عادي
علاقات قوية ومتينة ذات رؤية مشتركة للمستقبل

الإمارات وفرنسا.. شراكة استراتيجية بإرادة سياسية

20:09 مساء
قراءة 5 دقائق
1
  • علاقات البلدين دعامة رئيسية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية
  • الإمارات تستضيف 25 ألف فرنسي أكبر جالية فرنسية في الخليج
  • 6.8 مليار دولار حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين
  • 111.1 مليون دولار إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى فرنسا
  • الشراكة الثقافية بين الإمارات وفرنسا تمد جسور التواصل بين الشعبين
  • 10000 طالب بالمدارس الثانوية الفرنسية المعتمدة بدولة الإمارات


إعداد: راشد النعيمي

تكتسب العلاقات الإماراتية-الفرنسية سمات متميزة ترفع من درجة أهميتها وتدفعها دائماً لمزيد من التقدم للأمام، وتحقيق خطوات إيجابية، استناداً إلى إرادة سياسية مشتركة تحرص دوما على دعمها وتطويرها، خاصة في ظل الجهد العالمي الذي يبذله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لترسيخ الاستقرار الإقليمي، والتصدي للتحديات القائمة، وتمثل فرنسا قبلة مهمة في إطار هذا التوجه، إضافة إلى علاقات تشمل مجالات أخرى متنوعة، كالثقافة والاقتصاد الذي يشهد تنامياً كبيراً في حجمه ونوعه.

وخلال السنوات الماضية شكلت العلاقات المميزة بين البلدين دعامة رئيسية لمواجهة أنواع مختلفة من التحديات، الإقليمية والدولية، ولعبت دوراً بارزاً في التصدي للتطرف والتعصب، وأسهمت في نشر مفاهيم التسامح والتعايش بين الأديان والمجتمعات، كما غدت العلاقات نموذجاً متفرداً في الشراكة الاستراتيجية في مجالات عدة، كالثقافة والتكنولوجيا والعمل المناخي.

زيارة تاريخية

ومثّلت زيارة الدولة التي قام بها صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، إلى باريس في يوليو/ تموز 2022 والتي وصفها الرئيس ماكرون بالتاريخية، علامة بارزة في مسيرة العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين الإمارات وفرنسا، ومنحت هذه العلاقات قوة دفع نوعية كبرى خاصة أنها كانت هي الزيارة الأولى خارجياً، عقب تولّي سموه رئاسة الدولة، حيث اختيرت فرنسا محطة أولى للتحركات الدولية للسياسة الخارجية، ما يمثل العديد من الدلالات الاستراتيجية العميقة.

وبدأت العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين الإمارات وفرنسا بعد فترة وجيزة من تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، كما تأسست سفارة دولة الإمارات في باريس في 14 فبراير/ شباط 1973، بينما تم إنشاء سفارة فرنسا في أبوظبي في العام نفسه، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقات تسير وفق مسار متصاعد، وعمل متواصل على تمتينها حتى باتت الدولة اليوم تستضيف أكبر جالية فرنسية في بلدان الخليج العربي، وتضمّ أكثر من 25 ألف فرنسي مسجّلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج، كما تستضيف دولة الإمارات أكبر عدد من الشركات الفرنسية في الشرق الأوسط، بعدد 600 شركة يعمل فيها أكثر من 30 ألف موظف، مع زيادة عددها بنحو 10% سنوياً في السنوات الأخيرة.

وتمثل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة في مجال الطاقة بين الإمارات وفرنسا خطوة هامة في إطار تعزيز أمن الطاقة وتوفيرها بتكاليف مقبولة، والحد من الانبعاثات، إضافة إلى دفع العمل المناخي الفاعل استعداداً للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف «COP28» التي تعقد في دولة الإمارات عام 2023، وتستند إلى العلاقات الثنائية الوثيقة والراسخة، والشراكات طويلة الأمد بين الإمارات وفرنسا، كما تتيح منصة فاعلة لتعزيز التعاون مع الجمهورية الفرنسية التي تعد شريكاً استراتيجياً وثيقاً لدولة الإمارات، لتوفير طاقة آمنة ومستدامة بأسعار مناسبة تسهم في دفع النمو الاقتصادي والازدهار والتقدم.

كما أعلنت الإمارات والجمهورية الفرنسية وجمهورية الهند مطلع العام الجاري، تأسيس مبادرة تعاون ثلاثي بينها، ووضع خريطة طريق لبدء تنفيذها، وأكدت الدول الثلاث أن المبادرة الثلاثية ستكون بمثابة منتدى لتعزيز ورسم وتنفيذ مشاريع التعاون في مجالات عدة، منها الطاقة والتغيّر المناخي.

