ليست رحلة للاستجمام

نبض
00:58 صباحا
قراءة دقيقتين

كلما طالت رحلة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي على متن محطة الفضاء الدولية، اكتشفنا نحن المتأملين لهذه التجربة الفريدة من نوعها إماراتياً وعربياً، أهمية ما يقوم به النيادي، وأنه لم يسجل مجرد حضور عربي وسط مجموعة من رواد الفضاء الأجانب، ولم يشارك فقط في التجارب العلمية التي يقومون بها ويرسلون نتائجها وما يلاحظونه ويسجلونه إلى الأرض، بل صار هو نموذجاً لتجربة علمية جديدة ومهمة، الهدف منها المساهمة في تحسين وتطوير إقامة رواد الفضاء لاحقاً في الفضاء.

طالت إقامة النيادي خارج كوكبنا وعالمنا، ولكنه لم يبتعد، بل نواكبه بالأخبار والتقارير والصور ومقاطع الفيديو، سواء تلك التي يرسلها بنفسه، أو تلك التي تنشرها وكالة الفضاء الدولية، وتستوقفنا جرأة هذا الشاب الإماراتي الذي خاض التجربة العلمية الفضائية المميزة، ليدخل التاريخ باسم الإمارات أولاً وباسمه ثانياً، والجميل أنه يجسد مواصفات الشباب الطموح والحالم بالارتقاء إلى الأعلى مهما كان الثمن، ومواصفات العالِم الذي لا يخشى تطبيق التجارب العلمية وتحويل نفسه إلى نموذج للاختبار، كما فعل حديثاً، حيث شارك سلطان النيادي في تجربة علمية مهمة، خلال وجوده على متن محطة الفضاء الدولية، والهدف من التجربة دراسة أنماط النوم لرواد الفضاء في بيئة الجاذبية الصغرى.

التجربة تمت بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية، والمركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا، والمركز الاستشفائي الجامعي في تولوز، وحملت اسم «دريمز» أي «أحلام»، لأنها تعتمد على التقاط البيانات المتعلقة بالنوم، والتي يرسلها الجهاز الموضوع على رأس النيادي، والذي يعمل خلال نومه.

ما عرفناه من خلال متابعتنا لرحلة ابن الإمارات، وتحليقه في الفضاء، ومشاركته العلمية هذه، أن رواد الفضاء يعيشون ظروفاً صعبة، وكل ما يواجهونه ويتعرضون له على متن المحطة الدولية يختلف عن طبيعة الحياة على الأرض، ولا يقتصر على ما يأكلونه وانعدام الجاذبية والأشياء التي صارت متداولة ومعروفة، بل هناك المزيد مما يفرض تغيرات، عليهم التأقلم معها بدنياً وذهنياً، فهم مثلاً يتعرضون ل 16 شروقاً وغروباً للشمس في اليوم الواحد، «ما يؤثر بشكل كبير في أنماط النوم الخاصة بهم»، لذا تأتي هذه التجربة للمساهمة في «تخطيط وتطوير العلاجات اللازمة للمشكلات الذهنية الناجمة عن الظروف المحيطة برواد الفضاء، بهدف تحسين نوعية النوم والصحة العامة خلال المهمات الفضائية طويلة الأمد».

تقلبات وتغيرات تنعكس على صحة رواد الفضاء والوظائف «الحيوية والعقلية والسلوكية» لديهم، ما يعني أن الرحلة ليست للاستجمام، وأن ما يفعله النيادي اليوم سيسهم في تقديم خدمة يستفيد منها كل العلماء ورواد الفضاء في المستقبل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yz8yx7en

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"