عادي
محللون: يتحتم على الحكومة الفرنسية مراجعة أولوياتها واتباع سياسة حازمة

بعد الخروج من أزمة نظام التقاعد.. ماكرون بمأزق جديد

15:54 مساء
قراءة 3 دقائق

باريس - (أ ف ب)

لم يكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يخرج من أزمة نظام التقاعد حتى وجد نفسه أمام تحدّ أشدّ خطورة، يحتمل أموراً عدة، مع اشتعال أحياء الضواحي، نتيجة مقتل فتى برصاص شرطي.

عند انتهاء الأزمة التي نتجت عن إصلاح نظام التقاعد، أمهل ماكرون نفسه مئة يوم حتى 14 تموز/ يوليو من أجل «تهدئة» البلد، ووضع رئاسته على السكة مجدداً، وهو ما بدا في طور إتمامه.

غير أنه اليوم في مأزق جديد مع تواصل أعمال العنف والشغب لخمس ليال على التوالي في أحياء الضواحي في مختلف أنحاء فرنسا، بعد مقتل الشاب نائل البالغ 17 عاماً، الثلاثاء، برصاص شرطي.

ويبدو التعارض صارخاً بين مشاهد بلديات ومدارس وحافلات ترامواي تحترق، وصور ماكرون قبل ذلك بيومين يحيّي الحشود ويخالطها في الأحياء «الحساسة» بمدينة مرسيليا بجنوب فرنسا.

ورأى الخبير السياسي برونو كوتريس «إنه نبأ سيء جداً لرئيس الدولة واستراتيجيته؛ القاضية بترك (أجندة الحكومة) تنساب نحو 14 تموز/يوليو، والمراهنة على هدوء شهر آب/ أغسطس، وإجراء تعديل (وزاري) لإغلاق مرحلة نظام التقاعد».

أعمال الشغب

وعلى صعيد آخر، حملت أعمال الشغب في المدن الرئيسية، السبت، على تأجيل زيارة دولة كان يعتزم القيام بها إلى ألمانيا من مساء الأحد إلى الثلاثاء، وأوضح قصر الإليزيه أن ماكرون يود «البقاء في فرنسا خلال الأيام المقبلة».

وقبل ذلك ألغيت زيارة ملك بريطانيا تشارلز الثالث في نهاية آذار/ مارس، بسبب الأزمة الاجتماعية الحادة حول نظام التقاعد.

وقال مسؤول في الأغلبية مبدياً أسفه «بعد كوفيد والسترات الصفراء والحرب في أوكرانيا، يمكن القول إنه لم يبق أزمة إلا وواجهها».

وقبل أسبوع من ذلك، كان أحد الوزراء يقول مبدياً ارتياحه إنه «خلال عام كامل، لم نواجه مشكلة كبرى» من نوع فضيحة الحارس الشخصي السابق للرئيس ألكسندر بينالا الذي انتشر فيديو يظهر فيه يضرب شاباً خلال تظاهرة، أو احتجاجات السترات الصفراء، كما في الولاية الرئاسية الأولى.

الألعاب الأولمبية

ورأى برونو كوتريس أن «هذا على الرغم من كل شيء يعد كثيراً» في وقت يشعر الفرنسيون أكثر من أي وقت مضى ب«فقدان معالمهم إلى حدّ بعيد».

وأوضح: «الناس مصابون بالذهول والدهشة، لرؤية بلدنا يتخطى التوترات، وموجات العنف والأزمات الواحدة تلو الأخرى».

ويجد ماكرون نفسه «في وضع حرج حول نقطة أساسية من رسالته عام 2017؛ وهي مكافحة عزلة الشبان داخل الضواحي والتوترات في المجتمع الفرنسي».

وإن كان واجه انتقادات خلال أزمة نظام التقاعد، اتهمته بالتسلط، وفرض خططه بالقوة، فقد يثير الرئيس هذه المرة مآخذ معارضة تماماً تطالبه بفرض النظام.

وشدد الأستاذ الجامعي جان غاريغ خبير التاريخ السياسي على أنه «سيُحكم عليه بناء على قدرته على إخماد التوتر. الخطر بالنسبة إليه هو أن يبدو ضعيفاً، ويفتقد إلى التصميم».

وقد أثار غضب اليمين منذ تصريحه الأول حول قضية قتل الشاب؛ إذ ندد بعمل «لا يغتفر».

ويندد ماكرون منذ ذلك الحين بأعمال العنف «غير المبررة» التي تشهدها مدن فرنسا، مبدياً استعداده لفرض تدابير لإحلال الهدوء «بلا محظورات»، من دون أن يمضى حتى الآن إلى حد فرض حالة الطوارئ التي يطالب بها اليمين واليمين المتطرف.

وقال مسؤول الأغلبية: «انتقلنا من مرحلة التعدي على الدولة من خلال مبانيها، إلى مرحلة نهب (المتاجر). إنه عنصر يميل بالأحرى إلى القول إننا تخطينا الذروة».

مراجعة الأولويات

وسيتحتم على السلطة التنفيذية، مراجعة أولوياتها، لتدرج في مقدمتها المسائل الأمنية، والنقاش حول قواعد تحرك الشرطة.

وقبل عام من دورة الألعاب الأولمبية في باريس، حذر برونو كوتريس بأنه «لا يمكن لأي قيادي أن يجازف باشتعال الوضع مجدداً بعد بضعة أشهر».

لكن خبير التاريخ السياسي جان غاريغ لفت إلى أنه كما مع الرئيس جاك شيراك ووزير داخليته نيكولا ساركوزي خلال أزمة أعمال الشغب في الضواحي عام 2005، فإن «اعتماد سياسة حازمة وصارمة، قد ينعكس إيجاباً على إيمانويل ماكرون».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26b9vdhz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"