تحاك بها جميع دول العالم، فهناك عباقرة يرتدون عباءة المعرفة، وأطفال تجاوزت مهاراتهم التوقعات، ليرسموا أجمل صور الحضارة العربية، وينقلوا ل22 دولة غير ناطقة بالعربية، أسرار وجماليات لغة «الضاد»، لتتابع بقية دول العالم عن كثب منهجيات بناء الجيل العربي الجديد في المطالعة وشغف المعرفة.
وهنا عجزت الكلمات عن شكر صاحب السمو نائب رئيس الدولة، على تلك المبادرة العظيمة، التي حققت قفزات نوعية في ميادين العلم، لتدحر أزمة «هجرة المطالعة» وتعيد المعرفة العربية إلى نصابها الصحيح.
ولكن في ظل تلك الإنجازات، نجد أن مدارس خاصة، اقتصر دورها على التسجيل الشكلي، واستلام جوازات طلابها، لتقف بعدها موقف المتفرج، بلا تفاعل أو جهود لتأهيل طلابها للمنافسة.
نعم شاركت 1412 مدرسة و455 ألف طالب وطالبة، ولكن الجيل الحالي في مدارسنا تجاوز مليوناً و100 ألف طالب، وهنا نسأل أين باقي أبنائنا من المنافسة في مبادرة انطلقت من دبي لتصل إلى نجوع وربوع بلدان العربية؟ نحتاج إلى إدارات مدرسية أكثر وعياً، ومشرفين يدركون أهمية هذا السباق، في تعزيز العروبة والانتماء والولاء إلى أمة واحدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"