كما ستكون هذه المبادرة بمثابة منصّة لتوسيع التعاون بين الوكالات الإنمائية من البلدان الثلاثة في مجال المشاريع المستدامة، إضافة إلى تنظيم مجموعة من الفعاليات الثلاثية المشتركة في إطار رئاسة جمهورية الهند لمجموعة العشرين G20، واستضافة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأطراف «COP28» العام الجاري.

اقتصاد متنام

وترتبط الإمارات وفرنسا بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، وتعكس بيانات التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وفرنسا، قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين الممتدة منذ عقود طويلة، حيث وصل إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين إلى ما يزيد على 25.2 مليار درهم بنهاية عام 2021، حسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.

وتعد الإمارات ثاني أكبر مستثمر من مجلس التعاون لدول الخليج العربية في جمهورية فرنسا، وهناك العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين في مختلف القطاعات الاستراتيجية،والتي تأتي ضمن إطار مبادرتَي «فرنسا 2030» و«اصنع في الإمارات»، كما تعد فرنسا أحد المستثمرين الأجانب الرئيسيين في الإمارات العربية المتحدة، وبلغت الاستثمارات الفرنسية المباشرة في الإمارات 2.5 مليار يورو في نهاية عام 2020، في حين تحتل الإمارات العربية المتحدة المركز ال 35 في قائمة المستثمرين الأجانب في فرنسا.

وارتفع إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وفرنسا بنسبة 28% من 2020 إلى 2021، لتصل إلى 6.8 مليار دولار أمريكي في عام 2021 من 5.3 مليار دولار أمريكي في عام 2020، حيث مثل ارتفاع واردات الإمارات من فرنسا المحرك الرئيسي وراء ارتفاع التجارة لتصل إلى 6 مليارات دولار في عام 2021 من 4.8 مليار دولار في عام 2020. كما توسعت إعادة التصدير الإماراتية، لتصل إلى 631 مليون دولار أمريكي في عام 2021 من 496 مليون دولار أمريكي في عام 2020. وبالمثل، فقد وصلت صادرات دولة الإمارات إلى 145 مليون دولار أمريكي في عام 2021 من 118 مليون دولار أمريكي في عام 2020.

من جانب آخر بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى فرنسا 111.1 مليون دولار أمريكي، بين عامَي 2017 و2021. في حين بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الفرنسي إلى الإمارات نحو 3 مليارات دولار للمدة نفسها.

وأبرز قطاعات الاستثمار الرئيسية في فرنسا هي المنتجات الاستهلاكية، والطاقة المتجددة والبرمجيات وخدمات تكنولوجيا المعلومات وخدمات الأعمال والمكونات الإلكترونية.

شراكة ثقافية

كما يولي البلدان عناية خاصة للشراكة الثقافية بينهما، إيماناً منهما بأهميتها في مد جسور التواصل بين شعبي البلدين، وخلال السنوات الماضية شهدت هذه الشراكة إنجازات كثيرة تمثلت في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تروّج له فرنسا في الخارج، وكذلك جامعة باريس – السوربون أبوظبي التي تأسست عام 2006، حيث تمثل الجامعة اتفاقاً تاريخياً يحقق الرؤية المشتركة بين حكومة دولة الإمارات والحكومة الفرنسية، لتحقيق أفضل المعايير في مجال التعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط.

ولعب البلدان دوراً رئيسياً في إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع /ALIPH/، كما ساهمت دولة الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس عام 2017، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في متحف اللوفر في باريس. علاوة على ذلك، قدمت الإمارات مساهمة في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر«فونتينبلو» بالقرب من باريس، بلغت 10 ملايين يورو، وبناء عليه سمّي المسرح باسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله.

وشهدت الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تطورات مهمة خلال السنوات الأخيرة، وجرى في أكتوبر/ تشرين الثاني 2018، الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس، ونتيجة لذلك تم إطلاق إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات تبث برامجها بمعدل 3 مرات في الأسبوع، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرنكوفونية.

وفي مجال التعليم تشكل المدارس الثانوية الفرنسية السبع المعتمدة في دولة الإمارات سادس أكبر شبكة مدارس فرنسية في العالم، من حيث الالتحاق، وتضم أكثر من 10000 طالب، وفي عام 2018 تم تنفيذ برنامج المرحلة التجريبية لإدخال اللغة الفرنسية في جميع المدارس الحكومية في الإمارات، حيث يتعلم الآن أكثر من 60 ألف تلميذ اللغة الفرنسية في المدارس، الحكومية والخاصة، في الدولة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5dj4b67k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"