بعثَ الله نبيَّنا محمداً، صلى الله عليه وسلم، بقُرآن عربي مُبين، بَهَرَ به عُقول فُصحاء العرب، وأقام عليهم الحُجَّة، فاعترفوا بفَضل بيانِهِ وحُسنِ كلامه. إنه كتاب الله العظيم الذي عجبَتْ الجنُّ من عجائبه، وخَضَعتْ لآياته وبَيِّناته، قال تعالى:«قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ١ يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا» الجن: 1-2. ولذلك وصَف الله تعالى كتابه بأوصافٍ تُنبئُ عن عظَمَة شأنه، قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ٤١ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)» فصلت: 41-42.
لقد اختصَّ الله شهر رمضان بنُزول القرآن، قال تعالى:«شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان»البقرة: 185، بل هو الشهر الذي كانت تنزل فيه الكتب الإلهيَّة، قال النبي، عليه الصلاة والسلام: «أُنْزلتْ صُحُفُ إبراهيم أوَّل ليلة من شهر رمضان، وأُنْزلت التوراة لسِتٍّ مَضَيْن من رمضان وأُنْزل الإنجِيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأُنزل الزَّبُور لثمان عشرة خَلَت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع عشْرة خَلَتْ من رمضان» رواه الطبراني في «المعجم الكبير».
إن الحكمة في هذا النُّزول تعظيم القرآن وبيان فضله، وتعظيم الشهر الذي نزَل فيه، والذي نعيش أيَّامه ولياليه الكريمة.
لقد عَرَف سلفُنا الصالح فضْل القرآن في هذا الشهر، فأقْبلوا عليه وشمَّروا عن ساعِدِ الجِدِّ والاجتهاد، فتدارسوه وتدبَّروه، وأكثروا فيه منَ الخَتَمات، فيا بُشْرى لمن جعل القرآن أنِيسَه وجلِيسَهُ في شهرِ رمضانَ، قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُقال لصاحِبِ القرآن: اقْرأْ، وارْتَقِ، ورَتِّلْ كما كنت تُرتِّل في الدنيا، فإن مَنْزلك عند آخرِ آية تقْرؤُها» رواه أبو داود. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: «منْ قَرَأ حرْفًا من كتاب الله فلَه به حسنة، والحسنَة بعشر أمْثَالها، لا أقول ألم حَرْف، ولكنْ أَلِف حَرْف، ولام حَرْف، وميم حَرْف» رواه الترمذي.
ولو لم يكنْ مِن فضائله إلا أنه يكون شفيعاً لِصاحبه يوم القيامة لكَفَى، قال: رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن فإنه يأْتي يوم القيامة شفيعاً لأَصحابه» رواه مسلم.
دائرة الشؤون الإسلامية - الشارقة
