القتل.. أسلوب حياة

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

«ابقوا في منازلكم واغلقوا الأبواب..هناك شخص يطلق النار». هذا إنذار ليس في حالة حرب، إنه أمر من شرطة ولاية مين الأمريكية للناس كي يبقوا في منازلهم وعدم الخروج، بعد حادث إطلاق نار عشوائي وقع قبل ثلاثة أيام، في ثلاثة أماكن متفرقة بمدينة لويستون قتل فيه 22 شخصاً وجرح ما بين 50 و60 شخصاً.

هذا الحادث هو واحد من حوادث شبه يومية في الولايات المتحدة التي تشهد دوامة عنف متكررة يروح ضحيتها مئات الأبرياء من المواطنين في الشوارع العامة والمتاجر والمدارس والجامعات والحدائق. إذ إن هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 330 مليون نسمة، فيه حوالي 400 مليون قطعة سلاح، أي إن عدد قطع السلاح أكثر من عدد السكان. لذلك ليس غريباً وقوع 198 عملية إطلاق نار جماعي في الأسابيع ال 19 الأولى من عام 2022 حسب «أرشيف العنف المسلح» الأمريكي. وبحسب موقع «إيه بي سي نيوز» قتل حتى الآن «أكثر من 11500 شخص في أعمال عنف مسلح في عام 2023، واستخدمت الأسلحة النارية لقتل 13286 شخصاً في عام 2015، باستثاء حالات الانتحار».

من الواضح، أن من بين أسباب حيازة هذا الكم الهائل من الأسلحة بأيدي الأمريكيين، أن التعديل الثاني لدستور الولايات المتحدة لعام 1791يحمي حق المواطن في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها، ما جعل من حمل السلاح أسلوب حياة، الأمر الذي أدى إلى حالة من التفلت، وبالتالي تزايد في عمليات القتل العشوائي وجرائم الكراهية لأسباب عرقية أو دينية أو عنصرية أو اجتماعية أو نفسية، من دون القدرة على ضبط عمليات إطلاق النار الجماعية، ما جعل الجرائم في مسار تصاعدي.

لم تفلح كل الجهود للحد من انتشار الأسلحة، ووضع قوانين صارمة لضبطها، إذ تثير قضية الأسلحة انقساماً على أسس حزبية. وأشارت دراسة أجرتها «مؤسسة غالوب» إلى أن الديمقراطيين أجمعوا تقريباً على دعمهم لقوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة، حيث أيد ما يقرب من 91 في المئة وجود قوانين أكثر صرامة، فيما وافق 24 في المئة فقط من الجمهوريين على ذلك.

وعلى الرغم من تصاعد الجرائم والفشل في وضع حد لها، فإن «الجمعية الوطنية للبنادق» تعتبرأقوى جماعة ضغط لحيازة الأسلحة، مع ميزانية كبيرة للتأثيرفي أعضاء الكونغرس في سياسة الأسلحة، ولطالما أنفقت هذه الجمعية مع غيرها من المنظمات ملايين الدولارات في الحملات الانتخابية التشريعية لمجلسي النواب والشيوخ في إطار عملية استقطاب المشرعين للحيولة دون الحد من القوانين المعمول بها لحيازة الأسلحة.

ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) فإن جرائم الكراهية زادت 11.6 مقارنة بالعام الماضي، وأغلب هذه الجرائم مدفوعة بتحيزات عنصرية وعرقية ودينية.

هذه هي الولايات المتحدة، الدولة العظمى، التي تعطينا دروساً يومية في الحرية وحقوق الإنسان وحقه في الحياة، والقانون الدولي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvnar9xu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"