عادي
خالد بن زايد يشهد محاضرة «حلول مستوحاة من الطبيعة»

مايكل باولين: التكنولوجيا وحدها لن تنقذنا وعلينا إنتاج نفايات أقل

00:52 صباحا
قراءة 4 دقائق

أبوظبي: سلام أبوشهاب
استضاف مجلس محمد بن زايد بقصر البطين في أبوظبي، أمس الأول الخميس، محاضرة بعنوان «حلول مستوحاة من الطبيعة لمستقبل مستدام»، شهدها سمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، وألقاها مايكل باولين مهندس معماري ومبتكر في التصميم المستوحى من الطبيعة لإنشاء بيئات جديدة ومستدامة.

في بداية المحاضرة، عرض باولين فيديو تسجيلياً تحدث فيه عدد من المسؤولين والخبراء عن جهود الإمارات في تحويل الصحراء إلى واحات خضراء، وتعزيز جهود الطاقة البديلة.

وقال إننا بحاجة إلى تصميم المباني، بحيث لا نقتصر فقط على الحد من مدى مساهمتها في تغير المناخ، وإنما أن نتعدى ذلك إلى عكس التغير المناخي، ومهما فعلنا نعلم أننا لن نستطيع إبطال تغير المناخ بالكامل حتى لو أوقفنا كل أشكال انبعاث الكربون، لذا نحن بحاجة إلى تصميم مبانينا لمراعاة المرونة في مواجهة المناخ، وتصميم مدننا بحيث يكون لدينا المزيد من الظل حول المباني للتعامل مع فصول الصيف الأشد حرارة، وأنظمة جمع المياه لاستغلال الأمطار الغزيرة من دون التسبب في الفيضانات.

وأضاف، أعتقد أننا في الواقع نعيش لحظة حرجة جداً في التاريخ، وخلال ال60 عاماً الماضية أباد العالم أكثر من ثلثي الكتلة البيولوجية الحيوانية البرية على كوكب الأرض، وقد قطعنا ثلثي الطريق نحو أن نصبح نوعاً عقيماً من الكائنات، لذا سيكون من السهل استنتاج أننا نتسابق نحو الانقراض.

الاستهلاك الواعي

قال مايكل باولين، نحن بحاجة إلى التوسع من منظور عالمي إلى منظور كوكبي، وإدراك أن رفاهنا لا يمكن فصله عن رفاه الأنظمة الحية التي تدعمنا وتوفر الضروريات الأساسية للحياة.

وأوضح أننا مررنا بمراحل مختلفة من الوعي الفردي إلى القبلي إلى التقليدي إلى الحديث وما بعد الحديث، ويمكننا أن نرى أن العصر الحديث كان ينطوي على النزعة الاستهلاكية ورفض التقاليد، ثم بدا واضحاً في النهاية أن هناك بعض العيوب الخطيرة في هذه العقلية والتي أدت إلى العصر ما بعد الحديث الذي شمل الاستدامة وفكرة النزعة الاستهلاكية الواعية التي مفادها أنه يمكننا إنقاذ الكوكب من خلال تصميم المباني على نحو يقلل من تأثيرها على البيئة.

وقال أعتقد أن الكثير أصبحوا يدركون أن هذا لم يقدنا إلى مستقبل آمن للبشرية، فمعظم أشكال الاستدامة التقليدية كانت تركّز على الحد من التأثيرات السلبية لأعمالنا بدلاً من تجنبها تماماً، وأكد أن التكنولوجيا وحدها لن تنقذنا، وأننا بحاجة فعلياً إلى الانتقال إلى المستوى التالي من تطورنا البشري، من خلال محاولة استخدام مقدار أقل من الطاقة وإنتاج نفايات أقل، والبدء في بناء مبان تكون ذات صافي كربون إيجابي.

