عادي

«التسوق القضائي» ظاهرة تثير انتقادات متزايدة بأمريكا

17:50 مساء
قراءة 3 دقائق
امبرهيرد وجوني ديب
امبرهيرد وجوني ديب
درج المحامون في الولايات المتحدة على اختيار المحاكم التي يرون أنها مؤاتية لهم لرفع الدعاوى أمامها، لكنّ هذه الظاهرة المعروفة بـ«التسوق القضائي» باتت تثير انتقادات جديدة بعد سلسلة من القرارات المسيّسة جداً.
عندما قرر الممثل جوني ديب مقاضاة زوجته السابقة أمبر هيرد بسبب تقديمها نفسها في مقالة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» كضحية للعنف الأسري، لم يلجأ إلى محاكم ولاية كاليفورنيا حيث يعيش.
فقد رفع النجم السينمائي دعواه في ولاية فيرجينيا التي تعتمد قوانين أكثر ملاءمة للمدعين في قضايا التشهير. وعلل هذا الخيار بكون خوادم الصحيفة ومطابعها موجودة في هذه الولاية.
ويوضح بروس غرين، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة فوردهام، لوكالة فرانس برس أن «المدعي يختار دائماً المنتدى الأكثر فائدة له، على أساس معايير عدة تتعلق بالجوانب العملية، والمسارات الإجرائية أو ما إذا كان يعتقد أن قضاته سيتقبلون» ملفه.
وفيما يمكن للمدعي اختيار محكمته، فهو غير مخوّل بأن يختار القاضي المكلف النظر في القضية، خصوصاً على المستوى الفيدرالي. القضاة الفيدراليون هم في الواقع عموميون والقاعدة تنص على توزيع الملفات التي تصل إلى محاكمهم بصورة عشوائية.
ولكن في بعض الولايات، وخصوصاً في تكساس، تفرض الجغرافيا نفسها. ويقول جوشوا بلاكمان، أستاذ القانون الدستوري في جامعة جنوب تكساس «هناك الكثير من الأماكن البعيدة عن كل شيء، لذلك هناك أقسام صغيرة لا تضم سوى قاضٍ فيدرالي واحد».
هذه حالة أماريلو، في شمال غرب تكساس، حيث ماثيو كاكسماريك القاضي الفيدرالي الوحيد. وقبل تعيينه في هذا المنصب من جانب الرئيس السابق دونالد ترامب، كان كاكسماريك محامياً لمنظمة يمينية وأظهر آراء محافظة للغاية.
في خطوة استراتيجية، أنشأ معارضو الإجهاض في أغسطس/ آب الماضي تحالفاً جديداً يحمل اسم «تحالف الطب الأبقراطي»، واتخذوا مقراً له في أماريلو. بعد ثلاثة أشهر، تقدموا بشكوى قضائية لمنع حبوب الإجهاض، وكانوا متأكدين من أنها ستحط في مكتب القاضي كاكسماريك.
وأيد القاضي الجمعة مطلبهم إذ قرر أن يعلق، اعتباراً من 15 إبريل/ نيسان الجاري، الترخيص الممنوح لطرح عقار ميفيبريستون (RU 486) في الأسواق.
وأثار قراره تنديداً في أوساط الديمقراطيين، إذ أبدى زعيمهم في مجلس الشيوخ تشاك شومر انزعاجاً من فكرة أن «النشطاء اليمينيين يمكنهم اختيار قاض متطرف» لانتزاع قرار يسري على الولايات المتحدة بأسرها.
لطالما كان يُنظر إلى «التسوق الجنائي» على أنه موضوع بسيط، لكن في السنوات الأخيرة، «تركز ذلك بصورة أكبر على مسائل المصلحة الوطنية مع عواقب وخيمة»، ما أثار مخاوف جديدة، وفق بروس غرين.
قبل القاضي كاكسماريك، أصدر قضاة آخرون «أوامر قضائية وطنية» لعرقلة السياسات التي تبنتها حكومات الرؤساء باراك أوباما أو دونالد ترامب أو جو بايدن، لاسيما في مسائل الهجرة.
بالنسبة لجوشوا بلاكمان، هناك عاملان غذيا هذا الاتجاه.
في عام 2013، قام مجلس الشيوخ، المكلّف بموجب الدستور الأمريكي بتثبيت القضاة الفيدراليين المعينين من الرؤساء، بتغيير قواعده: فبات القضاة يحتاجون فقط إلى 50% من أصوات أعضاء مجلس الشيوخ مقارنة بـ60% سابقاً.
نظراً لأنهم لم يعودوا بحاجة إلى دعم سياسيي المعارضة، فإن الرؤساء «يعينون قضاة أكثر بعداً عن المركز لديهم قناعات آيديولوجية أقوى»، على ما يؤكد الأستاذ الجامعي.
في الوقت نفسه، كما يقول بلاكمان، المدعون العامون للولايات - الذين يصلون إلى مناصبهم بالانتخاب - «أصبحوا أكثر عدوانية تجاه السلطة التنفيذية» إذا لم يكونوا من اللون السياسي نفسه.
وفي هذا الإطار، فإن حاكم ولاية تكساس، الجمهوري كين باكستون الذي قدم 26 مرة خلال عامين شكاوى ضد إجراءات إدارة بايدن، بينها سبع في أماريلو، يجسد تجاوزات «التسوق القضائي»، بحسب أستاذ القانون ستيف فلاديك.
وكتب هذا الخبير في افتتاحية نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» أن هذه الممارسة «مشكلة قديمة ولكن ما يفعله باكستون وآخرون أكثر خطورة بكثير» على سيادة القانون.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/84nzn6eb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"