الحديقة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين


- بين الغابةِ والبستان تقع الحديقة، كأنما هي ابنة الغابة وابنة البستان، لا شقيقة لها ولا أخ. وحيدة في زهورها وأغصانها الصغيرة القليلة. حديقة ملوّنة. لوحة مشتقة من عبّاد الشمس أو قوس قزح. طفلة حمراء وخضراء وصفراء وبيضاء. قرص ألوان.
**
- من الأصفر والأحمر والأزرق.. تولد كل الألوان.
**
- تعلّمنا الحديقة «قصّة الألوان» التي كتبها أستاذ تاريخ العمارة والفنون الجميلة الإيطالي مانلويو بروزاتين. يقول: «الأنغام تفضي إلى ديمومة وكثافة وإيقاع، أما الألوان فإلى غموض، ووضوح وتدرّج».
**
- تُرى أي غموض في الأصفر، وأيّ وضوح في الأبيض، وأيّ تدرّج في الأزرق؟
**
- لا تسأل الحديقة وحدها عن الألوان. ولا تسأل الرسّام وحده. الشاعر الألماني غوته له نظرية في الألوان. ويعرف في فيزياء الضوء، كما يعرف ابن الهيثم.
**
- الحديقة رمز صوفيّ، كما رمزية البستان، والحديقة امرأة لها ثياب كثيرة في خزانة مفتوحة دائماً تحت الشمس.
**
- الحديقة.. مدفن البذرة.
**
- يقول أُوشو في فلسفة «التانترا» إذا أَدَنْتَ البذرة، فسوف تدين الوردة.
**
- لم يكتب أمبرتو إيكو روايته البحثية الغموضية السرّانية «اسم الوردة» عن الورد أو عن الحدائق، بل هي سردية ليلية عن جرائم القتل، وغموض الكتب وحرائقها، وعن الأسطورة، والفكر، والشعر.. وكل هذا حديقة.
**
- للحدائقِ أسرارها ولها زائروها، وعشاقها.. للحدائق أبوابها ولها عزلات كما للمُحبّين حين تغادرهم سيّدات القلوبِ العنيفةِ فاذهب وحيداً إلى زهرة الجلّنارِ، ولا تكترثْ بالفِراق، ولا تنتظر أيَّ حب بلا سبب.. فَعِلُنْ، فَعِلُنْ، فَعِلُ...
**
الحديقةُ وزنٌ، وتفعيلةٌ، وبحور من الرمل والماءِ والزعفران.
**
لا تصدق الحكاية الجميلة الملونة التي تسردها عليك الحديقة، فليست كل الحدائق للبهجة والمرح والهواء الطلق.. ذات يوم عُثر على إدغار ألِنْ بو ميّتاً على مقعد في حديقة.
**
- كل هذه الباقات من الزهور جاءت إليك من ابنة الغابة، وابنة البستان.
-

[email protected] 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4u2c7j8c

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"