المرحلة المتكاملة

وأضاف مايكل باولين، أن الفصل بيننا وبين الطبيعة ليس كما كنا نعتقد، بل إن ازدهار مستقبلنا كبشر يعتمد على صحة النظم الطبيعية التي تزودنا بأساسيات الحياة، وأكد أن الحلول لتحدياتنا البيئية تكمن في الطبيعة نفسها، ويمكن النظر إلى العالم الحي باعتباره مرجعاً رائعاً حول التصميم، حيث استفادت جميع المخلوقات من التحسين التطوري الذي حدث على مدى 3.8 مليار سنة، ومن خلال استلهام مراحل التأقلم في علم الأحياء، يمكن تصميم مدن ومبان وبنية تحتية أكثر كفاءة وأفضل اندماجاً في البيئة.

وتطرق إلى أمثلة لمشاريع مستوحاة من الأفكار التقليدية من الطبيعة، مثل غابة الصحراء، وهو مشروع ينتج الطاقة النظيفة والغذاء مع إعادة زراعة الصحارى.

وأشار إلى مشروع جناح حول استخراج الماء من الهواء باستخدام أساليب مستوحاة من تكنولوجيا صنع الثلج القديمة في الشرق الأوسط، وقال، دعونا نتخيل درجة حرارة الصحراء ليلاً، لنقل إنها كانت حوالي 30 درجة مئوية، درجة حرارة الفضاء الخارجي هي سالب 273 درجة مئوية، ويمكننا جعل سطح أسود غير لامع يشع الحرارة إلى الفضاء الخارجي، وبالتالي، ما كانوا يفعلونه تقليدياً، هو أنهم كانوا يضعون صينية سيراميكية على فراش من القش لتحقيق عزل حراري.

وكانت تلك الصينية تُطلى بطبقة سوداء ثم تُكسى بطبقة رقيقة من الماء، وكانوا يُخرجون الصينية بعد الغروب فقط، وفي الليالي الصافية، كان تأثير إشعاع الحرارة إلى الفضاء الخارجي كافياً لتحويل تلك المياه إلى جليد، وقبل الشروق، كانوا يجمعون تلك المياه المتجمدة ويخزنونها للاستخدام لاحقاً، والفكرة الرئيسية كانت سقفاً ذكياً لمبنى يستند إلى فكرة صنع الثلج.

أنف الجمل

وعن مشروع «مدرّج ضوء القمر» الذي يستخدم ضوء القمر المركّز لإنشاء مكان للعروض، قال مايكل باولين، لقد اكتشفنا بعض الأمور المدهشة عن القمر، يتبين أن المسافة التي تفصل القمر عن الأرض تعادل بالضبط 108 أضعاف طول قطر القمر، والشمس تبعد عن الأرض بما يعادل 108 أضعاف قطر الشمس، والشمس تعادل 108 أضعاف قطر الأرض، ونجد ذلك الرقم 108 يتكرر في أمثلة أخرى، هذه هي الزاوية الداخلية في المخمس، وكانت فكرتنا هي إنشاء مخمس من هذه المحطات الشمسية ثم وضع مسرح مضاء بالقمر في الوسط.

وأضاف أن الفكرة هي إنشاء مسرح مضاء بالكامل بضوء القمر باستخدام المرايا لتركيز ضوء القمر عندما يكون القمر بدراً، ولن يستخدم هذا أي طاقة سوى الجهد البشري الذي بُذل في ترتيب تلك المرايا.

المحاضر في سطور

مايكل باولين، مهندس معماري متميز بمشاريعه المبتكرة التي تحاكي الطبيعة، ويعد مفكراً رائداً على مستوى العالم في مجال التصميم التجديدي ومحاكاة الطبيعة، وهو مستشار يقدم النصائح للحكومات والكيانات الكبيرة حول التغيير التحويلي.

باولين مدير شركة «إكسيلوريشن آركيتكتشر» وأسسها في العام 2007، وهي متخصصة في المباني عالية الأداء وحلول الاقتصاد الدائري، وتشمل مشاريع الشركة مركز بيانات منخفض الطاقة ومصنع منسوجات خالياً من النفايات، إضافة إلى حلول متطورة للمدن الخضراء.

قبل إنشاء شركته، عمل لدى شركة «غريمشو آركيتيكتس» وأسهم بالتعاون مع أعضاء فريق الشركة في تصميم مشروع «ايدن» البيئي في المملكة المتحدة، وألَّفَ كتاب «محاكاة الطبيعة في الهندسة المعمارية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/fhejmbpc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"