مركب الجنوب العالمي

21:45 مساء
قراءة 3 دقائق
موديرن ديبلومسي

في عصر يتسم بالصعود الاقتصادي والسياسي لدول الجنوب العالمي النامية، يأتي تحالف «بريكس»، بشكله القديم والجديد، ليقول للغرب بقيادة الولايات المتحدة، أنا هنا. في وقت وصل فيه صدى قصص وحكايات النظام العالمي الجنوبي إلى القاعات البرلمانية ووسائل الإعلام ومراكز الفكر وأروقة السياسة المختلفة.

لقد شكلت العواقب الاقتصادية والسياسية واسعة النطاق الناجمة عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، وفشلها في الوفاء بالتزامات التمويل المناخية إلى جانب تداعيات الأمن الصحي والغذائي، خيبة أمل شديدة عند الدول النامية التي تقفز الآن داخل مركب مجموعة «بريكس»، والتي تجاوز نفوذها الاقتصادي بالفعل نظيرتها «السبع» في نسبة الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع 32% مقابل 30% للأخيرة، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة إلى 50% في عام 2030.

تدعو دول «بريكس» إلى نظام عالمي عادل، وإصلاح المؤسسات الدولية القائمة مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بقيادة الغرب. وهو ما يتوافق مع اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر/كانون الأول 2022 قراراً بعنوان «نحو نظام اقتصادي دولي جديد». وكان هذا القرار، الذي حصل على تأييد 123 صوتاً، بمثابة ضربة قوية لسياسة الكتلة الغربية. حيث أعربت الجمعية العامة عن قلقها البالغ إزاء تزايد الضعف المتعلقة بالديون في البلدان النامية، والسياسات والشروط الصارمة لمؤسسات المالية العالمية الغربية.

ونتيجة لذلك، طالبت الأمم المتحدة باستكشاف وسائل وأدوات جديدة يمكن أن تساعد على تخفيف أعباء الديون على الدول النامية. كما دعا أمينها العام أنطونيو غوتيريش، في خطابه في قمة «بريكس» الأخيرة، إلى إصلاحات في المؤسسات الدولية للتكيف مع المشهد الاقتصادي والتكنولوجي المتغير. مما يؤكد صحة وشرعية مطالب دول «بريكس»، وخصوصاً فيما يتعلق بالتمييز الاقتصادي والبيئي الذي تواجهه إفريقيا.

وفي السياق، أحرز مركب «بريكس» تقدماً كبيراً في رحلته نحو هدف إعادة هيكلة وإصلاح المؤسسات العالمية وكسر الهيمنة الغربية. ويعتبر بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة، والذي يُحاكي نموذج البنك الدولي، تطوراً لافتاً في هذا الصعيد. فهو يوفر التمويل اللازم لمشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء الدول النامية، ويلبي احتياجات الاقتراض للدول ذات الدخل المنخفض من خلال منح القروض دون أية مخاوف خاصة بشأن أسعار الصرف أو شروط على غرار صندوق النقد الدولي.

ومنذ إنشائه، وافق بنك التنمية الجديد لمجموعة بريكس على توفير 32 مليار دولار لمشاريع التنمية المستدامة والبنية التحتية في جميع أنحاء العالم. واتفق أعضاء الكتلة على تأسيس صندوق إقراض احتياطي للطوارئ بقيمة 100 مليار دولار، لمساعدة أي عضو يمر بأزمة مالية. وكان صندوق دعم الطوارئ الأساسي التابع للبنك، والذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار، قدم في وقت سابق دعماً كبيراً للدول النامية لمكافحة جائحة فيروس كورونا. إلى ذلك، تتسارع الدعوات والخطابات المباشرة وغيرها للتخلص من الدولار الأمريكي بطريقة أصبحت تشكل تهديداً خطيراً لعرش العملة الأقوى عالمياً. وتأكيداً لذلك أصدر قادة دول «بريكس» بيانات لاعتماد عملة احتياطية بديلة للدولار واستخدامها في التجارة الدولية.

ومن الأمثلة على ذلك، مسألة تسعير السعودية صادراتها النفطية للصين باليوان بدلاً من الدولار. وبدء الأرجنتين وبوليفيا بتسوية مدفوعات صندوق النقد الدولي والواردات والصادرات باليوان أيضاً كبديل لاحتياطيات الدولار المتضائلة بالفعل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2hakz7fs

عن الكاتب

منصة إخبارية متخصصة بالشؤون الديبلوماسية ولها تأثير كبير في الساحة الأوروبية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"