عادي
سدّ الفجوة بين الجنسين يزيد الناتج المحلي العالمي بتريليون دولار

«الفاو»: تمكين المرأة في الزراعة يخفض مستويات الجوع

14:30 مساء
قراءة 5 دقائق
خلال دورة تدريبية في مزرعة في كينيا
دبي: «الخليج»
اعتبرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقرير جديد تحت عنوان: «وضع المرأة في النظم الزراعية والغذائية»، أن «معالجة أوجه عدم المساواة في النظم الزراعية والغذائية وتمكين المرأة، من شأنه أن يخفّض مستويات الجوع ويعزز الاقتصاد ويزيد القدرة على الصمود في وجه الصدمات مثل تغير المناخ وجائحة كوفيد-19».
وشددت على أنّ «سدّ الفجوة بين الجنسين في الإنتاجية الزراعية وفي الأجور في العمالة الزراعية من شأنه أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو تريليون دولار أمريكي، وأن يقلّص عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بمقدار 45 مليون شخص».
وعلى نحو مشابه، فإنّ «المشاريع الهادفة إلى تمكين المرأة تدرّ منافع أكبر من تلك الرامية إلى تعميم المساواة بين الجنسين فحسب».
ويوضح مؤلفو الدراسة أنه «في حال استفاد نصف صغار المنتجين من التدخلات الإنمائية التي تركز على تمكين المرأة، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع ملحوظ في المداخيل لصالح 58 مليون شخص إضافيين، وإلى زيادة القدرة على الصمود لدى 235 مليون شخص آخرين».
ويعتبر التقرير بأنه الأول الذي يصدر في هذا المجال منذ عام 2010، ويتجاوز نطاق بحثه الزراعة من أجل رسم صورة شاملة أكثر لوضع المرأة العاملة في النظم الزراعية والغذائية ككلّ، بدءاً بمرحلة الإنتاج مروراً بالتوزيع وانتهاءً بالاستهلاك.
نسبة النساء العاملات في النظم الزراعية
ويُظهر التقرير أن «نسبة النساء العاملات في النظم الزراعية والغذائية تبلغ 36% من إجمالي النساء العاملات حول العالم، مقابل نسبة 38% من الرجال. بيد أنّ أدوار النساء يغلب عليها التهميش، ومن المرجح أن تكون ظروف عملهنّ أسوأ من ظروف عمل الرجال، حيث يكون عملهنّ غير منتظم أو غير نظامي أو بدوام جزئي أو منخفض المهارات أو كثيف اليد العاملة. وبالمثل، فإنّ النساء العاملات بأجر في الزراعة يكسبن 82 سنتًا أمريكيًا مقابل كل دولار أمريكي يكسبه الرجال».
ويشير التقرير إلى أن «المرأة تتمتع بقدر أقلّ من حقوق الحيازة الآمنة للأراضي، ويكون وصولها إلى الاعتمادات والتدريب أضيق نطاقًا ويتوجب عليها العمل مع تكنولوجيا مصممة خصيصاً للرجال». وينجم عن أوجه عدم المساواة هذه، وإلى جانبها التمييز، فجوة في الإنتاجية تبلغ 24% بين المزارعين والمزارعات الذين يعملون في مزارع متساوية الحجم.
وتشدد الدراسة على وجه التحديد على أنّ «النظم الزراعية والغذائية هي مصدر هام لسبل العيش بالنسبة إلى النساء أكثر منه بالنسبة إلى الرجال في العديد من البلدان. فعلى سبيل المثال، تعمل نسبة 66% من النساء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في هذا القطاع، مقارنة بنسبة 60% من الرجال. وتهيمن النساء في جنوب آسيا على العمل في النظم الزراعية والغذائية (نسبة 71% من النساء مقابل نسبة 47% من الرجال) مع أنّ نسبة النساء في القوة العاملة أقلّ من نسبة الرجال».
المنافع الاجتماعية والاقتصادية
يقول شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، في تمهيد التقرير: «إذا ما تمّت معالجة أوجه عدم المساواة بين الجنسين المتوطنة في النظم الزراعية والغذائية وجرى تمكين المرأة، سيخطو العالم خطوةً إلى الأمام على صعيد تحقيق الهدفين المتمثلين في القضاء على الفقر وتهيئة عالم خال من الجوع».
وأردف شو دونيو: «تعتمد النظم الزراعية والغذائية الفعالة والشاملة والقادرة على الصمود والمستدامة على تمكين جميع النساء وعلى تحقيق المساواة بين الجنسين. ولطالما عملت المرأة في النظم الزراعية والغذائية. وقد آن الأوان لكي نجعل النظم الزراعية والغذائية تعمل لصالح المرأة».
