عادي

ثواب القرآن.. هل يصل إلى الميت؟

22:51 مساء
قراءة 3 دقائق

- لدي أمر حيرني وهو أن رجلاً أوقف أرضاً في قراءة القرآن ليصله أجر القراءة بعد مماته. والقائمون على الوقف يُخرجون الأموال ويعطونها إلى من يقرؤون القرآن، حسب ما أوقفه الواقف، فهل ذلك صحيح؟ وكيف يصرف مال الوقف؟

  • يجيب مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عن ذلك بالقول: الوقف المذكور صحيح ويصرف على ما شرط الواقف، فإذا كان قد خصه بمن يقرأ القرآن ليصل ثوابه إليه صرف عليه. قال الشيخ بهرام في «تحبير المختصر»: «الواقف إذا شرط في وقفه شرطاً يجوز، اتبع، ولا تجوز مخالفته؛ لأن ألفاظه تتبع كما تتبع ألفاظ الشارع، واحترز بالجائز مما إذا شرط ما لا يجوز كالمعصية، فإنه لا يتبع». وقراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت عمل جائز، فقراءة القرآن تصل إلى الميت كما عليه أكثر أهل العلم، والأجرة عليه جائزة، ففي حاشية الشيخ الدسوقي على «الشرح الكبير للشيخ الدردير»: «ذكر ابن فرحون أن جواز الإجارة على قراءة القرآن مبني على وصول ثواب القرآن إلى من قرئ لأجله كالميت ثم استدل على أن الراجح وصول ذلك إليه بكلام ابن أبي زيد وغيره». قال الشيخ محمد الخضر الشنقيطي في «كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري»: «ذهب أبو حنيفة وأحمد إلى وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت، لما روى أبو بكر النجار في كتاب «السنن» عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من مر بين المقابر، فقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجرها للأموات، أعطي من الأجر بعدد الأموات»، وفي «سننه» عن أنس يرفعه: «من دخل المقابر فقرأ سورة يس، خفف الله عنهم يومئذ»، وعن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من زار قبر والديه أو أحدهما، فقرأ عنده أو عندهما يس، غفر له»، والصحيح من مذهب مالك والشافعي وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت.

وفي تفسير القرطبي ما نصه: «قال علماؤنا: ويستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور، وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن، وقد بينا هذا المعنى في «كتاب التذكرة» بياناً شافياً، وأنه يصل إلى الميت ثواب ما يهدى إليه، ومما استدل به في التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة: «قال محمد بن أحمد المروزي، سمعت أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، يقول: إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد، واجعلوا ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم... وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث العسيب الرطب الذي شقه النبي، صلى الله عليه وسلم، باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً، ثم قال: «لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا»، أخرجه البخاري ومسلم».

وقال الشيخ الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: «حكى ابن الفرس عن مذهب مالك: إن من قرأ ووهب ثواب قراءته لميت جاز ذلك ووصل للميت أجره ونفعه، فما ينسب إلى مالك من عدم جواز إهداء ثواب القراءة في كتب المخالفين غير محرر». وقال الشيخ البناني في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل: «في آخر نوازل ابن رشد في السؤال عن قوله تعالى: «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)» قال: وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك وحصل للميت أجره، وقال ابن هلال في نوازله الذي أفتى به ابن رشد وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم ويصل إليه نفعه ويحصل له أجره إذا وهب القارئ قراءته له وبه جرى عمل المسلمين شرقاً وغرباً، وقفوا على ذلك أوقافاً واستمر عليه الأمر منذ أزمنة سالفة».

وقد نص الشيخ الحطاب قبله على المسألة في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل. وقال الشيخ الشربيني في «مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج»: «وحكى المصنف، يعني النووي، في شرح مسلم والأذكار، أن ثواب القراءة يصل إلى الميت كمذهب الأئمة الثلاثة، واختاره جماعة من الأصحاب، منهم ابن الصلاح، والمحب الطبري، وابن أبي الدم، وصاحب الذخائر، وابن أبي عصرون، وعليه عمل الناس، وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8a7744

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"