مدارس بلا أرباح

04:56 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

يذكرنا دائماً موعد الاقتراب من نهاية الفصل الدراسي الثاني، بظاهرة طلبات المدارس الخاصة لزيادة الرسوم، إذ تنهال على الجهات المعنية من كل فج وصوب، وكأنها جزء أصيل من منظومة التعليم، ولا يجوز أن يمر العام الدراسي بدون تزاحم تلك الطلبات حتى لو بقصد المحاولة.
وعندما نبحث في أسباب الكم الهائلة وراء تلك الطلبات، نجدها ثوابت لا تتغير سنوياً، فالزيادة عادة بسبب التوسع في المباني، أو استقطاب هيئات تدريسية جديدة، أو زيادة المختبرات، أو الارتقاء بجودة التعليم، حقاً فاتورة ثقيلة يتحمل سدادها أولياء الأمور.
ومع الأسف معظم الخدمات التعليمية للمدارس صاحبة تلك الطلبات، «متواضعة»، بشهادة أولياء الأمور، بل إن نسب التميز في مخرجاتها «ضعيفة»، وكثيراً ما نرصد العديد من التجاوزات خلف أسوارها، وما زالت شريحة كبيرة من معلميها تتقاضى راتباً لا يتجاوز ألفي درهم شهرياً، ولكن وإن فشلت تلك المدارس في تجويد خدماتها التعليمية، إلا أنها ما زالت متألقة بامتياز في كيفية ترتيب أوراقها للحصول على الزيادة وفق مهارات وقدرات عالية الجودة.
وفي ظل حالة شد الهمم التي تعيشها بعض الإدارات المدرسية الآن، وزحام تلك الطلبات، استوقفتني مجموعة من المدارس غير الربحية، التي لم نرها قط في طرف الطوابير المتزاحمة «طمعاً» في زيادة رسومها، على الرغم من أن كثافتها الطلابية تصل لأكثر من 16 ألف طالب وطالبة، وتقدم تعليماً بدرجة امتياز، ومخرجاتها نماذج مشرقة ولا جدال.
هل تعلم أن قائمة أفضل خمسة نماذج في «السعادة والتسامح» على مستوى الدولة، بتقييمات «اليونيسكو»، اشتملت على «المدارس الأهلية الخيرية»، تلك المجموعة التعليمية غير الربحية، التي لم تنجح، في تعليم الأجيال وجودة المخرجات فحسب، بل كانت قادرة على تحقيق السعادة ونشر قيم التسامح بين طلابها وكوادرها، وفي المقابل ومع الأسف الشديد لم تتضمن القائمة مدرسة واحدة من المدارس المتزاحمة لزيادة رسومها، فأين السعادة في تلك المدارس؟
إن التميز لا يحتاج إلى طوابير متزاحمة، ولا ترتيب أوراق، ولا طلبات لزيادة الرسوم، وجني الأرباح، بل يحتاج إلى الإيمان برسالة العلم، وما تحمله من مبادئ وقيم وأخلاقيات، لا تقبل البيع ولا الشراء، ولا يجوز أن نتعامل مع التعليم كسلعة تخضع للعرض والطلب.
يقع على عاتق الجهات المعنية باعتماد زيادة رسوم المدارس، مسؤولية كبيرة، نظراً لأهمية التأكد من جدية ومصداقية ما تتضمنه تلك الطلبات، وينبغي وضع الطاقات المادية للأسر محدودة الدخل في الاعتبار، وعلى المدارس الخاصة تغيير نظرتها المادية، وتعلم أن الإبداع في تربية وتعليم الأجيال كنز لا يفنى، وهذا بيت القصيد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"