عادي
مذكرات «ليف» أصابتها بالهلع والصدمة

صوفيا.. علاقة مضطربة مع تولستوي

23:48 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة – «الخليج»

أصدرت زوجة ليف تولستوي كتابها «يوميات الكونتيسة صوفيا تولستايا» (ترجمه إلى العربية عبد الله حبه) وذلك بعد أن قرأت خلسة بعض مذكرات زوجها، فأصابها الهلع والصدمة، إذ إنه يصفها تارة بالحمقاء وتارة بالشريرة، التي تضيق عليه الخناق، وتعمل على عزله عن كل أصدقائه.

تعترف صوفيا بأنها قررت كتابة مذكراتها، بكل ما تتضمنه من تفاصيل يومية، بهدف تقديم رواية حقيقية عن علاقة مضطربة بينها وبين زوجها، في مقابل رواية الطرف الآخر «تولستوي» الملأى، من وجهة نظرها، بالتشوهات والافتئات على الحقيقة.

ظلت صوفيا تشعر بأن المعركة بينها وبين زوجها تولستوي، لم تكن متكافئة، إذ استطاع بما له من سلطة، أن يفرض على العالم رؤيته الخاصة، محولاً إياها إلى نسخة من زوجة سقراط المتسلطة، التي لم تتورع عن معاقبته بقسوة، وصولاً إلى جلده بالسوط.

أدركت صوفيا فساد العدالة الأرضية وانحيازها إلى الأقوى والأكثر نفوذاً، فلم تجد بدّاً من الاستنجاد بعدالة السماء، وقد أعفت نفسها من أي مسؤولية عما لحق بزوجها: «إذ لا ينفك تولستوي يقدم نفسه للأجيال القادمة بصفته شهيداً، وبصفتي امرأته الخاطئة».

أغلبية الكتّاب في العالم يتعاطفون مع الأديب الروسي الكبير ضد زوجته، التي يصفونها بأقذع الصفات، حيث إن أول خلاف نشأ بين الزوجين كان حول الأرض، فمن المعروف أن تولستوي نشأ في أسرة أرستقراطية، ورث عن أهله أراضي واسعة، يعمل فيها الفلاحون، فإذا جاء موسم الحصاد أخذه تولستوي وعائلته بعد أن يترك للفلاحين قدراً يسيراً منه.

فكّر تولستوي في هذه المعادلة كثيراً، وانتهى إلى رفضه هذا الظلم وتوزيع الأراضي على الفلاحين، فجُنّ جنون زوجته، ورفعت أوراقها إلى المحكمة، واستطاعت أن تعيد الأرض، وبعد صراع عنيف بين الزوجين، استسلم تولستوي.

بدأت شعبيته تطبق الآفاق، وبدأ المفكرون ورجال الأدب يتوافدون على قصره، الذي أصبح يؤمه الناس بشكل يومي، وبدأت المشكلات تنمو بين الزوجين، وكانت الفاجعة الكبرى عندما ضبطها تفتش مكتبه، فلم يقل لها كلمة واحدة، وذات ليلة بعد أن نام الجميع، خرج من قصره، وهرب إلى الأبد، من زوجته ومن حياته كلها.

لم يأخذ تولستوي معه إلا قلمه وأوراقه، ولبس ملابس الفلاحين، ووضع على رأسه غطاء، حتى لا يعرفه أحد، وغير اسمه إلى (نيقولاييف) وركب القطار، وحاول أن يذهب بعيداً إلى آخر حدود بلاده، نزل في إحدى القرى، ورقد على سرير حديدي قديم في مكتب مدير المحطة، وما إن سمعت عائلته بالخبر، حتى ذهبوا إليه.

رفض تولستوي أن يقابل أحداً، ومات، وحزن العالم عليه، وبدأت اللعنات تنهال على صوفيا، فانهارت نفسياً، ووصل بها الحال إلى الجنون، وهجرها الناس بعد موت زوجها، واعتبروها مسؤولة عن مأساته.

كانت صوفيا عقب وفاة زوجها في 1913 قد كتبت: «ليسامح الناس تلك المرأة التي ربما كانت عاجزة، منذ الشباب، عن أن تحمل على كتفيها الضعيفتين تلك المهمة الرفيعة، أن تكون زوجة رجل عبقري وإنسان عظيم».

عاشت صوفيا نحو نصف قرن إلى جانب تولستوي، وشاطرته صعوبات الحياة في المجتمع القيصري، وفي صعوده سلّم المجد حتى أصبح من أشهر كتّاب روسيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

تزوجت صوفيا تولستوي عام 1862 وأصبحت تحمل لقب كونتيسة، حين كانت في الثامنة عشرة من عمرها، وشبت في كنف أب هو طبيب الأسرة القيصرية، وكانت تجيد ثلاث لغات، وتعزف على البيانو، واتسمت بطبيعة شاعرية، وخالفت زوجها في تقييمه للفنون، الذي ورد في كتابه «حول الفن».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2yte3vt8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"