أدب الجبال.. الكتابة المنسية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

قليلاً ما يكتب الشعراء أو الروائيون نثراً عن الجبال، وقد يكون الكثير منهم مواليد جبال.

شاعر ورسّام وروائي، على سبيل الاقتراح بوسعهم أن ينجزوا عملاً رائعاً، و«الرائع».. هنا ليس إنشائياً عابراً في لغة أدبية أو بصرية عابرة، بل هو الجمالي، والتاريخي، والحكائي، والأسطوري، والسرّي الكامن في الطبيعة الجبلية.

من بعيد أو قريب أشير هنا إلى الكتابة المنسية أو ما يمكن تسميته (أدب الجبال) في الإمارات، ذلك المدى الجغرافي المكاني الذي لم يحظ بالمادة الأدبية الشعرية والروائية والقصصية، كما لم يحظ بالمادة التشكيلية البصرية مثلما حظي المدى المائي والبحري، والمدى الرملي الصحراوي عند كتّاب وفنانين إماراتيين.

تحمل جغرافيا الجبل طاقة تشكيلية عبقرية إعجازية ينتجها (المعمار) الحجري الفطري أو البرّي الذي لم تتدخل في بنيته يد الإنسان أو سطوة الآلة البلدوزرية المرعبة، فهو، ابن الجبل، من خلق الله، وعلى سجيّته وطفوليته منذ أن صاغته الطبيعة هكذا بكل وضوحه البصري، وبكل إعجازيته التشكيلية.. راسخاً في مكانه، عظيم الصورة والمعنى، قويّ الصورة،.. وناطقاً بلغة إضمارية صامتة، أو تبدو صامتة، إذا أصغى لها جيداً فنان يعرف «..من أين تؤكل كتف الجبل..».

فعل هذا التحويل الفنان التشكيلي الإماراتي محمد أحمد إبراهيم، حين صعد إلى الجبل، وأعطى حنان قلبه للأشجار، فراح يقمّطها بالقماش، كما لو يحمي عبقريتها من «العين الحمراء».

قام بهذا «التحويل» أيضاً الفنان التشكيلي الإماراتي عبد الله السعدي، أخذ السعدي يبحث عن الكائنات الحية والميّتة في الجبل، وأخذ يتقصّى أثر الرياح، ومن الصعب أن تتقصّى أثراً للرياح، ولكن، يمكنك أن تعرف المكان من رائحته.

لا يذهب الشعراء والروائيون إلى الجبال، والكثير منهم اليوم يكتب على الكمبيوتر، ونسي القلم والورقة والدفتر تماماً.

قلة نادرة من تذهب إلى الجبال، وأقل منهم من يذهب ليكتب مستنداً إلى حجر، مؤتنساً إلى ظل صخرة.

اللغة، والأفكار، واللون، والضوء مجاناً في الجبال، ولا حاجة للاستعارة، كما لا حاجة للكناية ولا للمجاز.

إنه الأدب الجبلي الذي يعطيك يده وقلبه لمجرّد أن تلقي عليه السلام.

السلام عليك أيتها الجبال، السلام عليك أيتها اللغة ويا أيتها البلاغة الفطرية الصافية مثل عين الصقر والنسر واليمامة والعصفور.

شعب يرتدي الريش ويحب الطيران في مكان جبلي كبريائي مصنوع من المياه والرياح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yzad2ywr

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"