دورات السلع في 2023

22:19 مساء
قراءة 3 دقائق

محمد المطوع *

تعلمت من خبرتي الطويلة لنحو 20 عاماً في قطاع الكابلات والأسلاك، أن ارتفاع أسعار السلع يمهد دوماً لمرحلة يصعب فيها توقع مسار السوق. قد تستغرق الدورة الصاعدة لأسعار السلع- والتي بدأت في عام 2020- سنوات قبل أن تستقر مجدداً. ومثلما خضعت أسواق السلع لهيمنة الدولار خلال عام 2022، نتوقع لها أن تعاني نقصاً في الاستثمارات خلال عام 2023. أفضل فئات الأصول أداء على مدار العامين الماضيين، ومن المرجح أن تبقى كذلك خلال عام 2023.

على الرغم من الانخفاضات الأخيرة في أسعارها، كانت السلع أفضل فئات الأصول أداء خلال عام 2022. وللعلم فإن دورات السلع لا تسير أبداً في خط مستقيم؛ وإنما تشهد سلسلة من الارتفاعات المفاجئة في الأسعار، وتكون تقلبات الأسعار في كل مرة أعلى من سابقتها.

تؤدي أسعار السلع وظيفة اقتصادية كمؤشر على استقرار العرض والطلب. وبمجرد أن يحقق ارتفاع الأسعار وظيفته في إعادة التوازن إلى السوق على المدى القصير، فستنقضي الحاجة إليه وتعود الأسعار إلى الانخفاض كما رأينا مؤخراً.

ويرى الخبراء الاقتصاديون، أن التنمية الاقتصادية العالمية ستعاود الانتعاش مع إعادة افتتاح الاقتصاد الصيني، وسعي القارة الأوروبية إلى تحسين كفاءة استهلاكها للطاقة، وتباطؤ ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وهذه العوامل تدعم توقعاتنا بأن السلع ستعود للارتفاع بنسبة 43% في عام 2023 (العائد الإجمالي وفقاً لمؤشر ستاندرد آند بورز جولدمان ساكس للسلع الأولية).

هل ستترسخ دورة النفقات الرأسمالية الجديدة خلال عام 2023؟ «العامل الرئيسي الذي يجب الانتباه إليه في عام 2023 هو ما إذا كانت دورة النفقات الرأسمالية الجديدة ستترسخ أم لا». يحتاج الأمر بطبيعة الحال إلى زيادة الاستثمار، وهذا مرهون بتحقيق عوائد نسبية أفضل. ومع تراجع تقييم الاقتصاد الجديد وارتفاع أسعار السلع، نقترب أكثر من دوران رأس المال هذا. ونلاحظ أن المتوسط المتحرك لنسب شارب للسلع على مدى ثلاث سنوات بدأ بالالتقاء مع مؤشر ناسداك، وقد رأينا سابقاً كيف يبدأ رأس المال بالتدفق عند التقاء هذين المسارين، ويبدأ أيضاً بالدوران بعيداً عن الاستثمار في شركات التكنولوجيا الكبرى ليتجه أكثر نحو شركات الطاقة والشركات الصناعية.

عائد النفقات الرأسمالية يدعم موقف السلع: ركزنا على تاريخ العوائد الضعيفة وانعدام الاستقرار أكثر من اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات كسبب لبطء المستثمرين في العودة إلى الاستثمار في السلع، وما يؤكد ذلك العوائد المرتفعة المستدامة في عام 2023. ونجد أن المرحلة الأولى من انتقام الاقتصاد القديم قد بدأت في عام 2022 مع ارتفاع أسعار الفائدة التي أدت إلى انخفاض تقييمات الاقتصاد الجديد. وأتوقع أن يكون عام 2023 استمراراً للمرحلة الثانية، حيث يؤدي استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية والتدفقات النقدية للاقتصاد القديم إلى تحقيق أداء متفوق، وهي الطريقة الوحيدة التي من شأنها إعادة ثقة المستثمرين وزيادة الاستثمار مرة أخرى في هذا المجال.

عام من نقص الاستثمار: مثلما خضعت أسواق السلع لهيمنة الدولار خلال عام 2022، نتوقع لها أن تعاني نقصاً في الاستثمارات خلال عام 2023. وعلى الرغم من الانخفاضات الأخيرة في أسعارها، كانت السلع أفضل فئات الأصول أداء خلال عام 2022 مع تحقيقها عوائد بنسبة 20% (وفقاً مؤشر ستاندرد آند بورز جولدمان ساكس للسلع الأولية)؛ حيث تمكن المستثمرون من الاتكال على ارتفاعات الأسعار منذ مطلع عام 2022 من خلال عائدات الاستثمار طويل الأجل. وعلينا أن لا ننسى أن دورات السلع لا تسير أبداً في خط مستقيم؛ وإنما تشهد سلسلة من الارتفاعات المفاجئة في الأسعار، وتكون تقلبات الأسعار في كل مرة أعلى من سابقتها.

* الرئيس التنفيذي لمجموعة «دوكاب»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc529uya

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي لمجموعة «دوكاب»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"