انعدام المساواة المرتبط بالمناخ والصدمات الاقتصادية العالمية
ويشير التقرير أيضًا إلى أنه «عند حدوث انكماش اقتصادي، تكون المرأة أول من يفقد عملها، وقد فقدت نسبة 22% من النساء العاملات في القطاعات غير الزراعية من النظم الزراعية والغذائية حول العالم وظائفها خلال السنة الأولى من جائحة كوفيد-19، مقارنة بنسبة 2% من الرجال».
وقد ارتفعت مستويات انعدام الأمن الغذائي في صفوف النساء بصورة أسرع أثناء الجائحة، ما اضطرهنّ إلى الاضطلاع بقدر أكبر من مسؤوليات الرعاية التي غالبًا ما كان ينجم عنها تغيّب الفتيات عن المدارس بوتيرة أعلى من الفتيان. كما زادت مستويات العنف القائم على نوع الجنس، لا سيما العنف المنزلي ضد النساء والفتيات، بحسب التقرير.
وتؤكد الدراسة أيضًا أنّ «النساء هنّ أكثر ضعفاً في وجه الصدمات المناخية والكوارث الطبيعية، حيث إنّ محدودية الموارد والمعايير الجنسانية التمييزية يمكن أن تجعل عملية تكيّفهنّ أكثر صعوبة. وعلى سبيل المثال، فإنّ تراجع أعباء عمل المرأة، بما في ذلك ساعات العمل في الزراعة، أبطأ من وتيرة تراجعها بالنسبة إلى الرجل أثناء الصدمات المناخية مثل الإجهاد الحراري».
تقدّم بطيء الخطى
بالرغم من تحقيق بعض النجاح في تضييق الفجوة بين الجنسين من ناحية الوصول الرقمي والتمويل، إلّا أنّ التقدم المحرز على صعيد تضييق معظم الفجوات بين الجنسين، بعد عشرة أعوام من تاريخ آخر تقرير أصدرته المنظمة، قد تباطأ أو انعكس مساره، ما أعاق إدخال التحسينات في مختلف المجالات، من التغذية إلى النمو في مراحل الطفولة المبكرة، ومن الدخل إلى الحصول على وظائف جيدة.
علاوة على ذلك، فإنّ «أوجه عدم المساواة تعيق تقدم المرأة على جميع المستويات وفي الأدوار كافة. إذ تفتقر المرأة إلى إمكانية الوصول إلى التدريب والائتمانات والأدوات الأساسية، بما في ذلك الأراضي والأسمدة ونظم الري التي تمكّنها وتشجعها على المساهمة على قدم المساواة».
وتشدد الدراسة على أنه «بالرغم من التحسن الذي شهدته الأطر السياسية الوطنية التي تعالج قضايا الجنسين على مدى العقد المنصرم، إلّا أنّ عدم المساواة بين الجنسين في النظم الزراعية والغذائية لا يزال قائماً، ويعزى ذلك جزئياً إلى كون السياسات والمؤسسات والمعايير الاجتماعية التمييزية لا تزال تحدّ من تكافؤ الفرص ومنح حقوق متساوية في الوصول إلى الموارد».
التوصيات
وخلُص التقرير بوجه عام إلى أنّ «الحد من أوجه عدم المساواة في سبل العيش بين الجنسين وتحسين الوصول إلى الموارد وتعزيز القدرة على الصمود، هي أمور تكوّن مساراً حاسماً يفضي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وبناء نظم زراعية وغذائية أكثر إنصافاً واستدامة».
ويشمل ذلك، بحسب التقرير، سدّ الفجوات المتعلقة بالاستفادة من الأصول والتكنولوجيا والموارد. وتبيّن الدراسة أنه «لكي تنجح التدخلات الهادفة إلى تحسين إنتاجية المرأة، ينبغي لها أن تعالج أعباء عمل الرعاية والعمل المنزلي غير المأجور وتوفر التعليم والتدريب وتعزز أمن حيازة الأراضي لصالح المرأة». وقد كان الحصول على رعاية الأطفال ذا أثر إيجابي كبير أيضاً على عمالة الأمهات، بينما أثبتت برامج الحماية الاجتماعية مساهمتها في زيادة عمالة المرأة وقدرتها على الصمود.
ويشير التقرير أيضاً إلى أنّ «النُهج التحويلية المراعية للمساواة بين الجنسين تبشر بالخير من حيث تغيير المعايير التمييزية، وهي فعالة من حيث الكلفة وتدرّ مكاسب كبيرة».
وأوصى التقرير بـ «معالجة النقص المستمر في البيانات العالية الجودة المصنّفة بحسب نوع الجنس والعمر وغير ذلك من أشكال الممايزة الاجتماعية والاقتصادية، وهو أمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى رصد التقدم المحرز وتسريع وتيرته من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين في النظم الزراعية والغذائية».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bs9hhpy6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"