عادي

في غمرة القتال.. مستشفيات الخرطوم تتجاوز حد الكارثة

12:48 مساء
قراءة 4 دقائق
الخرطوم - رويترز
بعد انفجار الوضع في السودان فجأة، أصبح هناك جثث بغير دفن ونوافذ حطمتها طلقات الرصاص في العدد المحدود الذي مازال يعمل من المستشفيات في العاصمة الخرطوم وطواقم الرعاية الطبية هجرت المستشفيات في ظل دوي القصف المدفعي حولها.
ويصف الأطباء وموظفو المستشفيات الظروف المروعة المتمثلة في عدم وجود مياه للتنظيف وقلة الكهرباء اللازمة لتشغيل معدات إنقاذ الحياة ونفاد الطعام، ما يضطرهم إلى إرسال المرضى إلى منازلهم ورفض دخول أي مصابين جدد.
ويوجد عدد من أفضل مستشفيات السودان في وسط الخرطوم، حيث يدور أشرس قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما يتطلب من الأطباء والمرضى الشجاعة للوقوف في وجه إطلاق النار والقصف.
وقالت وزارة الصحة السودانية إن 270 شخصاً على الأقل قُتلوا منذ اندلاع العنف في نهاية الأسبوع الماضي وأصيب أكثر من 2600 شخص إلى جانب آخرين لا يزالون يحتاجون إلى علاج، ما ينذر بكارثة جراء الانهيار السريع لنظام الرعاية الصحية.
وأوضحت إسراء أبو شامة، طبيبة في وزارة الصحة السودانية، أن «المستشفيات التي تقدم خدمات للجرحى الآن قليلة جداً، وعدد الأطباء محدود، ولذا هناك تكدس من الجرحى».
وأضافت «وعلاوة على هذا، لا يستطيع جميع المصابين الوصول إلى المستشفى في ظل إطلاق النار، نحتاج فعلاً لفتح المستشفيات العامة والخاصة لتقديم الخدمات الطبية لجميع المصابين والمرضى».
وقال أحد خريجي الجامعات يبلغ من العمر 25 عاماً، أصيب برصاصة في كتفه، لكنه رفض الكشف عن اسمه خوفاً من استهدافه «وجدنا مستشفى يعمل لكنه يعاني من قلة الخدمات بسبب عدم توفر الكهرباء».
وذكر العاملون في أحد مراكز رعاية الأطفال المصابين بالسرطان في الخرطوم، إنهم أوقفوا العلاج مؤقتاً بعد توقف مولد الكهرباء.
وأفاد أشرف الفكي، مدير الشؤون الطبية في مستشفى البراء للأطفال بالخرطوم، بأن جناحاً واحداً لا يزال يستقبل المرضى هذا الأسبوع مع وجود طبيب واحد لرعاية طفلين حديثي الولادة باستخدام أجهزة التنفس الصناعي.
وتوفي أحدهما بعد ذلك بوقت قصير وتم إجلاء الثاني في النهاية، وقال الفكي: «لا أعرف ماذا أفعل».
وقالت نقابة أطباء السودان إن تسعة مستشفيات تعرضت لقصف بالمدفعية وتم إجلاء 16 شخصاً قسراً على مدى الأيام الأربعة الماضية، مضيفاً أنه لا يوجد مستشفى منها يقدم خدمة كاملة داخل العاصمة.
وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر السوداني أسامة عثمان: «المستشفيات منهارة تماماً وخالية من كل الضروريات.. الوضع أكثر من كونه كارثياً».
- خارج الخدمة
شاهد صحفي من رويترز جريحاً ينزف خارج أحد مستشفيات الخرطوم هذا الأسبوع، وكان يبحث عمن يساعده، لكنه اضطر إلى المغادرة بسبب عدم وجود أطقم طبية تعالجه.
وقال خالد فضيل، المدير العام في مستشفى فضيل الخاص: «في كل مكان حولنا، نتعرض لإطلاق نار وقنابل.. خزانات المياه وأنابيب الطهي في المستشفى تأثرت إلى جانب فرار كثيرين من الموظفين»، مشيراً إلى أن وقود الديزل المستخدم في مولد الكهرباء أوشك على النفاد، وأن خزانات المياه لا يمكنها الوصول إلى المنطقة.
وأفاد فضيل بأن مستشفاه هو الوحيد الذي ما زال يعمل في المنطقة ويعالج أكثر من 30 مصاباً من مصابي القتال، بينما لحقت أضرار بالمستشفيات الأخرى المجاورة بسبب القصف المدفعي.
وأشار إلى أن المستشفى لم يعد قادراً على تقديم الخدمات، وأنه يعمل حالياً على نقل المرضى إلى منازلهم مع إعطائهم تعليمات حول الرعاية الذاتية، أو إحالتهم إلى المرافق الطبية القليلة المتبقية التي مازالت تعمل. وقال فضيل «نحن خارج الخدمة حتى ينتهي كل هذا».
وقال الفكي إن ممرضين أصيبا بطلقات طائشة أثناء عملهما في أحد الطوابق العلوية من مستشفى البراء للأطفال.
ومضى يقول: «يسود ذعر كبير بين الطاقم الطبي لأنهم لم يعتادوا على أصوات المدفعية هذه، في جميع أنحاء العالم، تتمتع المستشفيات بالأمن في أوقات الحرب. ويكون بوسع المستشفيات الحصول على إمدادات وبوسع العمال القدوم والمغادرة بأمان، لكن ليس لدينا هذا».
وقال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، إن الأطباء يواجهون خطراً حقيقياً، مضيفاً «نشعر بقلق شديد من التقارير التي تتحدث عن هجمات مسلحة على مؤسسات صحية وخطف سيارات إسعاف في أثناء نقل مرضى بداخلها. المؤسسات الصحية تتعرض للنهب والاحتلال».
- الإصابات
اشتكى لؤي أحمد، أحد المتطوعين في المستشفى الدولي في مدينة بحري المجاورة للخرطوم، من نقص الإمدادات، ومنها الحقن الوريدية والعقاقير المنقذة للحياة.
لا يستطيع الموظفون الوصول إلى المشرحة بسبب القتال، ومن ثم يتم حفظ الجثث في غرف مزودة بمكيفات الهواء.
وقال أحد الزائرين ويدعى أحمد إن بعض الجثث كانت ملقاة في الهواء الطلق.
ولا يمتلك المرضى من أصحاب الأمراض المزمنة، مثل هؤلاء الذين يحتاجون إلى علاج غسيل الكلى، سوى خيارات قليلة.
وفي أحد المستشفيات غرب الخرطوم، ذكر رجل يبلغ من العمر 54 عاماً بدا متعباً وخائفاً جداً من الإفصاح عن اسمه أن غسيل الكلى كان آخر خدمة لا تزال تعمل هناك.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yj68jpdm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"