عادي

التنقيب عن الآثار بوابة الاستشراق

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق
3

القاهرة: الخليج

أصدرت دار العربي للنشر والتوزيع كتاب آرثر بروم ويجول، وعنوانه: «رؤية استشراقية.. مذكرات عالم آثار إنجليزي في مصر» ترجمة سمير محفوظ بشير.

وآرثر بروم عالم آثار مصرية، وعمل في حقبة تالية من حياته صحفياً ومؤلفاً ومصمم مناظر مسرحية، ولد عام 1880 التحق وهو شاب بجامعة أكسفورد، بعد التخرج سافر إلى مدينة ليبزج الألمانية، ثم عاد إلى إنجلترا، ليلتحق بمعية عالم الآثار الشهير فلاندرز بتري، وسافر إلى مصر ليعمل هناك، وانتقل بعد ذلك ليعمل مع عالم الآثار الألماني ولهلم فون لسنج، وفي عام 1905 عمل مع هوارد كارتر ثم بعد مدة تسلم منصب زميله هذا، وأصبح كبير مفتشي الآثار بمنطقة مصر العليا التي تمتد من نجع حمادي حتى حدود السودان.

ظل آرثر في الأقصر حتى عام 1911 يحمي الآثار المصرية، وفي عهده اكتشفت مقابر يويا وتويا وحور محب، وأجرى كذلك عدة رحلات إلى الصحراء الشرقية، وكان لنشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 سبب في منعه من تنفيذ إنشاء معهد لتدريب المصريين على دراسة الآثار، وسافر بعد ذلك إلى وطنه، وهناك عمل مصمماً للمناظر المسرحية وناقداً سينمائياً، وحولت إحدى رواياته لتصبح فيلما سينمائيا بعنوان «الرمال الحارقة»، ثم عاد بعد ذلك إلى مصر صحفيا مندوباً عن صحيفة «الديلي ميل» في مناسبة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون عام 1922.

هناك شاهد لورد كارنارفون وهو يمزح ويضحك قبل نزوله المقبرة لذا علق بقوله: «إذا استمر هذا الرجل بهذه الروح الفكاهية فأنا أعطيه ستة أسابيع ليظل على قيد الحياة» وهذا ما حدث فعلاً، وتوفي الرجل وهو لا يزال في مدينة الأقصر.

امتداد تاريخي

تناولت أعمال آرثر مجموعة كاملة من تاريخ مصر القديم من خلال السير التاريخية والكتب الإرشادية والروايات الشعبية والسيناريوهات وكلمات الأغاني التي بلغت أكثر من عشرين عملاً، وتوفي في يناير 1924، وربما يتساءل البعض: لماذا يرغب عالم في المصريات أن يهجر مؤقتاً تعاملاته مع المومياوات، ثم ينخرط في فحص شؤون السياسات الحالية.

يقول: «لقد ثبت أخيراً بشكل مؤكد أن المصريين الذين عاشوا في الزمن الماضي والحاضر هم في الواقع شعب واحد، وفي علم الإنسانيات لن تجد أي فارق بينهم، فقط هم عانوا نوعاً ما تدهور الحالة النفسية، وربما يكونون قد فقدوا بعضاً من مبادئ المبادرة وتحديد الأهداف، كما يحدث لأي إنسان منّا في حياته، بعدما يتعرض لمرض طال أمده، ولا يجد نفسه متمتعاً بالصحة والقوة كما كان العهد معه سابقاً، لكن من الناحية المادية والعقلية يمكنني أن أؤكد أن المصريين في الوقت الحالي لا يختلفون أبداً عن أجدادهم في أيام الفراعنة».

لا يرى آرثر بأساً في أن يحاول عالم في المصريات أن يفهم أحوال القدامى الذين عاشوا على ضفاف نهر النيل، دون أن يتيسر له أن يجري بعض الدراسات عن نسلهم في الوقت الحاضر، فعالم الآثار هنا سيقرر أن السياسات الحاضرة لها طبيعة مؤقتة زائلة بحيث يصعب عليه أن يهتم بها، لكن للإجابة عن ذلك يقول آرثر إن كل الأحداث التاريخية لها طبيعة مؤقتة لكن بشكل عام، تخدم في تفهم الركائز التي بها يمكن الحكم على شعب ما، من حيث طباعه وأخلاقه الوطنية.

أحوال

على عالم الآثار أن يتذكر دوما وهو يمارس جهوده الاستكشافية، أنه لا يزال يتعامل مع شعب ينبض بالحياة، لا يزال يسهم في النشاط العام السائد في العالم، لذا فالمسائل التي تختص بالأزمنة الماضية يجب أن تفسر في ضوء الأحداث الواقعة حالياً، مثلما يحدث عندما تقدر الأحوال الحاضرة بما نطلع عليه من أحداث وقعت في عهود ماضية، يجب أن تكون هناك دائماً بعض المعطيات التي تربط معاً بين الماضي والحاضر.

يجب ألا يغيب عن أنظارنا حقيقة أن الطريق الطويل للزمن يمتد على شكل خط مستمر من الماضي البعيد حتى الحاضر، وأن المسافر في هذا الطريق سيعتبر نفسه في الحقيقة جوالاً ضائعاً إذا تعذر عليه أن يتكهن بمعالم بداية الطريق، وإلى أي تجاه يسير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ya5hw737

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"